منها قانونا الفنان والصناعة السينمائية

إنجازات “استثنائية” لصالح المبدعين

إنجازات “استثنائية” لصالح المبدعين
  • القراءات: 234 مرات
نوال جاوت نوال جاوت

❊إعادة تشكيل الذاكرة الوطنية وحمايتها..تحد كبير ينبغي رفعه

❊حرص على حماية الهوية وترسيخ المآثر

❊عناية رئاسية ترتكز على تقدير المسؤولية الوطنية في حفظ إرث الأجيال

ضرورة الانتقال بالثقافة من الدور الترفيهي، إلى ضفة المساهمة في الإنعاش الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار، مكانة المثقف والفنان المرموقة والبارزة في مسار التغيير، وكذا الاستفادة من رصيد تراثي وحضاري ثقيل بمكنوناته وأبعاده الإنسانية والإبداعية، هو الخيار الذي تبناه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون واضعا في الحسبان “انتقاء نموذج ثقافي أصيل”، جاعلا مسألة إعادة بعث الصناعة السينمائية، ضمن الأولويات الواجب الإسراع في تنفيذها، دون إغفال الإنجاز الوطني الكبير المتمثل في القانون الأساسي للفنان الذي يعدّ “انجازا استثنائيا”.
جاء المرسوم الرئاسي رقم 23- 376 المؤرخ في 7 ربيع الثاني عام 1445 الموافق لـ 22 أكتوبر سنة 2023، بمثابة تكريس لالتزام من التزامات الرئيس عبد المجيد تبون، الذي ما فتئ يشدّد على ضرورة توفير الحماية القانونية والاجتماعية للفنانين، حفظا لحقوقهم وكرامتهم.  ولقد جاء القانون وفاء وتنفيذا للالتزام 46 للرئيس في بنده الخامس “5” القاضي بتثمين مهنة الفنان، وكل الفاعلين في مجال الثقافة وترقية دورهم الاجتماعي، ووضعهم القانوني، وبموجب هذا القانون استُحدثت آلية لتعويض الفنانين والتقنيين خلال فترة التوقف اللاإرادي عن ممارسة النشاط الفني، إضافة إلى توفير التأمين التكميلي لكل الفنانين المنخرطين في الصناديق الوطنية للضمان الاجتماعي.

قانون الفنان..فاتحة عهد جديد

وعملا بتوجيهات الرئيس تبون بخصوص المضي في الرقمنة أطلقت وزارة الثقافة والفنون أرضية رقمية مجانية تتيح للفنانين الحصول على بطاقة فنان أو تجديدها، كما تمكنهم من الاطلاع على مسار ملفاتهم ومراحل معالجتها إلى غاية الاستلام، مع الإشارة إلى  توزيع 2325 بطاقة فنان في الأربع سنوات الأخيرة.ويعدّ القانون الأساسي للفنان، “فاتحة عهد جديد على الساحة الثقافية والفنية الجزائرية”، يضاف إلى عدّة مشاريع خاصة بالتكفّل الصحي والاجتماعي للفنانين، حيث أُطلق مشروع إنجاز مركز طبي اجتماعي لصالح الفنانين، كما تقرّر تحويل فيلا “المنزه” بحي القصبة العتيق إلى “دار للفنان” كفضاء يجمع الفنانين والمثقفين الجزائريين في كلّ التخصّصات، مزوّد بالمرافق الضرورية لضمان بيئة مناسبة للّقاء والتشاور والعمل التشاركي.

