الخبير في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية نسيم لوشاني لـ"المساء":

نعيش أمية تكنولوجية... محاربتها أكثر من ضرورة

نعيش أمية تكنولوجية... محاربتها أكثر من ضرورة
  • 844
   حاورته: رشيدة بلال حاورته: رشيدة بلال

يرى الخبير في التكنولوجيا والأنظمة الرقمية وأستاذ مدرب في البرمجة والتصميم، نسيم لوشاني، بأن هناك فجوة كبيرة بين التكنولوجيا والمستخدمين، الذين يلجأون إلى العالم الافتراضي، دون أن تكون لديهم أدنى دراية حول كيفية التعامل معه، الأمر الذي جعل الكثيرين، خاصة من فئة الشباب، ينحرفون ويستغلونه في مجالات سلبية، مثل القرصنة والابتزاز، ما دفع، حسبه، إلى التفكير في تأسيس أول جمعية تهتم بالرقمنة، هدفها الوصول إلى تثقيف العامة حول كل ما يتعلق باستخدامات العالم الافتراضي، ومنه محاربة الأمية الإلكترونية المتفشية بشكل ملفت للانتباه. "المساء" تحدثت مع الخبير في التكنولوجيات والأنظمة الرقمية، حول مخاطر الأمية التكنولوجية وانعكاساتها السلبية على حياة الأفراد في هذه الحوار.        

  حدثنا عن فكرة التأسيس لجمعية تهتم بالرقمنة؟

❊❊ التفكير في التأسيس لأول جمعية تهتم بكل ما يتعلق بالرقمنة، جاء بعد الوقوف على الفراغ الذي يعانيه المجتمع في مثل هذه الجمعيات، التي توجهت في أغلبها إلى الاهتمام بالعمل الخيري والثقافي، على الرغم من أن التكنولوجيا اليوم، أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بل وزاد استعمالها بشكل مفرط بعد الانتشار الكبير للهواتف الذكية، غير أن الإشكال الكبير الذي وجدت الجمعية من أجله، هو الاستعمال العشوائي لهذه التكنولوجيا، فالجميع يعرف كيف يستعملها، لكن الإشكال ليس في كيفية الاستخدام، إنما في ثقافة الاستخدام، وهو ما جعلني أتيقن بأننا نعيش أمية تكنولوجية تفشت بشكل ملفت للانتباه في السنوات الأخيرة.

* ما هو المقصود بالأمية التكنولوجية؟

❊❊ لعل أبسط مثال يمكن أن يعكس الصورة الحقيقية لتفشي الأمية التكنولوجية في الجزائر؛ المحاولات التي قام بها بعض المهتمين بالعالم الرقمي، من خلال ابتكار منصات رقمية  ومواقع الكترونية، غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل، لسبب بسيط وهو أن المستخدم لا يملك الثقافة التي تمكنه من الاستفادة من هذه الخدمات المبتكرة، حيث نجده يلج إلى الموقع أو المنصة، لكنه لا يعرف كيف يستخدمه، وأكثر من هذا، حتى أصحاب المشاريع الذين اختاروا التأسيس لمؤسسات ناشئة  في العالم الافتراضي، لم يتمكنوا من بلوغ النجاح الذي كانوا يتطلعون إليه، لغياب الخبرة والثقافة الالكترونية، انطلاقا من هذا، نحاول من خلال  الجمعية القضاء على هذه الأمية.

  كيف يمكن للجمعية محاربة الأمية التكنولوجية؟

❊❊ محاربة الأمية التكنولوجية تعد واحدة من أكبر التحديات التي تعمل الجمعية على تحقيقها، خاصة بعد التفشي الكبير لاستعمال الأجهزة الذكية، وفي هذا الإطار، تسعى الجمعية لاحتواء الشباب المهتم بعالم الابتكار والاختراع في المجال الرقمي، من خلال عقد لقاءات وتدريبات وتكوينات، تمكنهم من اكتساب بعض المعارف التي تساعدهم  على تحويل أفكارهم إلى واقع ملموس ومفيد، فمثلا خلال فترة تفشي فيروس "كورونا"، عملنا على  تطوير جهاز تكثيف وتوليد الأكسجين، وبالنسبة للفئات المهتمة بالبرمجة، فتحنا المجال من خلال الجمعية لكل الراغبين في تعلم البرمجيات وصناعة المحتوى الهادف.

