مصلحة النشاط الاجتماعي ببومرداس
فرق التدخل تتكفل نفسيّا بمنكوبي الحرائق
- 867
انطلقت من مقر ولاية بومرداس مساء أول أمس، قافلة تضامنية لصالح منكوبي الحرائق بولاية بجاية، تضمنت، بالدرجة الأولى، أفرشة، وألبسة لمختلف الأعمار، ومواد غذائية، ومياها معدنية وغيرها من الحاجيات. كما تضمنت القافلة التي نظمتها مصالح النشاط الاجتماعي تحت إشراف السلطات الولائية بالتنسيق مع عدة شركاء، فرقة للمختصين النفسانيين، هدفها التخفيف من وطأة الكارثة الطبيعية، لاسيما عن الأطفال.
قال سمير سعيج رئيس مصلحة التضامن بالمديرية الولائية للنشاط الاجتماعي ببومرداس، بأن العمل التضامني مع الولايات المنكوبة بسبب حرائق الغابات، متواصل بالتنسيق مع عدة جهات، على غرار الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، واتحاد التجار، ومديرية التجارة، والغرفة الفلاحية وغيرهم؛ حيث انطلقت، ظهيرة أول أمس، من مقر الولاية قافلة أخرى باتجاه ولاية بجاية، تضمنت، بالدرجة الأولى، أفرشة وألبسة بالنظر إلى الحاجة إلى هذه المواد بعد أن حققت المناطق المنكوبة الاكتفاء من حيث المواد الغذائية والمياه المعدنية. كما أشار المتحدث في تصريح لـ "المساء" على هامش عملية التحضير لإطلاق القافلة، إلى أن مصالح النشاط الاجتماعي تتكفل بعائلتين متضررتين من حرائق تيزي وزو على مستوى مركز قورصو لإيواء الأشخاص بدون مأوى، من خلال توفير كل الحاجيات إلى جانب التكفل النفسي.
خلية خاصة بالمساندة والدعم النفسي الاستعجالي
أفاد سعيج، في هذا السياق، بأن فرقا لمختصين نفسانيين ترافق القوافل التضامنية من أجل تكفل نفسي بالمنكوبين لا سيما الأطفال، حيث تحصي القافلة المتوجهة نحو ولاية بجاية نفسانيين، عملهم بالدرجة الأولى يكمن في مساعدة المنكوبين في تخطي الصدمة. وتقول، من جهتها، النفسانية صبرينة ضاوي عزاز رئيسة خلية المساندة والدعم النفسي الاستعجالي للمصدومين جراء الحرائق، إن الفرقة المتخصصة متكونة من 10 نفسانيين، منهم متطوعون قطعوا عطلهم السنوية لمساندة المنكوبين، وتخفيف حدة الصدمة. كما انضم إليهم أساتذة جامعيون في علم النفس العيادي والتربية العلاجية ومختلف التخصصات الأخرى، لنفس الهدف.
أما عن التدخل النفساني الميداني فلفتت محدثتنا إلى عمل الفرقة على مستوى ولاية تيزي وزو في الآونة الأخيرة، وقالت إنه كان بالدرجة الأولى، مع أطفال ما بين 3 سنوات و14 سنة، عايشوا الصدمة المتمثلة في كارثة الحرائق ولحظة الالتهاب بفعل ألسنة النيران المتطايرة بعدما كانوا في مواجهة الموت؛ مما خلّف آثارا نفسية حادة، يمكن أن تتضاعف وتتعقد، ويتتولد عنها أمراض نفسية أخرى؛ كالتبول اللاإرادي، والرسوب المدرسي، وقلق الموت وقلق الانفصال وغيرها. كما أوضحت النفسانية أن تركيز الأخصائيين في عملهم مع الأطفال المنكوبين، انصب على محاولة تشجيعهم على التنفيس عن مكبوتاتهم ومخاوفهم التي رافقت لحظة الحدث الصدمي ونشوب الحريق؛ من خلال حصص للرسم، حتى يتمكنوا من التعبير عنها، ثم مناقشتها مع النفسانيين، وبالتالي حث الطفل على الحديث. وكان ذلك من خلال توفير أدوات ولوازم بيداغوجية؛ من أوراق رسم وأقلام ملونة، وفسح المجال أمام الأطفال للرسم التعبيري ضمن فضاءات خُصصت لذلك. وكانت مجمل الرسومات تتمحور حول لحظة الحريق وألسنة النيران المتطايرة، تشير محدثتنا، التي أوضحت كذلك أن الرسومات تضمنت منازل وسط لهب النيران، أو الأم أمام المنزل؛ كناية عن محاولة الأم حماية منزلها وأولادها... مثل البنت "سلمى بن عمي"، التي رسمت منزلا يحترق، عكسه اللون الأحمر الطاغي عليه، وإلى جانبه ألسنة نيران متطايرة. وإلى شمال الصورة رسمت امرأة (والتي هي أمها)؛ في محاولة للإشارة إلى أن الأم حاولت إنقاذ منزلها. كما أن البنت لونت السماء والشمس بالأحمر كذلك؛ كون أعمدة النيران كانت عالية إلى درجة أنها حجبت كل شيء.
ورسمت "فريال العربي" بيتا حاصرته النيران من كل جانب، مستعملة كل تدرجات الألوان؛ من أصفر وأحمر وبني وأسود لتبيان فظاعة وهول ما عايشته... وغيرها من الرسومات التي عكست لحظة معايشة الطفل الصدمة القوية. وقالت النفسانية إن التكفل بهؤلاء الأطفال لا بد أن يستمر حتى تنقص حدة الصدمة، ولا تصل إلى حالة الاكتئاب الحاد، أو الأمراض العقلية؛ كالذهان الطفولي. وفي محاولة منا للمقارنة بين كارثة زلزال 2003 الذي ضرب ولاية بومرداس وكارثة الحرائق 2021 وكيفية تقبّلها وتخطيها، لفتت محدثتنا إلى أنه لا يمكن إجراء أي مقارنة بين الكارثتين، أو على الأقل بالنسبة للتدخل النفساني الموجه لفئة الأطفال المصدومين؛ فأما سبب الزلزال فغيبيّ، حسبها. وتم التركيز أثناء العمل الميداني، على الوازع الديني، ومسألة القضاء والقدر، بينما في الحرائق الأخيرة وبعد تأكيد من طرف السلطات العليا أن سببها أيد إجرامية، فسُجلت بعض الصعوبات في الوصول بالمريض المضطرب خاصة الطفل، إلى التقبّل، الذي هو أساس تجاوز المحنة، ومنه تقبّل العلاج.
نشير إلى أن عمل خلية المساندة والدعم النفسي الاستعجالي للمصدومين جراء الحرائق، مستمر؛ ما تطلّب التدخل الميداني. وكذلك الشأن بالنسبة للقوافل التضامنية؛ إذ يؤكد سمير سعيج أن العمل جار لتنظيم قوافل تضامنية مع باقي الولايات المتضررة.