فيما رحب أهل الاختصاص بالفكرة

رقمنة التكوين وامتحانات القيادة للحد من "إرهاب الطرق"

رقمنة التكوين وامتحانات القيادة للحد من "إرهاب الطرق"
  • 673
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

❊ تزويد الحافلات بجهاز تعقب عن بعد لتحديد السرعة ورصد المخالفات

 ❊ رفع جودة تكوين سائقي الحافلات والدراجات المتسببين في إزهاق الأرواح

 ❊ الدرك الوطني: 94 بالمائة من حوادث المرور سببها بشري 

❊ مندوبية أمن الطرقات: رقمنة تعليم السياقة ضرورة ملحة

❊ أصحاب مدارس السياقة بين مؤيد ومعارض

أجمع مختصون في السلامة المرورية، على ضرورة التعجيل في وضع مخطط تكوين جيد بمدارس تعليم السياقة، التي لا يزال معظمها ينشط بنظام بدائي وتقليدي في عملية منح رخص السياقة، وهو ما يؤثر سلبا على مهارة السائقين والمترشحين، خلال قيادة المركبات، وتسببها في مجازر بالطرقات السريعة، مع اقتراح رقمنة مجال تعليم السياقة، وتطوير أساليب التكوين بما يتماشى مع العصرنة والتكنولوجيا الحديثة، ورصدت "المساء"، في هذا الشأن، آراء مدارس تعليم السياقة، التي كانت بين معارض ومؤيد للفكرة.

شدد رئيس الاكاديمية الوطنية للسلامة المرورية، علي شقيان، في حديث خص به "المساء"، على ضرورة تكوين سائقين محترفين، بالإضافة إلى إلزامية حصول المتربص في السياقة على جميع الدروس، خاصة فيما يتعلق بالسياقة الدفاعية والوقائية، وكذا تكوين السائقين في كيفية تجنب مخاطر حوادث المرور، وكيفية التعامل مع جميع الأخطار التي تهدد السائق أثناء سياقته بالطرق السريعة، وكذا إدراج دروس في الميكانيك، والوضع النفسي للسائق.
وأكد المحدث، أن الأكاديمية اقترحت تعزيز التكوين، من خلال إعادة النظر في البرامج التكوينية، وإيجاد آليه رقابية للقضاء النهائي على المحاباة، وتعزيز الشفافية خلال الامتحانات، مقترحا أيضا، إنشاء ديوان وطني لمسابقات تعليم السياقة، وكذا امتحان المتربصين عبر برامج إلكترونية، واستغلال مراكز التكوين المهني وقاعات الإعلام الآلي التابعة لها لذلك.

كما اقترح شقيان، على الجهات الوصية، مجموعة من الإجراءات، أهمها تزويد الحافلات بجهاز التعقب عن بعد، الذي هو بمثابة العلبة السوداء للمركبة، حيث يمكن من تخزين البيانات المتعلقة بالسرعة والمخالفات المرتكبة وأماكن التوقف، مطالبا في السياق، بضرورة سن قانون يفرض هذا الجهاز على سائقي المسافات الطويلة، قائلا في هذا الصدد: "ننادي بضرورة رفع جودة التكوين لسائقي الحافلات والدراجات، باعتبارهم المتسببين في حصد الأرواح عبر الطرقات". وتطرق المتحدث، إلى ضرورة إعادة النظر في قانون تصنيف المخالفات الخطيرة، ضمن الجرائم المرورية، وتسريع العمل برخصة التنقيط، التي ستعمل، حسبه، على تهذيب سلوكات السائقين المتهورين.

الدرك الوطني يشدد على تطوير التكوين

أيد رئيس مكتب الوقاية عبر الطرقات، بقيادة الدرك الوطني، المقدم بولحية ضيف، قرار تطوير تكوين السائقين ورقمنة امتحانات تعليم السياقة، موضحا لـ«المساء"، أن سبب ارتفاع الحوادث المرورية، يعود بالدرجة الأولى للعامل البشري والتجاوزات والمناورات الخطيرة في المنعرجات والمنحدرات، بالإضافة إلى السرعة المفرطة، وكذا قلة النوم بسبب الإجهاد البدني والذهني، داعيا، السائقين إلى تجنب التوتر من خلال التأني في السياقة.

وقال :«حوادث المرور، سببها الرئيسي العامل البشري بنسبة 94 بالمائة، وبالأخص عند فئة الشباب، حسب الإحصائيات التي تشير إلى أن معظم السائقين، تتراوح أعمارهم بين 19 و39 سنة، لذا لابد من رفع درجة الوعي والجاهزية لدى المواطنين والسائقين، خاصة مع تغير الروتين اليومي لديهم". وبالمقابل، اقترح محدث "المساء"، تكثيف الحملات التحسيسة عبر مواقع التواصل والطرقات السريعة، للحد من انتشار حوادث المرور، التي تشرف عليها مختلف الأسلاك الأمنية، منها مصالح الشرطة والدرك الوطني، بالتنسيق مع فعاليات المجتمع المدني، معتبرا أن مساهمة المواطنين في عملية التبليغ، من خلال توثيق المخالفات عبر مقاطع فيديو وإرسالها عبر التطبيقات الإلكترونية الخاصة بالأجهزة الأمنية، التي تتخذ بدورها الإجراءات القانونية في حقهم، سيُساهم بشكل كبير في ردع المتورطين.