عناية فائقة بالشباب المبدع

الإنجازات المحقّقة والرعاية الكبرى وفق الرؤية الرشيدة لرئيس الجمهورية تجلت في عدّة مشاريع أخرى منها إنشاء الثانوية الوطنية للفنون “علي معاشي” إلى جانب إطلاق بكالوريا تخصّص فنون في السينما والسمعي البصري والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية وكذا القرار بالمضي نحو تعميم تجربة ثانوية الفنون على المستوى الجهوي، كدلالة على “العناية الفائقة لرئيس الجمهورية بفئة الناشئة والشباب المبدع”، حيث شدّد في أكثر من مناسبة على “ضرورة العناية بالتكوين الفني ومرافقة المبدعين المتخرجين من المعاهد الفنية”.وتحقيقا للالتزام الثامن والثلاثين للسيد رئيس الجمهورية، أُنشِئت خلايا ضمان الجودة على مستوى مؤسّسات التكوين الفني، وإنشاء اللجنة الوطنية لتوحيد البرامج وتحقيق المواءمة، ناهيك عن إنشاء وإطلاق معاهد بلدية للموسيقى في بعض الولايات كمرحلة أولى لتتوسّع إلى كلّ الولايات.وفي إطار تدعيم التكوين الفني ومنح الفئات الشابة تكوينا أكاديميا، حُيِّنت القوانين الأساسية المتعلّقة بمؤسّسات التكوين العالي تحت وصاية قطاع الثقافة ومطابقتها للوصاية البيداغوجية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويتعلّق الأمر بالمعهد الوطني للتكوين العالي في الموسيقى والمعهد العالي لمهن فنون العرض والمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، مع تكثيف العمل من أجل إنشاء معاهد جهوية في الموسيقى والفنون الجميلة، إضافة إلى حاضنات لمشاريع ثقافية، ومخابر بحث ومجلات محكمة، كما تم إثراء منصة “المقاول الذاتي” التابعة لوزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات المصغرة بفتح 25 تخصّصا جديدا في ميدان الصناعات الثقافية.
ووضعت الدولة من بين أولوياتها الملحة نوعين من الاقتصاد؛ أوّلهما اقتصاد المعرفة، تماشيا مع المستجدات العالمية التي تستثمر في الذكاء الاقتصادي وتنويع منابع الدخل، فبناء اقتصاد المعرفة يمثّل مرحلة مصيرية للجزائر، التي تسعى إلى خلق اقتصاد تنافسي يعتمد أساسا على رأس المال البشري غير المادي، وثانيهما الاقتصاد الثقافي الذي تعول عليه الدولة، لبلوغ مستقبل اقتصادي ناجح، إذ شدّدت السلطات العليا للبلاد على ضرورة تضافر جهود الجميع للانتقال بالثقافة من قطاع مستهلك يشكّل عبئا على ميزانية الدولة، إلى قطاع اقتصادي مدرّ للثروة وموفّر لمناصب الشغل.
وتطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ورؤيته الثقافية، اتّخذت الحكومة، عدّة خطوات تصبّ في بوتقة تفعيل اقتصاد الثقافة، حيث عملت على دعم المنتجين في الصناعة السينمائية والثقافية، وتشجيع الخبرات الوطنية في هذا الميدان، ودعم إنشاء الهياكل القاعدية للصناعة السينمائية والمسرحية من استوديوهات التسجيل وقاعات العرض، وتعزيز الأنشطة الثقافية في الوسط المدرسي، وتوفير مناخ مناسب للإبداع الفني، ويتعلّق الأمر بإطلاق منصات لبيع اللوحات التشكيلية والكتب، إلكترونيا، من أجل مرافقة الفنانين والمبدعين ضمن التأسيس لتنظيم سوق الفن، وفتح ورشات للبحث الأثري في المواقع التي شهدت اكتشافات جديدة، إلى جانب اتخاذ تدابير استعجالية لحماية الممتلكات الثقافية التي تم اكتشافها أو استرجاعها، والشروع في الاستغلال الاقتصادي للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية.

