"المساء" تتابع مخطط التوزيع ببعض أحياء العاصمة

حنفيات غاب عنها الماء و"سيال" تطالب بوقف التبذير

حنفيات غاب عنها الماء و"سيال" تطالب بوقف التبذير
  • 1566
زهية. ش زهية. ش

❊ بوابة إلكثرونية لمتابعة توزيع الماء

❊ سيال: حجارة وجذوع أشجار وُجدت داخل قنوات التوزيع

❊ أرباب أسر: بائعو الماء يرفعون سعر الصهريج إلى 1500 دج

تشهد عدة أحياء بالعاصمة، هذه الأيام، تذبذبا في توزيع مياه الشرب التي غابت عن حنفيات بعض المنازل لأزيد من أسبوع رغم الشكاوى العديدة التي تصل مصالح شركة "سيال"، المطالَبة بالتدخل لحل هذا المشكل؛ الأمر الذي أدخل العائلات أمام الارتفاع الشديد في الحرارة، في رحلة بحث عن هذه المادة الحيوية، مستنجدة في ذلك بصهاريج المياه التي تقتنيها بأسعار مرتفعة، تتراوح بين ألف وألفي دينار للصهريج، فيما تعمل الشركة المسيّرة على تنفيذ برنامج توزيع، أخذت فيه مسألة معالجة مختلف الاختلالات، بالاعتماد على بوابة جغرافية لمتابعة كل ما يحدث، وتلبية احتياجات زبائنها المتزايدة، مثل ما أكد لـ "المساء"، نائب المدير العام لشركة "سيال" أمين حمدان.

في جولة ببعض أحياء ولاية الجزائر، وقفت "المساء" على أزمة عطش تواجه بعض العائلات رغم اعتماد نظام توزيع المياه الصالحة للشرب، لتخفيف العجز المسجل، وتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية، خاصة في فصل الصيف.

أحياء لا يصلها الماء في عز الصيف

رغم ضبط البرنامج الخاص بكل بلدية من أجل التوزيع العادل للماء، فإن الواقع يثبت وجود بعض الاختلالات، ففي الوقت الذي تستفيد بعض المناطق من الماء يوميا أو يوما بيوم، فإن أحياء أخرى عديدة تشهد تذبذبا في التوزيع، بل هناك عائلات لا يصلها الماء إطلاقا، ومنها من تقطع مسافات بحثا عنه في الأحياء المجاورة، أو باقتنائه من صهاريج المياه المتنقلة، خاصة القاطنين في الطوابق العليا بالعمارات، أو السكنات الفردية، وكذا بعض المناطق المعزولة أو المعروفة بالأحواش، على غرار بلديات الرغاية، وهراوة، والمرسى، والدار البيضاء، وباب الزوار، وبرج البحري، وعين طاية وغيرها، حيث لم يصل الماء إلى بعض السكان لمدة 20 يوما، على غرار سكان حي 1000 مسكن اجتماعي تساهمي ببرج البحري، الذي عبّر بعض سكانه لـ "المساء"، عن حجم المعاناة التي يعيشونها بسبب التذبذب في توزيع الماء، وقلة تدفقه منذ شهر رمضان الماضي، خاصة بالنسبة للقاطنين في الطوابق العليا، الذين يصلهم في ساعات متأخرة من الليل، وبكميات قليلة جدا، وأحيانا لا يصلهم إطلاقا.

أحياء المرسى تعاني

ولا يقتصر الأمر على هؤلاء فقط، بل نفس المعاناة تحدّث عنها سكان 5 جويلية بباب الزوار، الذين ينقطع الماء عنهم في أولى ساعات النهار، ولا يُمنحون الوقت الكافي لملء ما يحتاجونه من هذه المادة الحيوية، غير أنهم أحسن حالا من سكان بعض أحياء المرسى، الذين يقضون أياما عصيبة نتيجة أزمة الماء، مثل ما أوضح كريم كشنيط رئيس تنسيقية المجتمع المدني لبلدية المرسى، الذي وصف الوضع في عدد من الأحياء بهذه البلدية الساحلية، بالكارثي؛ على غرار حي 20 أوت، الذي يشهد انقطاعا يدوم أسبوعا كاملا، وشارع المدارس، وشارع مفترق الطرق الأربعة، بينما يصل الانقطاع إلى عشرة أيام بحي الوئام، وبأقل حدة بالنسبة لحي المحجر، وشارع المرسى الرئيس؛ حيث يواجه هؤلاء معاناة حقيقية تقابلها وعود مؤسسة "سيال"، التي لم تأخذ شكاوى السكان بعين الاعتبار، مثل ما أشار إلى ذلك محدث "المساء"، مرجعا التذبذب الكبير في توزيع المياه بأحياء بلدية المرسى، إلى سوء تفاهم بين "سيال" ومؤسسة تصفية المياه؛ ما جعل التنسيقية تبعث بتقارير إلى الوالي المنتدب للدار البيضاء، للمطالبة بالتدخل في أسرع وقت؛ نظرا لحجم المعاناة التي طال أمدها بهذه البلدية التي تتواجد بها محطة لتحلية مياه البحر؛ ما جعل المحدث يعلق على ذلك بالمثل الشعبي المعروف "جزار وعشاه لفت"؛ في إشارة إلى حرمان السكان من الماء الذي يستفيد منه غيرهم بالبلديات المجاورة.

