"المساء" تنقل أجواء اختتام السنة التكوينية ببومرداس

متخرجون متفوقون: إرادة تحقيق الذات سر نجاحنا

متخرجون متفوقون: إرادة تحقيق الذات سر نجاحنا
حنان سالمي حنان سالمي

جرت بالمعهد الوطني للفندقة والسياحة بالكرمة في بلدية بومرداس، مطلع الأسبوع الجاري، فعاليات اختتام السنة التكوينية للموسم 2020-2021، بتكريم المتربصين النجباء في ميادين تخصصهم، وأحرزوا معدلات ممتازة. المساء تقربت من الفائزين الذين اتفقوا على القول بأن النجاح في الحياة ليس مرهونا بالنجاح في المشوار الدراسي، معتبرين الدبلوم المتخصص بمثابة جواز نجاح من نوع آخر، وتحقيق الاستقلالية.

جاء تكريم المتربصين المتفوقين في السنة التكوينية المنصرمة، في سياق الاحتفالات المخلدة للذكرى 59 للاستقلال، حيث اقترن تحقيق نجاح الشباب المتربص بنجاح شباب الثورة، ممن ضحوا بالنفس من أجل أن ننعم اليوم بالاستقلال. كما أن حديثنا إلى ثلة من أولئك النجباء، ترك لدينا انطباعا بالمسؤولية الكاملة في تحقيق الذات لدى هؤلاء، تماما مثلما كان عليه الشأن بالنسبة لخيرة أبناء الثورة التحريرية، التي تكللت بالاستقلال.

الإرادة والعزيمة أساس النجاح في الحياة

الناجحون في عدة تخصصات، أكدوا لـ"المساء"، أن الحياة لا تنتهي بمجرد عثرة اضطروا للتعايش معها حينما لم ينجحوا في مشوار الدراسة، بل اقتنعوا بأن ذلك مجرد كبوة نحو تغيير المسار، وسيكون النجاح حتما في نهايته، يقول حسام عدلان بن توري (19سنة)، الذي نجح بجدارة في تخصص طلاء وتركيب الزجاج بمعهد برج منايل، وقال بكل اعتزاز، بأن إرادته الفولاذية في تحقيق النجاح، هي من أوصلته إلى التفوق بمعدل 18.72 في تخصصه، وهو الذي قال بأنه معدل لم يكن ليحلم به في الدراسة. حسام أكد أيضا بأن كل نجاح يعود أيضا إلى العزيمة وحب ما بين اليدين، فقد اعتبر بأن استثماره الحقيقي كان في شيء أحبه، تكوّن فيه، ثم أتقنه، ويضيف بأن الدبلوم بمثابة تذكرة أخرى نحو النجاح، لأنه وخلال تربصه، لم يبق مكتوف الأيدي، بل عمل في مجاله في الطلاء، واصفا المال الذي جناه بعد أن أكمل طلاء غرفتين بـ"الحلم حلو المذاق، الذي يجعلني أسعى خلفه أكثر وأكثر"، يضيف الشاب، مؤكدا بأن الخطوة الثانية بعد التخرج، هو فتح مؤسسة خاصة.

وبالمثل تحدث إلينا علال بورنيسة، تقني سامي في البستنة والمساحات الخضراء، المتخرج من معهد التكوين المهني ببرج منايل 2، حيث اعتبر بأن ميوله لهذا التخصص، جعله يعمل فيه منذ 20 سنة، رغم ذلك، فإنه كان يرى شيئا ناقصا لخصه في الدبلوم المتخصص، وهو اليوم بعد نيله بمعدل 16.78، يرى بأنه باب آخر فتح أمامه من أجل إتقان مهنة أحبها، بل أكد أنه مستعد لتكوين أي شاب يريد ولوج هذا التخصص. كما يؤكد عدلان هو الآخر، بأن المعدل الذي حققه لم يكن ليحلم به في مقاعد الدراسة التي هجرها في مرحلة المتوسط، لكنه اليوم فخور بنفسه، إنه استطاع أخيرا نيل دبلوم وشهادة استحقاق، ناصحا الشباب بعدم الانصياع وراء ملهيات العصر الكثيرة، كما أوضح أنه كان يعمل في مجال نقل المسافرين، ثم استثمر في هواية أحبها، جعلته محترفا وناجحا في عمله، كونه صاحب مشتلة في بلدية لقاطة، قال إنها ذائعة الصيت وشغله بها جيد للغاية.

