فيما أضحت "الجباحية" طريقا للموت
الحوادث المأساوية إلى متى..؟
- 125
❊ الدرك الوطني يرفع شعار " كفانا حوادث، كفانا ضحايا وكفانا مآسيَ ومعاً للالتزام"
❊ عدد القتلى والجرحى يواصل الارتفاع والحملات تتضاعف والردع دون جدوى
لاتزال حوادث المرور تحصد الضحايا؛ إذ أضحى " إرهاب الطرقات" ظاهرة تتكرر يوميا في حياتنا؛ بسبب العامل البشري الذي لا يحترم قواعد السياقة والسلامة المرورية رغم الحملات التحسيسية والإجراءات الردعية المتخذة من طرف مختلف السلطات المعنية؛ ما يحتّم إجراء دراسات جديدة لمعرفة الأسباب الدقيقة وراء تفاقم المشكل، فيما تشهد الأرقام ارتفاعا من أسبوع لآخر؛ إذ يرى إهل الاختصاص، أن حوادث المرور لم تعد مجرد أرقام في تقارير دورية، وأن الحوادث لم تعد تردعها جهود وحملات التحسيس، بل وجب اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
ومن أثقل حصيلة لحوادث المرور المسجلة الأسبوع المنصرم الى غاية الوقت الراهن، الحادث المرور المأساوي، الذي هز ولاية ورقلة؛ إذ أسفر اصطدام قوي على الطريق الوطني رقم 53 أ بين حاسي مسعود والبرمة، عن وفاة 11 شخصا، وإصابة آخر بجروح في منطقة بئر بوكة.
كما سُجل، بعدها مباشرة، حادث آخر على الطريق الوطني الرابط بين ولايتي تندوف وبني عباس، أسفر عن وفاة 5 أشخاص، وإصابة أربعة آخرين بجروح بليغة…
"كفانا ضحايا" شعارُ مصالح الدرك الوطني
أكد الرقيب الأول عبد الحميد عمراني المكلف بالاتصال بمركز الإعلام وتنسيق المرور بقيادة الدرك الوطني ،لـ "المساء"، أن وحدات الدرك الوطني عبر إقليم الاختصاص سجلت 151 حادث مروري؛ ما أسفر عن وفاة 44 شخصا، وإصابة 222 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الجاري.
وعن الأسباب المؤدية إلى هذه الحوادث، أكد أن العامل البشري يتصدر قائمة الأسباب، ما أسفر عن 125 حادث، منها 19 حادثا لعدم خفض السرعة في المنعرجات، و14 حادثا بسبب السير على اليسار، و12 حادثا بسبب عدم احترام المسافة الأمنية، و11 حادثا بسبب سوء الأحوال الجوية، فيما تَسبب المارة في 10 حوادث، وفق المتحدث.
وفي ما يخص الولايات التي سُجل عبر طرقاتها أكبر عدد من حوادث المرور، ذكر مصدر "المساء" ولاية البويرة التي تصدرت القائمة بـ 12 حادثا، تليها الجزائر العاصمة والجلفة وبومرداس ووهران بـ 8 حوادث، موضحا في حديثه أنّ هناك ارتفاعا ملحوظا في عدد الضحايا مقارنة بالأسبوع الماضي بـ9 قتلى، و15 جريحا.
وفي نفس السياق، سُجل في هذه الفترة حادث مميث بولاية ورقلة، بين حافلة لنقل العمل وجرار، خلّف 11 قتيلا، شأنه شأن حادث تندوف بين سيارة وشاحنة، الذي تَسبب في وفاة 5 أشخاص، وجرح 4 آخرين.
وبلغة فيها نوع من التأسف والحسرة قال عبد الحميد عمراني: "كفانا حوادث، كفانا ضحايا، وكفانا مآسي، ومعا للالتزام بحوادث المرور"، داعيا في نفس الوقت، إلى اتخاذ الحيطة والحذر، والالتزام بقواعد السلامة المرورية: "بما أننا شهدنا حوادث مأساوية تخص أصحاب المسافات البعيدة، ندعو السواق لأخذ قسط من الراحة خلال السفر. أما بالنسبة لسواق الحافلات، لا بد من التناوب والاستعانة بالسائق الإضافي للمسافات الطويلة، الذي يدوم لتسع ساعات أو فاقت المسافة 600 كلم، مع إجبارية التوقف لمدة 30 دقيقة على الأقل، واحترام مدة السياقة اليومية التي لا تتجاوز 9 ساعات؛ لضمان سلامتهم وسلامة الجميع". كما دعا المواطنين للتبليغ عن التصرفات السلبية للسياق المخالفين للقوانين، وتجاوز السرعة المفرطة عبر الرقم الأخضر، وصفحة "طريقي" التي تعمل 24 ساعة دون توقف.
