"وحدة التكفل بالمرضى في منازلهم" بالخروب
أطباء يزرعون الأمل وينتزعون الألم من المرضى في منازلهم
- 3014
يقود الدكتور بوشاقور وطاقمه الطبي منذ 31 / 12 / 2013 وحدة العلاج المنزلي (وحدة التكفل بالمرضى في منازلهم (H.A.D ) التابعة لمستشفى الخروب بقسنطينة.هي وحدة علاج منزلي ومتابعة استشفائية للمرضى في أسرهم المنزلية بين عائلاتهم وذويهم. أنشئت بمبادرة من البلدية وبتنسيق ودعم من مستشفى الخروب.إلى غاية أفريل 2016، يقول رئيس الفريق، تمكنت الوحدة الطبية المتنقلة من المرافقة والتكفل بـ136 مريضا منهم 83 امرأة و53 رجلا وذلك بمجموع 240"خرجة".
هذا الفريق يعمل تحت إشراف الدكتور بوشاقور (طبيب عام) ويضم طبيبتين نفسانيتين ومدلك (كينيست) وممرضة ومساعدة اجتماعية ومزود بسيارة إسعاف مهداة من جمعية "راحة" لأمراض السكري. مجالات تحركاته وخرجاته الطبية تغطي الأحياء والمداشر الكبرى لبلدية الخروب (مثل الخروب وصالح دراجي وعلي منجلي والقطار وماسينيسا...). رغم مرور مدة قصيرة على تأسيسها ونشاطها، تمكنت وحدة التكفل بالمرضى في منازلهم (H.A.D) من احتلال مكانة في نفوس المرضى يعكسها اتساع رقعة تحركاتها وتزايد عدد المرضى الراغبين في خدماتها ومرافقتها لهم، نتيجة ما يتميز به طاقمها من جدية وحسن معاملة ورعاية و"إنسانية".
العلاج المنزلي ليس بديلا.. للمستشفى
في الحقيقة، ضبطت وحدة علاج المرضى في منازلهم بدقة تحركاتها وتنقلاتها. هي لا تعمل بعفوية أو تلقائية قد تعكر مفهوم ومغزى العلاج المنزلي ومن ثمة أن تحل أو تلغي دور المستشفى أو العيادات الخاصة التي تظل المنطلق الرئيسي والمرجع الذي يستند إليه فريق الوحدة في ضبط قوائم المرضى ورزنامة التحرك أو "الخرجات". وعليه فإن التكفل بمريض ما، يتم باقتراح من طبيبه المعالج. ينقل من المستشفى إلى المنزل لتتم رعايته ومرافقته ولا فرق أن يكون الطبيب المعالج تابعا للقطاع العام أو الخاص. كما قد تباشر وحدة العلاج المنزلي رعايتها للمريض باقتراح أو بطلب من جمعيات إسعاف المرضى أو وحدات الصحة الجوارية. كل ماتشترطه الوحدة للتدخل والتكفل أن يكون ذلك استجابة لطبيب معالج وهذا ما يميزها عن دور ونشاط الجمعيات الخيرية والإنسانية الأخرى.
مجالات التدخل وأنواع التكفل
أضافت وحدة التكفل بالمرضى في منازلهم التابعة إلى مستشفى الخروب إلى مجالات التدخل والمرافقة الطبية العادية (تغيير الضمادات، تنظيف الجروح، التدليك، قياس الحرارة، تقديم الإسعافات اللازمة التي لا تستدعي نقل المريض إلى المستشفى، المرافقة النفسية (لمرضى السرطان على الخصوص) تبعات الجلطات الدماغية، الجروح الناتجة عن الاسترخاء والتمدد (وعكات تصيب الظهر لكثرة الاستلقاء والتمدد)، انعاش المصابين بفقدان الحيوية الناجمة عن التجفف Hydratation...الخ أضافت مجالا يميزها عن غيرها والمتعلق بالتكفل بالألم (مرضى السرطان على الخصوص والحروق). لكن وحدة الخروب وسعت نشاطها ومرافقتها ومساعداتها إلى الإعانات الاجتماعية (كراسي متحركة، وحفاظات وأسرّة وأدوية وتجهيزات ضرورية للعلاج والتكفل بالمريض...)