متابعة شخصية لملف الصناعة السينمائية

ووضع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مسألة إعادة بعث الصناعة السينمائية، ضمن الأولويات الواجب الإسراع في تنفيذها، وهو ما عكسته التوجيهات التي ما فتئ يوجهها الرئيس للقائمين على قطاع الثقافة، سواء خلال الاجتماعات الدورية لمجلس الوزراء، أو اللقاءات التي يجريها مع الإعلام، حيث يحظى مشروع الصناعة السينمائية بمتابعة شخصية من رئيس الجمهورية، ودخل قانون الصناعة السينماتوغرافية حيز التنفيذ، منذ يوم 2 ماي الأخير، حيث يسمح هذا القانون بأن يستجيب لمطالب السينمائيين الجزائريين، فنانين أو تقنيين، ذلك أنه يرسي منظومة مناسبة لتأطير ممارسة النشاطات الإنتاجية والخدماتية المتصلة بالصناعة السينماتوغرافية، كإطار تشريعي جديد جاء بأحكام تكرّس الطابع الصناعي للسينما، في إطار المقاربة الاقتصادية الجديدة للثقافة، الرامية إلى تطوير وترقية الصناعات الثقافية، باستقطاب رؤوس الأموال في هذا المجال. وذلك بموجب اتفاق بين وزارة الثقافة والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
ومن أجل دفع عجلة السينما الجزائرية، وبعث تألقها وطنيا ودوليا وفق توجيهات وحرص رئيس الجمهورية، مُنِحت خلال الأربع سنوات الأخيرة 1233 رخصة تصوير، واعتماد قرابة 400 مؤسسة سينمائية؛ وتقديم أكثر من 300 رخصة لتوزيع الأفلام والمنتجات السمعية البصرية، وإنشاء الشبكة الوطنية لنوادي السينما لتغطي جميع ولايات الوطن.  وبين 2020 و2024، قُدّمت 118 إعانة مالية ما بين إنتاج وما بعد الإنتاج وكتابة السيناريو، كما أمر الرئيس تبون بإعادة فتح صندوق دعم السينما والآداب والفنون في إطار قانون المالية لسنة 2025، حرصا منه على آمال وطموحات السينمائيين والفنانين الجزائريين.
وتسعى الحكومة ضمن مخطط عملها  لوضع آليات تسمح بتوفير ظروف ملائمة وفعّالة لإطلاق صناعة سينمائية تقوم على تحفيز الاستثمار وتحرير المبادرات بما يجعل البلاد قطبا للإنتاج والتصوير السينمائيين على المستويين الإقليمي والدولي. وفي هذا الإطار، دُشّنت أول مدينة سينمائية في الجنوب الجزائري تحت تسمية “ قصر السينما “ في ولاية تيميمون بلدية تينركوك، بالإضافة إلى اقتراح تسجيل مشروع إنجاز مدينة سينمائية بالعاصمة في أولاد فايت في قانون المالية لسنة 2025، إضافة إلى مشاريع استثمارية أخرى في مجال الصناعة السينماتوغرافية من طرف مستثمرين خواص.

التكوين.. ركيزة أساسية

ولأنّ التكوين من الركائز الأساسية لأيّ استراتيجية، سيفتح المعهد الوطني العالي للسينما بالقليعة أبوابه خلال السنة الجامعية القادمة 2024-2025 وعملا بتوجيهات الرئيس سيحمل المعهد اسم صاحب السعفة الذهبية الفنان القدير محمد لخضر حمينة، وذلك مع مباشرة إجراءات إنشاء المركز الوطني للسينما كهيئة وطنية جامعة للشأن السينمائي في الجزائر. وسيكون تحت وصاية الوزير الأوّل وسيكلف بترقية وتطوير الصناعة السينماتوغرافية والإنتاج السمعي البصري والمساهمة في دعمهما.
ويضاف إلى هذا الخطوات التي تصبّ في إرساء صناعة سينمائية قوية، إطلاق مشروع إنجاز مركز الأرشيف السينماتوغرافي بولاية عين الدفلى قصد الحفاظ على التراث السينمائي الجزائري والذاكرة الفنية فضلا عن صدور منشور وزاري مشترك يتضمّن وضع حيّز التنفيذ عملية إعادة إسناد تسيير قاعات العرض السينمائي التابعة للبلديات لقطاع الثقافة والفنون، وقد تم خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، جرد واسترجاع عدد معتبر من القاعات مع اقتراح تسجيل عمليات ترميم وإعادة تأهيل برصد غلاف مالي هام بعنوان قانون المالية القادم.أما على صعيد الكتاب والمطالعة العمومية، فقد تم الترخيص بإنشاء 52 مكتبة في عديد الولايات خلال السنوات الثلاث (2023-2024-2025(، وإنشاء مكتبات رئيسية للمطالعة العمومية بالمدية والبليدة، مع إتمام الإجراءات لإنشاء مكتبات رئيسية بولايات قالمة، وهران، وسطيف بالإضافة إلى إنشاء المكتبات الرئيسية للمطالعة العمومية للولايات العشرة المستحدثة، مع توزيع أكثر من مليون كتاب لصالح هذه المكتبات وبعض الجمعيات والنوادي القرائية، وخلال الأربع سنوات الأخيرة، نُظّم أكثر من ثلاثين ألف نشاط قرائي، مع إطلاق التظاهرة الفكرية والأدبية “منتدى الكتاب” بداية من أكتوبر 2023، واستصدار 6 نصوص تنظيمية تخصّ تحديد كيفيات دعم الدولة لإيصال الكتاب بنفس السعر الموحد إلى المناطق البعيدة، ووضع شروط وكيفيات منح علامة الجودة لدور نشر الكتاب ومكتبات بيع الكتب، وتحديد كيفيات بيع الكتاب بالطريقة الإلكترونية.
وإلى جانب ذلك فقد تم نشر المئات من العناوين في مختلف المجالات الثقافية والأدبية، بالإضافة إلى طبع 41.500 نسخة بتقنية البرايل، ومع تنظيم الصالون الدولي للكتاب والمعارض الوطنية للكتاب، وشاركت الجزائر في 15 معرضا دوليا للكتاب عبر العالم.