حملات التحسيس تتواصل في فصل الشتاء
وأكد عمراني أن ظاهرة حوادث المرور تزايدت بشكل لافت هذه الأيام رغم الحملات التحسيسية لمختلف الأجهزة الأمنية والإجراءات الوقائية المتخذة على مستوى المدن والطرقات الوطنية؛ ما استدعى استنفار الجميع، وقول "كفى مجازر الطرقات".
وأرجع محدثنا سبب ارتفاع حصيلة حوادث المرور، إلى العامل البشري الذي كان سببا رئيسا في وقوع معظم هذه الحوادث بما يحتّم توعية السواق بالتدابير اللازمة لتفادي استمرار هذه الكارثة. وأضاف أن من بين الأسباب المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث، تجاوز السرعة المسموح بها، والتجاوز الخطير في المنعرجات، وعدم احترام الأولوية ومسافة الأمان والمناورات، واستعمال الهاتف النقال أثناء السياقة. كما قال إن وحدات أمن الطرقات لم تتوقف عن التحسيس بحوادث الطرقات، والترويج للثقافة المرورية لدى السواق، واحترام قوانين المرور للحد من "إرهاب الطرقات" بقناعة أن السياقة متعة..
وأوضح أن وحدات الدرك تبقى دائما في الميدان لتحسيس المواطن خاصة خلال فصل الشتاء، ابتداء من المناطق الداخلية، وصولا إلى الولايات الساحلية. كما يقوم الدرك بخصوص سائقي المسافات الطويلة سواء على متن حافلات نقل المسافرين أو شاحنات نقل السلع عبر مختلف نقاط المراقبة والتفتيش، بتوقيف السائق في حال ملاحظة الإرهاق، ومطالبته بالركون إلى الراحة أو تغيير السائق للحفاظ على سلامة الركاب، علما أن وحدة الدرك الوطني وضعت صفحة "طريقي" عبر موقع فايسبوك؛ لإعلام المواطنين بأخطار الطرقات، والتجاوزات، والمخالفات والمناورات.
الجباحية "منحدر الموت" هذه السنة
كشفت التقارير أن منحدر الجباحية التابع لولاية البويرة، سجل أكبر عدد من حوادث المرور هذه السنة؛ لأسباب مختلفة؛ منها السرعة المفرطة في المنعرجات، والزيوت المتدفقة عبر الطرقات، وحتى التجاوزات الخطيرة؛ ما أثار حفيظة أهل الاختصاص، الذين قرروا وضع دراسات للوقوف على الأسباب الحقيقية لمنعرج الموت.
للإشارة، ترأّس مدير الأشغال العمومية لولاية البويرة مؤخرا، اجتماعا تنسيقيا، ضمّ مختلف المتدخلين عبر الطريق السيار شرق - غرب (سرية أمن الطرقات للدرك الوطني، وممثلين عن الحماية المدنية، ومدير النقل، وممثلين عن الجزائرية للطرق السيارة)؛ لدراسة أسباب حوادث المرور بمنحدر الجباحية، وإيجاد حلول لها؛ حيث تم اقتراح عدة حلول، منها الاستعجالية، والدائمة للحدّ من خطورة هذا المنحدر؛ من خلال تخفيض السرعة من مستعملي الطريق بهذا المقطع، مع احترام الحمولة المرخص بها قانونا لمركبات الوزن الثقيل.
فيدرالية سيارات الأجرة في حالة "استنفار"
دعا رئيس الفيدرالية الوطنية لسيارات الأجرة، بن غرس الله حسان، في تصريح لـ "المساء"، السائقين بصفة عامة، إلى التحلي بروح المسؤولية والالتزام بقواعد السلامة المرورية، وأصحابَ سيارات الأجرة بصفة خاصة، خصوصا الذين يشغلون خطوط ما بين الولايات. وأوضح أن العمل البشري وراء ارتفاع حصيلة الحوادث، مع تجاوز السرعة القانونية.