كيف يتم التكفل بالألم؟
يقول الدكتور بوشاقور أن الخطوة الأولى تكمن في تقييم درجة الألم وذلك باستعمال طريقة طبية معروفة وهي "المسطرة" التي تعتبر السلم المباشرة من صفر درجة (٠) إلى عشر درجات (١٠).
هذه الطريقة - كما يضيف - كثيرا ما تؤدي إلى توتر المريض لذلك كما يؤكد: "اعتمدنا الطريقة التقليدية وهي الاعتماد على الأسئلة المباشرة مثل: متى انتابك الألم؟ موضع الألم؟ الوضعية المريحة؟...
تبعا لهذا التقييم يتم إعطاء الوصفة، لكن مع مراعاة الوصفات الطبية الممنوحة من طرف الأخصائيين.
٢٤٠ خرجة طبية منزلية
قدم رئيس وحدة المرافقة الطبية بالخروب الدكتور بوشاقور، أرقاما عن عدد المرضى الذين تم التكفل بهم والذين بلغ عددهم ١٣٦ مريضا (٨٣ امرأة و٥٣ رجلا) موزعين عموما على الأمراض التالية:
١ - الجلطات الدماغية: ٤٠ إمرأة و١٨ رجلا
٢ - السكري (النوع ٢): ٥ نساء و٤ رجال
٣ - السرطان: ١١ امرأة و١٠ رجال
٤ - أمراض أخرى مختلفة
وهذا بمجموع ٢٤٠ خرجة منزلية
مثلا - كما يوضح الدكتور - شمل التدليك ٥٨ حالة منهم ١٨ استفادوا من ١٤٥ حصة من مرة إلى ١٢ أسبوعا للمريض الواحد. منهم ٥ مرضى شفوا نهائيا. وخمسة آخرين أوقف تدليكهم بأمر من طبيبهم المعالج (مرضى القلب على الخصوص).
من بين كل المرضى الذين تم التكفل بهم (أي ١٣٦) توفى منهم ٨ نساء و١٠ رجال (مرضى السرطان على الخصوص).
صعوبات تعترض "العلاج المنزلي".
ذكر الدكتور بوشاقور أن التكفل بالمرضى في منازلهم، إضافة إلى كونه عمل طبي هو أيضا عمل إنساني وحتى اقتصادي. مضيفا بأن "حتى وإن لم نسجل متاعب في التعامل مع المرضى، بل بالعكس لمسنا لديهم راحة أكبر أو أريحية نفسية، فإن هذا لا يحجب المتاعب والصعوبات التي تعترض "الطب المنزلي". الصعوبات ناجمة عن تحديد عناوين المرضى بدقة سيما في الأحياء الشعبية (الفوضوية) أو الأحياء السكنية الجديدة (المرحلون حديثا دون أرقام أو أسماء الشوارع).
كذلك هناك مرضى يسكنون طوابق عليا، أو مرضى يسكنون بمفردهم مما يعقد حتى فتح الباب من طرف المريض إذا كان مسنا ومتواجدا بمفرده في البيت. كما يصطدم فريقنا بما ينجم عن تعدد الأطباء المعالجين أو بعدم التنسيق بين المؤسسات الاستشفائية الخاصة والعمومية. ونعاني أيضا من نقص العتاد والتجهيزات مثل البطانيات les Mattelats لا يمكننا توفير المستلزمات لكل المرضى وفي نفس الوقت)
الفوائد الاقتصادية للعلاج المنزلي
استدرك رئيس الوحدة الطبية المنزلية ليقول: "رغم كل هذه المتاعب والصعوبات، فإن العلاج المنزلي "متعة طبية". له دور ايجابي ونفسي على المريض، حيث يعالج بين أهله وأسرته. فيكون أكثر راحة كما يخفف عنه متاعب نزول العمارات والتنقل وقطع المسافات والازدحام وأحيانا يتأخر عن موعد المعاينة أو قد لا يأتي الطبيب في الوقت. وعلينا أن ندرج الأمر في فصلي الشتاء (البرد أو انقطاع الطرق) أو حرارة الصيف المرتفعة إلى حد الاختناق. دون أن نغفل ما تخلفه الزيارات إلى المستشفى من ضغوط وانعكاسات على المريض نفسه. أو حتى تعرضه إلى أمراض أخرى ناجمة عن مدة اقامته في المستشفى (les maladies nosocomiales) كل ما سبق لا ينسينا الايجابيات التي يوفرها "الطب المنزلي" في مجال الكلفة الاقتصادية.