❊ كيف تقيم استخدام الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي؟

❊❊ من خلال خبرتي في المجال، أعتقد بأن أمامنا عمل كبير لمحاربة الأمية التكنولوجية، ولعل أبسط مثال على ذلك، نجد أن الشباب الذين اكتسبوا مهارات في البرمجة على بعض المواقع، مثل "اليوتيوب"، أول ما يحاولون تجربته؛ كيفية القرصنة، تفشي الجرائم الإلكترونية والابتزاز والنصب والاحتيال بالتجارة الإلكترونية، وحتى الأمراض النفسية التي يعاني منها الشباب، بسبب الإدمان على الألعاب في العالم الافتراضي، كل هذا يجعلنا ندق ناقوس الخطر، حيث نجد اليوم الشباب يجتمع لتكوين فريق ألعاب إلكترونية، ويهملون دراستهم، وحتى حياتهم الشخصية، بالتالي المشكل ليس في الموهبة، إنما في توجيهها ومرافقتها، فالكل يعرف كيف يلجأ ويستخدم مختلف المواقع، لكن الأغلبية لا تعرف كيف تجعلها مفيدة وتضع مواهبها وقدراتها وإبداعاتها في الطريق الصحيح.

❊ يكثر الحديث عن تشجيع الشباب على استخدام الذكاء الاصطناعي، ما تعليقك؟

❊❊ بصفتي خبير في التكنولوجية والأنظمة الرقمية، وعلى مستوى الجمعية، أهتم بخمسة تكنولوجيات هي؛ "الواقع المعزز"، "الواقع الافتراضي"، "الواقع الممتد"، "الواقع المختلط" وأخيرا "الذكاء الاصطناعي"، هذه الخمسة تكنولوجيات، هي المستقبل الحتمي، ولعل الأربعة تكنولوجيات التي ذكرناه كلها يدخل فيها الذكاء الاصطناعي، من أجل هذا نجد الأغلبية تشجع على ولوج الشباب لهذا النوع من التكنولوجيات، ومن خلال عملنا الجمعوي، نحاول تبسيط المعلومات للشباب، حيث نعرف المقصود من الذكاء الاصطناعي على أنه علم قائم بذاته من علوم الحاسب الآلي، وهو عبارة عن برمجيات تحاكي التفكير البشري في أداء عملها، لديه العديد من التخصصات، لكن الأكثر شيوعا نجد التعلم العميق، والتزييف العميق، هذا الأخير أصبح استخدامه شائعا كثيرا، العبرة من تشجيع الطلبة على الذكاء الاصطناعي، هو تمكينهم من الاستفادة منه في جانبه الإيجابي، لبلوغ جودة في المعلومات وربح الكثير من الوقت، بالتالي أصبح من الضروري أن تكون لدى كل الطلبة ثقافة حول كيفية الاستفادة من أدوات  الذكاء الاصطناعي، ومن المزايا الكثيرة التي يقدمها لهم في المجال التعليمي، وأكثر من هذا يساعدهم على الإبداع، انطلاقا من هذا، نحاول من خلال الجمعية، التركيز على الجانب التدريبي في استعمال أدوات الذكاء الاصطناعي، حتى لا ينحرف عن مسارها، ممن يعانون من أمية تكنولوجية، وحتى من المؤسسات التي ينتظر في المستقبل القريب أن تقدم إنتاجا خاليا من اللمسة البشرية، باستعمالها لأدوات الذكاء الاصطناعي واستغنائها عن اليد العاملة البشرية.