صهريج الماء بـ 1500 دج لإنقاذ الموقف

وقد أدى هذا الوضع إلى استنجاد بعض العائلات بصهاريج المياه التي يقتنونها بأسعار تتراوح بين 1000 و1500 دج، مثل ما أكد العديد ممن تحدث إليهم "المساء"، مشيرين إلى أن الصهاريج التي يعتمدون عليها لم تعد تكفي لسد حاجياتهم في عز فصل الصيف، مثلما هو الأمر بالنسبة لحي 325 مسكن بالسحاولة، الذي يغيب الماء عن بيوته، خاصة الطوابق العليا، بسبب ضعف الضغط، واعتماد نظام توزيع غير مناسب؛ حيث يصعد الماء عكس كل قواعد البناء من الأسفل إلى الأعلى، وليس من الأعلى إلى الأسفل؛ ما يجعل المياه لا تصل إلى الطوابق العلوية للعمارات، حيث يطالب المتضررون من هذه الوضعية، الوالي المنتدب بالتدخل للنظر في مسألة التزود بالمياه الصالحة للشرب.

وفي تعليقه على هذه الوضعية، عبّر رب عائلة لـ "المساء"، عن تذمره؛ كونه يعيش وجيرانه وضعية صعبة جدا لعدم قدرتهم على توفير ما يكفي من مياه، من أجل النظافة، والاستحمام، وتلبية حاجياتهم في عز فصل الصيف.

"سيال" مطالَبة بمراجعة نظام التوزيع

وجّه المتحدث نداء إلى المصالح المعنية، وعلى رأسها شركة "سيال"، باعتماد نظام يسمح بتزويد بعض سكان الطوابق العليا، بالماء بصفة منتظمة، بينما قال آخرون إنهم أصبحوا يجهلون الوقت الذي يزور فيه الماء حنفياتهم بسبب كثرة التذبذب في التوزيع، مثلما هو الأمر في حي "سركوف"، وقرية بوسقلول، وحوش علي حوري بعين طاية التي ينقطع عنها الماء أحيانا لمدة 5 أيام؛ ما جعل السكان يعبّرون عن تذمرهم من هذه الوضعية الناتجة، حسبهم، عن عدم تكفل "سيال" بانشغالاتهم، وعدم تدخّل المسؤولين المحليين رغم علمهم بالوضعية التي تأزمت أكثر، خاصة ببعض الأحياء التي يتم تزويدها بالماء يوما بيوم وبتدفق ضعيف، يحرم أغلبهم من التزود منذ بداية تشغيل محطة تصفية المياه، على غرار حي سي الحواس.

معاناة حقيقية بعين الكحلة في هراوة

ومن جهته، روى مواطن آخر من حي عين الكحلة ببلدية هراوة، لـ "المساء"، المعاناة التي يعيشها مع هذه الأزمة، وكذلك الأمر بحي برايدية. ولعل ما كان يحمله هذا المواطن من قارورات ودلاء من أجل ملئها من منبع مياه يقع بحي القرية على مستوى الطريق الرابط بين الرويبة وعين طاية، أكبر دليل على معاناته؛ إذ بدا ساخطا ومتذمرا من أزمة الماء التي يعيشها وجيرانه.

سكان الرغاية يطالبون بمراجعة برنامج التوزيع

وببلدية الرغاية، طالب سكان حي السعيد غربي المعروف بحوش مراد وحي الباي، الوالي المنتدب للرويبة، بالتدخل لحل أزمة العطش التي يواجهونها رغم تدخّل رئيس البلدية واجتماعه برئيس قسمة الري، مؤكدين على ضرورة إعادة النظر في برنامج توزيع المياه على مستوى هذه الأحياء التي تشهد انقطاعا يصل إلى 8 أيام، وهذا ما زاد من تذمرهم؛ حيث أصبح هذا المشكل هاجسا بالنسبة لهم، خاصة في هذه الفترة الحارة.

المنابع لسد العطش

الواضح أن كثيرين يواجهون نفس المشكل، وهو ما ترجمته الدلاء والقارورات من مختلف الأحجام، التي اصطف أصحابها أمام المنابع لملئها، بعضهم من بلديات شرق العاصمة، على غرار سكان حي برايدية، الذين جفت حنفياتهم قرابة شهر، مثل ما أدلى بذلك أحد السكان لـ "المساء"، والذي لم يكن الوحيد في هذا المكان الذي وجد فيه الكثيرون ضالتهم؛ حيث تصطف السيارات على جنبات الطريق، وترى أطفالا صغارا ورجالا وحتى نساء، يحملون قارورات بلاستيكية وبأعداد كبيرة، لتعبئتها، والعودة بها إلى المنزل لسد ولو جزءا قليلا من حاجياتهم، مثل ما تشهده الحنفيات المتواجدة قبالة المركّب الرياضي بالرويبة، التي تحولت إلى مقصد للكثير ممن يواجهون تذبذبا في توزيع الماء.

