فوضى السير تعمّق معاناة المواطنين بغليزان

طرق مهترئة وشوارع مغلقة وأرصفة محتلة...الحل ليس غدا

طرق مهترئة وشوارع مغلقة وأرصفة محتلة...الحل ليس غدا
  • 177
نور الدين واضح نور الدين واضح

تُعد مدينة غليزان بحكم موقعها الاستراتيجي، محورا حيويا يربط بين جهات مختلفة من الوطن. كما تشهد حركة تجارية نشطة، تضاعف من حجم التنقل داخل محيطها العمراني. غير أنّ غياب مخطط سير مدروس وغياب الرقابة من قبل السلطات المختصة، جعل عاصمة الولاية تتحول إلى فضاء يعجّ بالفوضى المرورية والعمرانية؛ حيث اختلطت الحفر بالتجارة الموازية واحتلال الأرصفة؛ في مشهد يختزل معاناة يومية للمواطن الغليزاني.

المتجول عبر شوارع غليزان سواء كان راجلاً أو راكبا، يواجه، أولًا، مشكل الحفر المنتشرة بشكل لافت عبر مختلف الأحياء. هذه الحفر التي يصفها السكان بـ"القنابل الموقوتة"، لا تعرقل، فقط، حركة السير وتزيد من حدة الازدحام، بل تتسبب، أيضا، في إتلاف المركبات، وتشكل خطرا على المارة. ومع كل تساقط للأمطار تتحول هذه الحفر إلى برك مائية تعيق تنقُّل السيارات والراجلين على حد سواء، في حين تثير الغبار في فصل الصيف، مسببة مشاكل صحية وبيئية؛ إذ غالبا ما تكون محاولات الترميم الجزئي قصيرة العمر، وسرعان ما تعود الحفر للظهور من جديد؛ بسبب ضعف نوعية الأشغال، أو إعادة الحفر المتكرر في نفس النقاط.

شوارع تتحوّل إلى أسواق فوضوية

لا تقف معاناة المواطن الغليزاني عند سوء حالة الطرقات، بل تتضاعف بفعل التجارة الموازية التي استباحت الشوارع الرئيسة. 

ففي أحياء معروفة مثل زنقة الركبا، والطراباندو، والباتوار وخمسة طرق، يجد المواطن نفسه وسط "أسواق مفتوحة" ، تحتل الأرصفة، وتغلق الطرقات كليا.

ولم تعد الظاهرة مقتصرة على أصحاب الطاولات الفوضوية، بل طالت، كذلك، أصحاب المحلات النظامية، الذين تجاوزوا الرصيف إلى غزو الشارع، مستغلين غياب الرقابة لعرض بضائعهم على حساب الراجلين وأصحاب المركبات. 

وهذا المشهد يتكرر حتى في الشوارع الكبرى؛ مثل شارع الدكتور بوخلوة، الذي يُعد شريانا رئيسا لخطوط النقل الحضري.

الأرصفة ملكية خاصة

اختفت الأرصفة التي تمثل حقا بديهيا للمشاة، تقريبا، من معجم الحياة اليومية في غليزان؛ فقد أصبحت محتلة من قبل أصحاب المقاهي، والمطاعم، والمحلات التجارية، وحتى الباعة الفوضويين. 

ففي كثير من الأحيان يُمنع الراجل من المرور بسبب طاولات أو بضائع أو آلات شواء ينبعث منها الدخان والجمر، في ظروف تهدد السلامة العامة.

أما الأرصفة غير المحتلة بالبضائع فهي مغلقة بلوحات إشهارية أو حواجز يضعها التجار والسكان أمام محلاتهم ومساكنهم؛ لمنع توقف السيارات. هذا السلوك أصبح مصدر احتكاك دائم بين المواطنين وأصحاب المحلات؛ إذ لا تخلو الشوارع من ملاسنات أو حتى اشتباكات، غالبا ما تنتهي بتنازل المواطن عن حقه؛ خوفا من التهديدات، أو إلحاق الضرر بمركبته.

الحلول مؤجَّلة

في ظل هذه المظاهر غير الحضارية يشتكي المواطن من غياب التدخل الجاد للجهات المسؤولة. فحسب شهادات السكان، تبقى البلاغات الهاتفية أو طلبات التدخل مجرد محاولات شكلية لا تعقبها حلول فعلية؛ حيث فقد الكثيرون الأمل في معالجة الوضع، وقالوا إن "الشكوى لم تعد تنفع"، فيما يضيف آخرون: "التواطؤ مع الظاهرة بحجة المهادنة الاجتماعية هو ما عطّل تطبيق القانون".

ومع تراكم هذه الاختلالات أصبحت حركة التنقل داخل المدينة مغامرة يومية محفوفة بالصعوبات، بينما يتخوف المواطنون من سيناريوهات أكثر خطورة في حال وقوع كارثة طبيعية أو حادث كبير؛ إذ قد يتعذر وصول سيارات الإسعاف أو الحماية المدنية إلى بعض الأحياء؛ بسبب إغلاق الشوارع، واحتلال الأرصفة.

مدينة أسيرة الفوضى

بين طرق محفَّرة وشوارع مغلقة وأرصفة محتلة، يجد المواطن الغليزاني نفسه مضطرا للتعايش مع واقع مشوَّه، يسيء إلى جمالية المدينة، ويعكس عجز السلطات عن فرض النظام في الفضاء العام. 

وإلى أن تُرفع هذه العراقيل وتُفعَّل القوانين بصرامة ستظل عاصمة الولاية غليزان، غارقة في فوضى حضرية. وتبقى حلولها مؤجَّلة إلى أجل غير مسمى.