تثمين التراث وترقيته.. مسألة سيادة

ولأنّ التراث الوطني عنوان سيادة الأمة وروح حضارتها، واستجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية المتعلّقة بحماية التراث الثقافي وتثمينه وترقيته، لا سيما أمام بعض الحملات المغرضة التي تستهدف تراثنا بالسرقة والنهب، صُنّفت بعض عناصر تراثنا غير المادية ضمن قوائم التراث الثقافي العالمي لمنظمة اليونيسكو آخرها سنة 2023 كان “النقش على المعادن: الذهب، الفضة والنحاس، المهارات والفنون والممارسات” كتراث ثقافي غير مادي،  وأُدرج سنة 2022 ملف “الراي غناء شعبي من الجزائر”، كما تعمل وزارة الثقافة والفنون على تصنيف المزيد من العناصر غير المادية على غرار إيداع ملف تسجيل الزيّ الاحتفالي النسوي للشرق الجزائري الكبير: معارف ومهارات خياطة وصناعة حليّ تزيين القندورة والملحفة، بالإضافة إلى الملف العربي المشترك “الحناء: العادات والطقوس والممارسات”.
وفي مارس 2024 تمّ إيداع ملف تسجيل فن الزخرفة المعمارية بالزليج، خزف مينائي: المعارف والمهارات المرتبطة به. وتعمل وزارة الثقافة والفنون على إعداد ملفات أخرى من أجل تسجيل مقوّمات جديدة من تراثنا غير المادي العريق والحفاظ عليه، وهي الملفات التي ستدرج في البنك الوطني للتراث الثقافي غير المادي، في انتظار تصنيفها لدى منظمة اليونسكو.
كما أُنشئ المركز الإقليمي لليونسكو لصون التراث الثقافي غير المادي في إفريقيا، وكذا الاتّفاق مع منظمة “الألكسو” على مشروع إنشاء المركز العربي للآثار والتراث الكائن مقره بولاية تيبازة، بالإضافة إلى افتتاح المقر المؤقت لمتحف إفريقيا الكبير بحسين داي.
وفي سياق عناية الدولة بالتراث الوطني، أُنشئت خلال الأربع سنوات الأخيرة 7 قطاعات محفوظة جديدة، وصودق على 4 مخطّطات لحماية واستصلاح مواقع الأثرية، إلى جانب صدور قرارات تصنيف 7 معالم ومواقع تاريخية وأثرية، وتصنيف 15 معلما بالإضافة إلى 14 موقعا أثريا، وكذا تصنيف 1053 ممتلك ثقافي في قائمة الجرد الإضافي للممتلكات الثقافية.
وبخصوص ملف الممتلكات الثقافية المنهوبة فقد اُسترجع  أكثر من 30 ألف ممتلك ثقافي منقول، وعرفت سنة 2023 استحداث خلية اليقظة بوزارة الثقافة والفنون والتي تم من خلالها استرجاع العديد من التحف من الخارج، تأتي في مقدّمتها التحفة التاريخية المتمثلة في سيف للأمير عبد القادر الجزائري.
ومن خلال مختلف البرامج التنموية لقطاع الثقافة والفنون، سُجّل عدد معتبر من عمليات دراسة وترميم المساجد العتيقة، كما استفاد قطاع الثقافة والفنون خلال الفترة الممتدة من سنة 2020 إلى سنة 2024 من برنامج استثماري هام، حيث سُجّلت 133 عملية، كما عرفت هذه الفترة رفع التجميد عن 44 عملية استثمارية ذات الأولوية تخصّ بالدرجة الأولى ترميم المعالم التاريخية عبر الوطن، حيث تم رفع التجميد عن عملية ترميم قصبة الجزائر، وترميم 8 مساجد عتيقة، بالإضافة إلى عمليات أخرى تندرج ضمن الأولويات.