الحمّامات الرملية الساخنة بأدرار
مقصد المرضى للعلاج والاستجمام
- 1290
تشهد الواحات الرملية مترامية الأطراف بولاية أدرار في هذا الموسم الصيفي الحار، إقبالا كبيرا من الزوار، خاصة منهم المرضى، الذين يأتون من مناطق عدة من الوطن، بل وحتى من خارج الوطن؛ من أجل العلاج بالرمال الساخنة خاصة من قبل المصابين بأمراض العظام والروماتيزم وأوجاع المفاصل والسمنة الزائدة.
وبات خلال السنوات الأخيرة ممارسة ما يُعرف بالاستحمام في الرمال الساخنة، يعرف انتشارا واسعا بين الجنسين على مدار السنة، خاصة في فصل الصيف، بعدما أثبت الأطباء فاعلية وجدوى الاستحمام بالرمال في العلاج من أمراض المفاصل والعظام، التي يقبل عليها حتى الأصحاء أو المولعون بممارسة هذه الهواية؛ بهدف تجنب بعض الأمراض، وإعطاء الجسم راحة إضافية، وهي طريقة تقليدية شائعة جدا بالولاية، خصوصا في المناطق الجنوبية المتواجدة على مستوى كثبان ما يُعرف بالعرق الغربي الكبير.
ويُعد قصر بخلا الواقع ببلدية بودة من أهم مناطق ولاية أدرار التي تجلب إليها المئات يوميا من مختلف جهات الوطن ابتداء من الساعة الثامنة ليلا إلى غاية الفجر؛ حيث يوجد إلى جانب العدد الكبير من الكثبان الرملية عين بودة الشافية، التي بها ماء متفق عليه بأنه يعالج بعض الأمراض، وهي عين جارية لا يعرف إلى حد الآن منبعها، تتدفق منها مياه باردة في عز الصيف وساخنة في الشتاء البارد، وتُعرف باسم عين الشفاء؛ لأنها تعد مشفاة للكثير من الأمراض المستعصية، خاصة منها الجلدية.
ويؤكد لنا السيد رحماني يوسف أحد المرضى الذين قصدوا أدرار للعلاج بالرمال قادما من ولاية وهران، أنه جاء منذ 4 سنوات في كل صيف إلى هنا، وقد تحسن وضعه الصحي كثيرا وهو يعاني من مرض الروماتيزم منذ 20 سنة. ويشير المتحدث إلى أن الكثير من المرضى يأتون إلى أدرار للعلاج بواسطة الردم تحت الرمال الساخنة، التي بدورها تقضي على عدة أمراض.
أما عن سبب تنقّل المرضى إلى أدرار تحديدا من أجل العلاج، فيقول المتحدث إن نوعية الرمال الموجودة خاصة في العرق الغربي، تجعل العلاج أكثر فاعلية. وبينت النتائج مع مرور الوقت وحسب شروحات أحد المهتمين بحمامات الرمال الساخنة الذي يعمل طيلة فترة الصيف بهذا المكان وله دراية كافية بكيفية القيام باستقبال المرضى ومعالجتهم بواسطة الردم التقليدي؛ حيث يُشترط أن لا يعاني المريض من أمراض القلب وضيق التنفس وغيرهما حتى لا تؤثر عليه الرمال. ويقصد نحو 15 ألف شخص من مختلف مناطق الجزائر، بلدية بودة ما بين جوان وأكتوبر.
وحول كيفية إجراء هذه العملية يقول المتحدث: "يتم إنشاء هذه الحمامات الرملية من خلال حفر حفرة كبيرة وسط الرمال الساخنة، يُترك فيها المريض لمدة زمنية معينة تتراوح من 15 دقيقة إلى ساعة كاملة، حسب شدة الحرارة ومقاومة الشخص المستحم. ويتم تغطية كافة أعضاء جسمه بالرمال من الرجلين إلى غاية الذقن، ويُستثنى الوجه. وأوضح المتحدث أن الحمام الرملي علاوة على مزاياه العلاجية لبعض أمراض المفاصل والعظام، يسمح بالتخلص من السمنة الزائدة؛ من خلال المواد التي يفرزها الجسد بفعل التعرق، وهذا الأمر أكده لنا العديد من المعتادين على هذا النوع من الاستحمام. وأشار ذات المتحدث إلى أن الحمامات الرملية بالكثبان في المنطقة لا يُنصح بها لبعض العلاجات، وغير مسموح بها البتة للمرضى المصابين بالأمراض القلبية والضغط المرتفع، لذا يحرص المرشدون السياحيون الذين يرافقون المرضى، على مراقبة الشهادات الطبية لتفادي أي تعقيدات أو انعكاسات صحية.
وتبعا لصرامة هذه التدابير لم يسجل أي حادث خلال المواسم الماضية، وبقيت هواية الاستحمام بالرمال كما كانت منذ عشرات السنين، رائجة ومغرية رغم كل المعوقات. وتشهد هذه الحمامات الرملية التي كان يمارسها السكان المحليون منذ القديم، إقبالا متزايدا من سكان المناطق الشمالية.
ولمواجهة هذا التوافد فقد أنجزت بلدية بودة بهذه المنطقة، حمامات للرجال وأخرى للنساء، الاستحمام فيها مجانيا، إلى جانب إنجاز العديد من المحلات التجارية التي يستغلها أبناء القصر في بيع كل ما يحتاجه الوافدون. وتُعد هذه التجارة المورد الأساس للكثير من سكان القصر. وخلال أيام السنة تعمد الجهات المعنية بالولاية والبلدية، إلى تنظيم مختلف الأنشطة السياحية والثقافية والرياضية بهذا المكان؛ بهدف المساهمة في ترقية السياحة بالمنطقة؛ كونها تشكّل موردا اقتصاديا هاما للعديد من سكان المنطقة والمناطق المجاورة، وهذا بمناشدة الجميع إنجاز بيت للشباب أو فندق تقليدي صغير لاستقبال الزوار وتقديم لهم خدمات تتماشى ومقصدهم للعلاج بواسطة الرمال الساخنة التي أصبحت مقصدا سياحيا وعلاجيا متزايدا.