فوضى وشجارات في صلاة التراويح
- 2042
تعرف المساجد بحلول الشهر الفضيل توافد أعداد كبيرة من المصلين، بما في ذلك النساء اللواتي عادة ما يقل عددهم في الأيام العادية، حيث تكتظ المساجد بالمصليين، خاصة وقت صلاة التراويح، ويضطر عدد كبير منهم للصلاة في الشارع، ولعلّ من بين الظواهر التي تنتج عن هذا الإقبال، جلب الأبناء للصلاة، الأمر الذي يحول المساجد إلى شبه روضة للأطفال خاصة في أقسام النساء، حيث تتعالى أصوات الضحك والبكاء والصراخ لتزاحم صوت الإمام وقت الصلاة والدعاء، الأمر الذي دفع بالأئمة والمرشدين إلى التحسيس بهذه الظواهر، علّها تجد آذان صاغية.. وعن ظاهرة جلب الأطفال إلى المساجد سلطت ”المساء” الضوء على المجهودات المبذولة من طرف الأئمة والمرشدين للحد منها، ورصدت انطباعات المواطنين حولها.
يبدو أن منع المصلين عموما والنساء تحديدا من جلب أبنائهم إلى المساجد يكاد يكون شبه مستحيل، لصعوبة إقناعهم بالعدول عن الفكرة والصلاة بالمنازل، وحجتهم في ذلك أن المساجد هي بيوت الله ولا يمكن لأي كان أن يمنعهم عنها، ناهيك عن أن شهر رمضان يأتي مرة واحد في السنة، وبالتالي لا يمكن تضييع فرصة صلاة التراويح، لمجرد أن لديهم أبناء..هي مجموعة من القناعات رصدتها ”المساء” في استطلاع للرأي، مسّ عددا من المواطنات وجعلتهن هذه القناعات يبادرن بدورهن إلى اتخاذ بعض التدابير، ولعل أهمها حسبما جاء على لسان السيدة ”فاطمة الزهراء.ع” التي أوضحت في معرض حديثها ”بأن أكثر ما يقلقها لدى خروجها لصلاة التراويح هو التوافد الكبير للنساء مع أبنائهن بعد الإفطار خاصة اللواتي يسكن بالقرب من المساجد، حيث يأتون حتى بالرضع لعدم وجود من يقبل الاعتناء بهم في غيابهن، وأمام هذا تشير ”قررت أن التحق بالمسجد بعد الإفطار مباشرة لأحجز مكانا لي في الصفوف الأولى التي عادة ما تجلس فيها النساء الكبيرات في السن”.
البحث عن مساجد يرتادها أطفال قليلون
بينما أشارت مواطنة من سكان بلدية بوزريعة، إلى أنّ ظاهرة جلب الأطفال إلى المساجد أصبحت جد مقلقة، وتقول ”لأنها تحرمنا طعم الخشوع والاستماع إلى خطبة الإمام بانتباه وتجعلنا في كل مرة نردد عبارة ”سكوت... قليلا من الهدوء، شدو أولادكم فضلا ...” وتضيف ”أمام هذا الوضع، أزور في كل مرة يحل فيها الشهر الفضيل عددا من المساجد، وأختار منها المسجد الذي لا يزوره عدد كبير من الأطفال لأتمكن من أداء صلاتي على أكمل وجه”، في حين تؤكّد السيدة ”جميلة.ع” أنها تضطر للصلاة في أكثر من مسجد هروبا من ضجيج الأطفال ولغو النساء، حيث تفضل ”الصلاة في المسجد الذي لا يعرفها فيه أحد لتجنب الحديث ولا تضطر إلى الدخول في مناوشات مع اللواتي يجلبن أبناءهن الصغار إلى المساجد.
مجبرات على العزوف عن صلاة التراويح
بينما اختارت أخريات الاقتداء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال ”وصلاتك في بيتك خير” بعدما تعذر عليهن تحمل بعض المظاهر التي أضحت عليها المساجد، ومنهن الحاجة ”مريم. ن« التي أوضحت في حديثها أنّها عدلت نهائيا عن صلاة التراويح وجعلت صلاتها بالمسجد في رمضان محصورة في يوم الجمعة فقط، رغم أن المسجد على بضع خطوات من بيتها، بسبب كثرة حديث النساء عن يومياتهن في الطبخ والمسلسلات وبعض الطرائف، حتى والإمام يلقي خطبته، الأمر الذي يجعلها تتساءل في نفسها عن الدافع إلى مجيئهن لبيت الله، فضلا عن تواجد عدد كبير من الأطفال الذين يصعب إسكاتهم حتى وقت القيام للصلاة حيث يلعبون بين الصفوف”.
شجار يضرب الآداب عرض الحائط
دفع الاعتقاد السائد بأن بيوت الله هي المكان الوحيد الذي لا يحق فيه لأي كان أن يحاسب غيره على التواجد فيه، إلى الاعتقاد بأن لديهن الحق في القيام بما يردنه ضاربات عرض الحائط بعض الآداب التي ينبغي أن يلتزم بها كل من يرتاد المسجد، ومن ثمة فإنّ الجهل بهذه الآداب جعل بعض النساء يسمحن لأنفسهن بالشجار مع من تطلبن إليهن إسكات أبنائهن أو نصحنهن بعدم جلبهن إلى المسجد، وهو ما حدثتنا به مواطنة في معرض حديثها. وقالت إنها من اللواتي يعطين لكل أنواع العبادات حقها، وبحكم أنها من مرتادات المساجد على مدار السنة طلبا لتعلم القرآن تدرك جيدا آدابه، الأمر الذي يدفعها في كل مرة إلى لفت انتباه النساة إلى الاهتمام بأبنائهن ومنعهن من كثرة الحركة والتشويش، غير أنّ هذه الملاحظة ـ حسبها ـ تثير غضبهن ويرددن عليها بعبارة واحدة ”ماراناش في دارك” ولا ينتهي الجدال الذي سرعان ما يتحول إلى شجار حتى تتدخل المرشدات لتهدئة الأوضاع.