مندوبية الطرقات تعتبر رقمنة التعليم ضروريا

أكدت المكلفة بالإعلام، لدى المندوبية الوطنية لأمن الطرقات، فاطمة خلاف، أن طريقة التكوين التي تعتمدها أغلب مدارس تعليم السياقة تقليدية وبدائية، على حد تعبيرها، لغياب تصنيف المترشحين لاجتياز اختبار السياقة حسب قدرات استيعابهم، وكذا تصنيف الفئات العمرية أثناء تقديم الدروس النظرية الخاصة بقوانين المرور، والدروس التطبيقية بمضمار التدريب والتعليم، مضيفة أن عملية التعليم في هذا المجال، تعتمد على جمع المترشحين بصف واحد مع اختلاف مستوياتهم، ودرجات استيعابهم، وهو ما يخلف فارقا في نوعية تكوينهم.

وشددت محدثتنا، على ضرورة تصنيف المترشحين وتقديم دورات تكوينية حسب مستوى المترشح، إذ يعتمد أصحاب مدارس تعليم السياقة حاليا، على تقديم دروس أكاديمية فقط، حول طريقة قيادة السيارة، وإهمال الجانب الميكانيكي والجانب النفسي للسائق. واقترحت رقمنة قطاع تعليم السياقة، بداية من ملفات المترشحين ومدة تكوينهم، وكذا إجراء امتحانات عبر الشاشات الإلكترونية وأجهزة الإعلام الآلي، للتخلص من التلاعبات في عملية منح رخصة السياقة للمتربصين.

أصحاب مدارس تعليم السياقة بين مؤيد ومعارض

رحب بعض أصحاب مدارس تعليم السياقة بالعاصمة، بقرار رقمنة امتحانات قانون المرور، حسبما أكدته جولتنا بباش جراح والحراش، حيث أكد "م.س" مدير مدرسة تعليم السياقة بباش جراح، أن المترشح يمكنه اجتياز الامتحان عن طرق تطبيق "التصحيح الذاتي"، والذي يُمكنه من الإجابة "رقميا" على مجموعة أسئلة، ليتحدد لاحقا نجاحه من فشله، حسب عدد الإجابات الصحيحة.

قال محدث "المساء"، إن سلوك تقييم المترشحين في الطريق العام، يقضي على مصداقية هذا الامتحان، ويفتح المجال واسعا لظهور ممارسات غير قانونية ولا أخلاقية، أهمها الوساطة، والنتيجة ـحسبه- حصول أشخاص "جاهلين" بقواعد المرور، على رخصة السياقة، متسببين بذلك في حوادث مرورية خطيرة ومميتة. وأوضح أن الإجراء الجديد الذي تتبعه الدول الأوروبية، يحتم إجراء الامتحانات داخل القاعات، وليس في الشارع، حيث يتلقى المترشح حوالي 35 سؤالا مُدونة في تطبيق رقمي، ويتحدد نجاحه من فشله حسب عدد إجاباته الصحيحة، لتصبح العلاقة في الإجراء الجديد، تتم بين مدير مركز الامتحان والممتحن والمترشح، وليس بين الممتحن والمترشح فقط.

واعتبر الانطلاق في تطبيق النظام الجديد، الذي يجري من خلال فتح مراكز امتحان وتكوين، بالتعاون مع المراكز الوطنية للتكوين المهني عن بعد، يمنح مصداقية أكثر لامتحانات الحصول على رخصة السياقة.
واعتبرت معلمة سياقة بالحراش، أن السلطات المعنية، تستحدث إجراءات جيدة وذات فعالية في التقليل من حوادث المرور، غير أن المشكل، يكمن في بقائها مجرد حبر على ورق دون السعي لتطبيقها على أرض الواقع، على غرار رخصة السياقة بالتنقيط، التي لم تدخل حيز التطبيق بعد، وكذا برنامج التكوين الجديد لمدارس تعليم السياقة، والذي لا يزال حبيس أدراج مدارس التعليم. في المقابل، رفض العديد من أساتذة تعليم السياقة، قرار رقمنة الامتحانات وعصرنة التكوين، معتبرين أن اجتياز الامتحانات، ينحصر فقط على الفئات المتعلمة ولا يمكن لشخص "أمي" أن يجتاز الامتحان رغم قدرته على سياقة المركبة، معتبرين الأمر بـ«غير العادل".