رسمت أبهى صور التكافل الاجتماعي بالبليدة
جمعية بن جلول.. 32 سنة من النشاط في تفطير الصائمين

- 106

يقدم المجتمع البليدي كل رمضان، نماذج فريدة من نوعها في العمل التضامني بفضل دعم المحسنين، من الذين لا يتأخرون، مطلقا، في توفير ما يلزم؛ من أجل فتح مطاعم الرحمة، أو دعم العائلات المحتاجة بما يلزم من مواد غذائية، بل وأكثر من هذا؛ لا يتوقف التضامن في الجانب المالي فقط، بل يتعداه إلى الجانب التطوعي؛ حيث تتنافس كل شرائح المجتمع في تقديم ما أمكنهم من مساعدة؛ سعيا وراء تحصيل الأجر في شهر مبارك أيامه معدودات. "المساء" وقفت على نشاط واحدة من أعرق الجمعيات في العمل التضامني بالبليدة، عطاؤها يزيد على 32 سنة في إفطار الصائمين.
ككل سنة، تحوّل فتح مطعم الرحمة بالنسبة لجمعية بن جلول وتحديدا بقلب مدينة الورود، إلى تقليد لا بد منه، يعود في نفس المكان، ونفس الموعد. غير أن الاختلاف الوحيد بين سنة وأخرى هو حجم المساعدات المقدمة، وعدد المتطوعين المنخرطين أو المشاركين في الأنشطة التضامنية، الذين يزيد عددهم سنة بعد سنة خلال شهر رمضان.
وعلى الرغم من وجود عدد من مطاعم الرحمة الموزعة عبر بلديات الولاية، إلا أن جمعية بن جلول، حسب رئيسها بوعلام بلحاج، وزعت لوحدها في اليوم الأول من شهر رمضان، ما يزيد عن 200 وجبة على مستوى المطعم فقط، من بين ألف وجبة تقسَّم على المؤسسات الاستشفائية لفائدة مرافقي المرضى، من الذين تحتّم عليهم الظروف التواجد مع مرضاهم بالمستشفيات، وأخرى توزع على الطريق السريع؛ لحث المسافرين من الذين يتعذر عليهم التواجد بالبيت بسبب السفر، على التوقف وتناول وجبة الإفطار، ومنه أيضا المساهمة في الحد من حوادث المرور، التي تقع، عادة، بسبب السرعة؛ رغبة في التواجد في المنزل قبل موعد الإفطار.
أيام الجمعة تخصَّص لضيوف مطعم بن جلول
أهم ما يميز البرنامج الاستثنائي الرمضاني لجمعية بن جلول، حسب رئيسها، أنها تحاول في كل رمضان، خلق جو من الدفء العائلي على المائدة الرمضانية، من خلال تخصيص أيام لدعوة فئة معيّنة لمشاركتها المائدة الرمضانية. وتم، هذه السنة، تخصيص الجمعة الأولى لعمال النظافة، من الذين يقع على عاتقهم عمل شاق خلال الشهر الفضيل، الذي يعرف ارتفاعا كبيرا في معدل النفايات المنزلية، ما يزيد من حجم ساعات العمل. وقال في هذا الصدد رئيس الجمعية: " ارتأينا من باب التضامن، أن نكرم هؤلاء. وهو إشهاد بنبل العمل الذي يقومون به".
أما الجمعة الثانية فتخصَّص، حسب المتحدث، لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، التي تحتاج، هي الأخرى، لمن يتذكرها؛ حيث يُنتظر أن يتم دعوة الأطفال المصابين بالتريزوميا رفقة عائلاتهم؛ لمقاسمتهم، في جو عائلي، المائدة الرمضانية، بينما تخصَّص الجمعة الثالثة للمشاركين في مسابقة فارس القرآن في طبعتها الثالثة، التي دأبت على تنظيمها الجمعية. ويتم دعوة الفائزين بالمسابقة رفقة ذويهم. وأضاف المتحدث: "الجمعة الأخيرة ختامها مسك؛ إذ يتم تكريم المتطوعين الذين ساهموا في العمل الخيري خلال الشهر الفضيل؛ من خلال دعوتهم رفقة ذويهم، لإفطار عائلي، مفعم بالروح الأخوية".
ومن أكثر الأنشطة التي يحبها الزوار الذين يقصدون مطعم الإفطار لجمعية بن جلول ـ وهو تقليد أيضا تعودت عليه الجمعية ـ المسابقة الفكرية التي يتم تنظيمها لفائدة زوار المطعم؛ حيث يتم توجيه سؤال فكري ثقافي بعد الإفطار. والفائز يحصل على هديته في عين المكان. وهي التفاتة، الهدف منها رسم البسمة على من حتّمت عليهم الظروف تناول وجبة الإفطار بعيدا على الأهل.
وحسب رئيس الجمعية، فإن الملفت للانتباه هذه السنة، أن مطعم الرحمة استقبل أيضا عددا من الطالبات الجامعيات، اللواتي أبين إلا أن يعشن تجربة الإفطار بمطعم الرحمة؛ بحثا على الجو العائلي، لافتا في السياق، إلى أن أهم ما يميز النشاط التضامني لجمعية بن جلول، الأعداد المتزايدة من المتطوعين من الجنسين، ومن كل الشرائح العمرية.
وردّا على سؤال "المساء" عما إذا تم توجيه تعليمات خاصة بمنعهم من توزيع وجبة الإفطار على الطريق السريع، أوضح رئيس الجمعية أنهم لا يقومون بتوزيع الوجبات على الطرق، وإنما يتم اختيار محطة بنزين يتوقف عندها المسافرون، ويتواصلون معهم؛ لحثهم على أخذ قسط من الراحة، وتناول وجبة الإفطار.