 


 

نائب المدير العام لشركة "سيال" أمين حمدان لـ "المساء": أحجار وجذوع أشجار بقنوات التوزيع تحجب الماء عن العاصميّين

وفي رده على مشكل التذبذب في توزيع المياه بعدد من أحياء العاصمة، أوضح نائب المدير العام لشركة "سيال" أمين حمدان في لقاء خص به "المساء"، أن التذبذبات سُجلت بصفة أكثر في شهر جويلية الفارط؛ نتيجة الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، التي أدت إلى انقطاع الكهرباء، وانخفاض في إنتاج المياه على مستوى محطات التصفية، وانعكاسها على تشغيل محطات الضخ، فضلا عن انسداد قنوات التوزيع بأحجار وجذوع أشجار، وغيرها من أجسام غريبة، فيما عاد التوزيع بصفة تدريجية، في العديد من الأحياء بعد إصلاح الأعطاب الناتجة عن عدة عوامل.

 

وخص المتحدث بالذكر محطة التصفية الواقعة ببلدية المرسى، التي تزود المنطقة الشرقية للعاصمة؛ على غرار هراوة، وعين طاية، والمرسى، وبرج البحري، وجزء من بلدية برج الكيفان، التي انقطع عنها الماء؛ كونها تتزود من هذه المحطة التي يؤدي أي عطب تقني فيها أو نقص في الإنتاج، إلى تذبذب في برنامج توزيع الماء على مستوى البلديات المعنية، وكذا توقف الإنتاج على مستوى بعض الآبار. أما بالنسبة للمنطقة الغربية، فأرجع أمين حمدان التذبذب في بعض البلديات، إلى نقص إنتاج المياه بمحطة تحلية مياه البحر لمدينة فوكة؛ بسبب انقطاع الكهرباء، وتعكر مياه البحر، بينما شهدت بلدية السحاولة خاصة في المنطقة المجاورة لبلدية خرايسية، نفس المشكل نتيجة انسداد شبكة توزيع المياه واهترائها؛ حيث وجد أعوان "سيال" أحجارا كبيرة الحجم في القنوات، التي باشرت البلدية أشغال تجديدها. كما يُطرح المشكل بحدة على مستوى "إيلوس"، بسبب تعطل مضخة خزان المياه الذي تسيّره مؤسسة "جاست إيمو"، مثل ما ذكر محدثنا.

وأوضح المتحدث أن "سيال" تقوم بمتابعة يومية لعملية التوزيع عن طريق بوابة جغرافية، تسمح بمعرفة أي خلل في التوزيع، وكذا نوعية الماء، والتبليغ عن التسربات، وكل ما له علاقة بالتوزيع والتذبذبات، فيما تتابع الفرق المجندة الوضعية ميدانيا، لمعالجة الاختلالات، وتوفير الماء للزبائن البالغ عددهم حوالي مليون زبون بولاية الجزائر، وذلك من خلال الشكاوى التي تصل الشركة عن طريق هذه البوابة، فضلا عن مركز التوزيع عن بعد لعمليتي التوزيع والإنتاج، الذي يسمح بمعرفة كمية المياه المتواجدة في الخزانات، وكيفية التوزيع.

وفي هذا الصدد، لم ينف المتحدث التذبذب في التوزيع، الذي يكون عادة خارج نطاق الشركة، والناتج عن عوامل مختلفة؛ منها انسداد القنوات القديمة على مستوى شبكة توزيع المياه بسبب قدمها؛ على غرار شبكة التوزيع ببلدية برج البحري، التي لم يتم تجديدها بعد إنجاز سكنات جديدة، والتي تعرضت للانسداد بأجسام صلبة، عبارة عن أحجار كبيرة وحتى أجزاء من الأشجار، والتي يتم اكتشافها، عادة، باستعمال أجهزة دقيقة، وبعد جهد كبير، فضلا عن تعطل المضخات المستعملة لملء خزانات المياه المستعملة في الأحياء السكنية الجديدة، حيث إن 90 ٪ من التذبذب في برامج التوزيع، ناتج عن هذه الخزانات، وفق محدث "المساء"، الذي أكد أن "سيال" تعمل جاهدة على إرضاء زبائنها، الذين تصلهم، يوميا، بلاغات خاصة بالتذبذب في حال حدوثه نتيجة القيام ببعض الأشغال، أو إصلاح الأعطاب التقنية. وتأسف المتحدث لبعض التصرفات التي يقوم بها زبائن "سيال"، الذين يبذرون كميات هامة من الماء الصالح للشرب؛ من خلال استعماله في غسل سياراتهم ومحيط منازلهم رغم حملات التحسيس التي تقوم بها الشركة، ومختلف الفاعلين؛ من أجل الحفاظ على هذه المادة الحيوية التي يزيد استعمالها في فترة الحر.