2019 بالجلفة
القضاء على حي ”الزريعة” مكسب بامتياز
- 2029
شكّل رهان القضاء على أكبر حي قصديري ”الزريعة” بمدينة الجلفة سنة 2019 الذي شوّه المنظر العام بها لعقود من الزمن، ”مشهدا لا يتكرر”، تنفست من خلاله المدينة الصعداء، ولطالما شكّل ملف إزالة هذا الحي الفوضوي، أمرا ”مربكا” من حيث التعامل معه في وقت مضى من طرف الجميع؛ سلطات محلية وجماعات محلية متعاقبة، ليتقرر و«بجرأة”، التخطيط لها؛ من خلال تجنيد كل وسائل الدولة، للقضاء على هذه البؤرة السكنية الفوضوية، وترحيل قاطنيها إلى سكنات لائقة بالقطب الحضري الجديد ”هواري بومدين”.
وفقا لرئيس الدائرة الصادق حجار، تم في إطار تعليمات صارمة أسداها والي الولاية توفيق ضيف آنذاك وبتضافر جهود مختلف هيئات الدولة لا سيما منها تلك التي لها صلة بقطاع السكن، إنزال لجنة ميدانية للوقوف على السكان الحقيقيين للحي، وإحصائهم بطريقة منتظمة دامت حوالي شهرين لتُضبط عقارب الساعة على أكبر عملية ترحيل عرفتها الولاية في تاريخها، بتحديد نهاية شهر مارس لمباشرة ذلك؛ ”لم يكن الأمر بالهيّن من حيث العمل الميداني المكثف”، يضيف ذات المسؤول، ”لكن جدية التعامل مع هذا الملف الشائك منذ سنوات، اقتضت التعجيل والإسراع في تنفيذ المهمة برمتها دونما المساس بحقوق السكان، وفي نفس الوقت القضاء على نسيج عمراني فوضوي يشكل نقطة سوداء يعاني فيها قاطنوها بدرجة كبيرة، من قساوة الحياة ومرارة العيش في ظروف أقل ما يقال عنها سيئة”.
ترحيل 1000 عائلة واسترجاع 12 هكتارا
مكّنت عملية القضاء على الحي القصديري ”الزريعة” الذي يتمركز بالجهة الغربية لمدينة الجلفة على سفوح غابة جبلية، من إزالة منظر تلك البناءات الفوضوية التي كانت ترسم ملامح سيئة للوجه العمراني للمدينة، حيث نُصبت مئات السكنات المتلاصقة وبأسطح معدنية وشبكات أرضية فوضوية لقنوات الصرف الصحي وإمدادات كهربائية عشوائية، لطالما شكلت خطرا على الساكنة في ظل غياب أدنى شروط الحياة الكريمة. كما أثمر مخطط الترحيل ”الذي نُفذ في غضون يومين كاملين وبإشراف شخصي من والي الولاية”، حسب مدير السكن عبد اللطيف بلحسين، من ترحيل ما يزيد عن ألف عائلة إلى القطب الحضري ”هواري بومدين”، الذي ”يتوفر على سكنات أُنجزت بنمط هندسي راق، ومرافق عمومية ومنشآت تربوية في مختلف الأطوار التعليمية، فضلا عن مساحات للعب”.
وعلاوة على ذلك، مكنت هذه العملية من استرجاع وعاء عقاري يتربع على مساحة تناهز 12 هكتارا، خُصصت لإنجاز برنامج سكني واعد من صيغة البيع بالإيجار يضم 1129 سكنا، تتراوح حاليا نسبة إنجازه بين 15 و20 بالمائة، علما أنه يشكل رهانا وتحديا آخر لرسم معالم جديدة للمدينة.
2019 ”فأل خير” للمرحّلين
قال الكثير من المرحلين إلى القطب الحضري الجديد ”هواري بومدين” من سكان حي الزريعة القصديري، ”إن عام 2019 كان فأل خير لنا ولعائلاتنا؛ حيث تم انتشالنا من وضع سكني مزر يفتقد أدنى شروط الحياة إلى سكنات لائقة، شكلت حلما تحقق على أرض الواقع”، مشيرين إلى أن الفضل في ذلك يعود ”للسلطات العمومية في معالجة الملف”.
ومن هؤلاء المستفيدين عبد القادر كهل، الذي روى معاناته في حي ”الزريعة”، قائلا: ”مرارة عيشي دامت قرابة 10 سنوات؛ حيث فتح أبنائي أعينهم في حي قصديري كئيب المنظر، والخوف كل الخوف حينما يحل علينا فصل الشتاء ويكشر عن أنيابه ببرودة طقس لا يمكن مقاومتها إلا بجلب قارورات الغاز، وهناك من يستعمل الحطب ليتدفأ”. وأضاف قائلا: ”كنا نحن، قاطني الحي، نستغل طاقة الكهرباء بشبكة فوضوية فوق رؤوسنا، تشكل خطرا على أرواحنا وأرواح أبنائنا دونما الحديث عن قنوات الصرف الصحي الداخلية، حيث حُفر خندق أرضي تفوح رائحته الكريهة في كامل الأرجاء”. وعبّر آخرون عن امتنانهم للسلطات العمومية من خلال جرأتها في معالجة ملف حيهم السكني بإنزال لجنة ميدانية، كان أثرها واضحا في إحصاء السكان الحقيقيين للحي.
والجدير بالذكر أن عملية الترحيل عرفت ”امتعاض” الكثيرين ممن لم تشملهم العملية، و«تم إقصاؤهم” على حد تصريحاتهم آنذاك، حيث نظموا العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر الدائرة والولاية، في الوقت الذي فتحت السلطات العمومية المجال لهؤلاء لتقديم طعونهم؛ إذ تم استقبال قرابة 4 آلاف طعن تم تدارسها. وتبين أن أغلبها ”غير مؤسس باستثناء 100 حالة تم تسوية وضعيتها وإدراجها في قائمة الترحيل”.
وبفارغ الصبر يأمل سكان آخرون بعدد من المواقع القصديرية على غرار حي ”المستقبل ”و”المتشعبة” و«البناء الذاتي” و«بنات بلكحل”، أن تكون السنة الجديدة 2020 سنة ”خير” لهم؛ لانتشالهم هم كذلك من وضعهم المزري، لا سيما أن السلطات المحلية كانت تعهدت بمعالجة ملف البناءات الفوضوية ببلدية الجلفة تباعا، وضمن مخطط يهدف للقضاء نهائيا على الظاهرة.