خير الأعمال في العشر الأواخر من رمضان
- 47489
للعشر الأواخر من رمضان مزايا تفضلها على غيرها من ليالي العام، ذلك أنها الليالي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها بالعبادة، وفيها ليلة القدر التي هي "خير من ألف شهر".
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بعناية واجتهاد كبيرين، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من العبادة والحرص على فعل الخير.
ففي الصحيحين عن عائِشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا دخل الْعشْرُ شدّ مِئزرهُ، وأحيا ليلهُ، وأيقظ أهلهُ". و"شد مئزره" كناية عن اعتزال النساء، و"أحيا ليلهُ" معناه استغرقه بالسهر في العبادة صلاة وتلاوة.
فيستحب للمسلم أن يحقق في هذه العشر مفهوم العبودية لله عز وجل في حياته العامة والخاصة، وأن يركز على تزكية نفسه وإصلاح قلبه والتزود بالخيرات، حيث يحبذ للمسلم في العشر الأواخر من رمضان الحرص على جملة من أعمال البر من أهمها:
تحري ليلة القدر:
فليلة القدر هي أعظم ليالي العام لقوله تعالى إنها "خير من ألف شهر"، ومن عظيم فضل العشر الأواخر من رمضان أنها فيها. فلو قُدر للمؤمن أن يصادف ليلة القدر متعبدا لله مخلصا له الدين، لكانت وحدها خيرا له من عبادة حياته كاملة.
الاعتكاف:
وهو عبادة من أجل الأعمال الصالحات المستحبة في العشر الأواخر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "كان يعْتكِفُ الْعشْر الأواخِر مِنْ رمضان حتّى توفّاهُ اللّهُ"، ولتعذره في هذا رمضان بسبب الإجراءات الوقائية من وباء "كورونا" بتعليق صلاة الجماعة والتجمعات مهما كان نوعها، ومنها صلاة التراويح والاعتكاف، فيمكن للمسلم أن يعوضه بقيام الليل في البيت إيمانا واحتسابا.
تلاوة القرآن:
فرمضان هو شهر القرآن والإكثار من قراءته بتدبر وخشوع، قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}، فينبغي استغلال أوقاته، لا سيما عشره الأخيرة بالتفرغ لمدارسته ومذاكرته. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدارسه جبريل عليه السلام القرآن في كل يوم من أيام رمضان.
الدعاء:
فالدعاء عبادة عظيمة يغفل عنها كثير من الناس، ويقول فيه عليه الصلاةُ والسلام: "إن في الليلِ لساعة لا يُوافقها رجلٌ مُسلم يسأل الله خيرا مِن أمرِ الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كلّ ليلة"، رواه مسلم، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوفُ الليل الآخِر ودُبر الصلواتِ المكتوباتِ، رواه الترمذي.
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليلة الأخيرة فيقول: من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»، وفي مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله إلى السماء الدنيا، ثم تفتح أبواب السماء حتى يطلع الفجر".
اغتنام آخر ليلة من رمضان:
وهي ليلة من أعظم الليالي ففيها يغفر الله لعباده المؤمنين، ويعتق فيها رقاب من ارتضى عملهم، وهي ليلة الختم وليلة توزيع الجوائز، وقد سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أليلة القدر هي؟ قال: "لا ولكن العامل إنما يوفى أجره عند انقضاء عمله". وحرف العادة أن يفغل الناس عن هذه الليلة المباركة ولا تكن حيث ينهون أعمالهم وقيامهم وصالح أعمالهم بعد ليلة السابع والعشرين.
الإنفاق في سبيل الله:
يستحب الإكثار من الصدقة في رمضان عامة وفي العشر الأواخر منه، خاصة في غير سرف ولا خيلاء، إذ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "كان أجْود النّاسِ بِالْخيْرِ، وكان أجْود ما يكُونُ في رمضان".