النجاح في الحياة، يعتمد أيضا على المبادرة وحب تغيير الواقع، وهو الشعار الذي لمسناه من خلال حديثنا إلى جويدة بن عريعيرة الناجحة بمعدل فاق 18 من 20، تخصص أمين مخزن بمعهد التكوين المهني لأولاد موسى، حيث أكدت الشابة، بأن ظروفا خاصة حالت دون استكمالها للمشوار الدراسي، لكنها أبت إلا النجاح في حياتها المهنية، حيث قالت بأنها تواصل دراستها عن طريق المراسلة، وهي تطمح للنجاح ونيل شهادة البكالوريا، في المقابل، اختارت منظومة التكوين المهني حتى تتمكن من الظفر بمنصب شغل قار، ووقع اختيارها على أمين مخزن، لوجود فرصة عمل أمامها في هذا التخصص، كما أن طموحها تراه في النجاح الدراسي والتكويني أيضا، حيث أنها مقبلة على تخصصات أخرى تراها مهمة، مثل الإعلام الآلي التي أكدت أنه سيكون ثاني تخصص لها خلال الدورة التكوينية القادمة.

أما عائشة حمليل، الناجحة في تخصص خياطة نسوية بمعدل يفوق 17 من 20، بملحقة التكوين المهني في أولاد عيسى، فقالت من جهتها، إن طموحها في تحقيق الاستقلالية المالية جعلها تلتحق دون تردد بالمعهد، لتلقي تكوين متخصص في هواية يدوية استهوتها منذ الصغر. واعتبرت أن تخليها عن دراستها الجامعية في تخصص علوم تجارية، كان لظروف خاصة، غير أنها اعتبرت أن النجاح في الحياة لا يكون مرهونا بالشهادة الدراسية أو الجامعية، إنما النجاح يكون في الاقتناع بتحقيقه في شيء يحبه المرء، ويسعى إلى تحقيقه، وهو فعلا ما تحقق لها بنيلها الشهادة التكوينية بجدارة، تؤهلها لفتح ورشة خاصة مستقبلا.

التنمر حطم حلم الدراسة ولم يحطم العزيمة

وهو نفس الحلم الذي راود فاطمة الزهراء لونيس، المتخرجة من المعهد الوطني المتخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، تخصص سكافة أو خياطة على الجلد. تقول محدثتنا، إن التنمر منها كونها من قصار القامة، جعلها تهجر مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية، وبقي قلبها معلقا بالنجاح ونيل الشهادة، لكن التنمر رافقها ـ تقول- في حياتها، مما جعلها تؤجل طموحها في أن تكون مصممة أزياء مشهورة، إلى أن انخرطت في جمعيات متخصصة أوصلتها إلى المعهد المتخصص الكائن ببلدية قورصو، وهي التي انتقلت إليه من بلدية بئر توتة. تقول بأنها تلقت تكوينا متخصصا في الخياطة النسوية أولا، ثم التحقت بتكوين السكافة أو الخياطة على الجلود، تؤكد أن طموحها هو فتح ورشة خاصة تكون الأولوية فيها لتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي من أجل ذلك، تناشد كل من يمكن مساعدتها في تحقيق ذلك، وأملها في أن تنجح في حياتها المهنية، ولسان حاليها يردد أن الإعاقة في الأفكار وليس في الإرادة..

كما لم يقتصر التكريم على هؤلاء النجباء في السنة التكوينية المنقضية، إنما أيضا للشباب المتربص حاملي المشاريع، وعينتنا ثلاث شباب تمكنوا من اختراع جهاز ذكي يتحسس تسرب الغاز الطبيعي، حيث حدثنا كل من منور مداوي، صلاح الدين برزوان وحكيم اخلف، وهم متربصون في الإلكترونيك الصناعية بالمعهد الوطني المتخصص "عبد الحق بن حمودة" في بلدية بومرداس، قائلين بأن عدم نجاحهم في نيل شهادة البكالوريا، لم يكن أبدا سببا مدعاة للإحساس بالفشل، إنما مجرد محطة جعلتهم يغيرون البوصلة نحو اتجاه آخر، وهو التكوين المتخصص. أكدوا بأنهم اكتشفوا أنفسهم باكتشاف مكامن القوة بداخلهم، والنتيجة أن توصلوا إلى اختراع الجهاز المذكور الذي عرّفوه بأنه جهاز إلكتروني، يقوم بعدة مهام، أبرزها تحسس أي تسرب للغاز، فيقوم مباشرة بقطع التزود بالغاز والكهرباء معا، مع إرسال رسالة لصاحب المنزل أو غيره، بوجود خطر تسرب الغاز.. قالوا إن كثرة حوادث الغاز الطبيعي في المجتمع، وما ينجر عنه من حالات وفاة، جعلهم يفكرون في هذا الاختراع، وهم مباشرة بعد نيلهم لبراءة الاختراع من الجهة المخولة بذلك، وبعد تخرجهم، سيعملون على فتح مؤسسة خاصة لتصنيع الجهاز وتسويقه... بينما كانت الرسالة في الأخير، لأقرانهم بمحاولة اكتشاف مكامن القوة في كل شخص والعمل على تطوريها... فالنجاح مرهون بثقة الفرد في نفسه بالدرجة الأولى.