وأشار المتحدث إلى أن أغلب حوادث المرور المسجلة كانت بفعل سواق النقل الجماعي غير المبالين بالمسؤولية التي يحملونها في أعناقهم؛ حيث تتعرض الأرواح للموت بسبب تهوّرهم، داعيا السائقين إلى احترام قواعد المرور. كما دعا أصحاب سيارات الأجرة لأخذ الحيطة والحذر، علما أن مديرية النقل وفيدرالية سائقي السيارات تتلقى في كل مرة، عدة شكاوى من طرف المواطن عن التجاوزات الخطيرة التي يقوم بها السياق. كما أشار مصدرنا إلى التوقف العشوائي لأصحاب الحافلات في مختلف الأماكن وعبر الطرقات السريعة، الذين يتسببون هم الآخرون، في حصد الأرواح، مشيرا إلى أن المواطن هو أيضا، لا يبالي بالخطر الذي يُحدثه من خلال النزول في الطرقات السريعة.
وعن العقوبات والإجراءات الردعية التي تقوم بها فيدرالية سيارات الأجرة ومديرية النقل، قال بن غرس الله إن أصحاب السيارات يتعرضون لعقوبات صارمة في حال تسجيل شكاوى رسمية ومكتوبة وموثقة؛ لذا لا بد للسائقين من التحلي بالمسؤولية. كما إن هيئته تقول بالتحسيس على مدار السنة رفقة الجمعيات؛ للحد من حوادث المرور.
حملة تحسيسية عبر المقاطعات الإدارية بالعاصمة
أطلقت العديد من المقاطعات بولاية الجزائر، حملات تحسيسية للحد من حوادث المرور، تحت شعار "معاً من أجل سياقة دون حوادث" .
وتهدف هذه المبادرة التي تعرف مشاركة عدة قطاعات وفعاليات المجتمع المدني، إلى تحسيس الأسر والسائقين بضرورة التحلي بالحيطة والحذر، واحترام قانون المرور، وتفادي السرعة المفرطة.
ويشارك في هذه الحملة التحسيسية كل من المصالح الأمنية، والحماية المدنية، وأئمة وأفواج من الكشافة الإسلامية؛ حيث تم توزيع مطويات توعوية على مستعملي الطريق الوطني على مستوى نقاط المراقبة. وتم التحدث إلى السائقين، وحثهم على احترام قانون المرور، وتفادي السرعة المفرطة، خاصة من سائقي حافلات النقل الجماعي.
كما يتم من خلال هذه الحملة التي جاءت تجسيدا للأهداف المسطرة من السلطات المعنية، تحسيس وتوعية المواطنين بضرورة الالتزام بقانون المرور، والكف عن جلّ الأخطاء التي يرتكبها كثير من السواق. وهي تهدف إلى رفع درجة الوعي عند سواق المركبات بمختلف أنواعها، وكذا مرافقة مستعملي الطريق، وتحسيسهم بمدى خطورة حوادث المرور ونتائجها المأساوية، خاصة في فصل الشتاء، الذي عادة ما يميزه طابع خاص، له تأثير مباشر على قيادة المركبات، وينتج عنه تصرفات وسلوكات سلبية.
ومن بين هذه السلوكات الإفراط في السرعة، والتجاوز الخطير، والتعب والإرهاق وتأثيرهما على السياقة، وفقدان التركيز أثناء السياقة، والنرفزة والمشاحنات أثناء السياقة.
للإشارة، ستكون مختلف شبكات الطرقات الرئيسة والثانوية بالعاصمة، مجالا مفتوحا لأعوان الدرك الوطني؛ من أجل توعية المواطنين، والسواق خصوصا، بضرورة احترام قانون المرور؛ حمايةً لأرواحهم وأرواح غيرهم، علما أن الهدف من هذه الحملة يكمن في تذكير مستعملي الطرق وتحسيسهم بالخسائر التي تُلحقها حوادث المرور؛ من أرواح بشرية، وخسائر مادية.