علينا أن نتصور ما يوفره علاج مريض في منزله بدل المستشفى من تخفيف للضغط والإيواء والأكل...
العلاج المنزلي ليس كله جنة
"العلاج المنزلي" ليس كله "جنة" أيضا (كما يقول الدكتور بوشاقور)، حيث إن بعض المرضى يحتاجون إلي معاينات يومية وهذا مرتبط بالتواجد في المستشفى. كما أن بعضهم يحتاج إلى علاج مركز أو مكثف وأدوية في وسط استشفائي مميز وهذا ما قد لا يتوفر في سكنات الأحياء الشعبية على الخصوص (الفوضوية) إضافة إلى توفر "المشورة الطبية" في المستشفيات (عدد الأطباء والأخصائيين في المستشفى).
ما يوفر عدة آراء بشأن مريض واحد، وهو أمر يساعد المريض نفسيا.
من أين " تقتات: وحدة التكفل؟
ميزانية وحدة التكفل بالمرضى في منازلهم (H.A.D ) تقتطع تمويلها من ميزانية مستشفى الخروب، لكن ذلك لم يمنعها من تلقي بعض المساعدات المحددة (الخاصة جدا) من الجمعيات المتكفلة بالمرضى (كالكراسي وسيارة الاسعاف والأدوية .. و الهاتف).
يتم ذلك بالتنسيق مع إدارة المستشفى بواسطة (LOGICIEL) يتضمن كل المعلومات والإفادات حول المريض والموعد ورزنامة الخرجات .. الخ،
في آخر اللقاء استعرض الدكتور بوشاقور في لقائه بالمساء تاريخ " العلاج المنزلي" خارج الجزائر الذي بدأ- كما قال -في ١٩٤٠ بنيويورك. ثم تسرب إلى فرنسا في ١٩٥٠.
بالنسبة للجزائر، بدأ مع الأستاذ برووي في أواخر السبعينات ، ليمتد إلى قسنطينة مع الأستاذ رولا في ١٩٨٠ (الأمراض الباطنية) وأخيرا بالخروب في ٢٠١٣.
وهذا كان ثمرة قرار وزاري (2001) متعلق بإصلاح المستشفيات، وكان بموجبه قرار التنفيذ في 2013. قبل أن يتبع بقرارات وزارية في 2014 قصد تعميم العلاج المنزلي لتخفيف الضغوط عن طاقة الاستيعاب في المستشفيات.
وتحدث الدكتور بوشاقور في نهاية لقائه بالمساء عن الشراكات وتبادل الخبرات داخليا وخارجيا بين وحدته التابعة لمستشفى الخروب ومستشفيات أخرى كـ " بئر طرارية" ومستشفى قسنطينة، والاستفادة من تجربة ميلوز، أين يلعب المجتمع المدني والقطاع الخاص دورا فعالا وبارزا في المساعدة على انجاح العلاج المنزلي بالدعم والتكفل المباشر.
في ميلوز يعتمدون مثلا على الممرضات الخواص أو المتطوعات وهو أمر غير متوفر حاليا في بلادنا.
كما أن وحدة التكفل في ميلوز تضم ٨٢ موظفا وتتكفل بـ ٧٥ بلدية (بعدد سكاني يقارب ٤٠٠ ألف ساكن) وهو عدد سكاني يساوي عدد سكان بلدية الخروب وحدها. لذلك فإن هدفهم محدد ببلوغ معاينة ١٠٠ مريض في اليوم. بينما في الخروب لا تتجاوز المعاينة ما بين ٥و٦ مريض مع رسم هدف بـ١٠ مرضى يوميا، وهو هدف يتطلب امكانيات أكبر ودعم أكثر.