تجسيدا لمبدأ المرافقة الأمنية لمصالح الشرطة والدرك بسكيكدة
محاصرة "مافيا" الشواطئ وحظائر السيارات
- 679
تشنّ مصالح أمن سكيكدة من درك وشرطة منذ انطلاق الموسم الصيفي الحالي بالتنسيق مع مصالح البلديات السّاحلية، حربا على "مافيا الشواطئ" الذين في كثير من الأحيان كانوا يفرضون منطقهم على المصطافين بعد أن يقوموا باحتلال مساحات واسعة من الشواطئ ومن ثمّ تحويلها إلى "ملكية خاصّة"، فيما تجاوز بعض المراهقين و«عصابات الحظائر" كل الخطوط الحمراء من خلال فرض تسعيرات جزافية على أصحاب المركبات والحافلات باستعمال الابتزاز والتهديد وأحيانا القوّة. وقد لقيت العملية استحسان المواطنين، كونها تؤكد وتجسد المرافقة الأمنية لهم أين ما وجدوا، ومنه السهر على تطبيق القانون بكل صرامة بالخصوص فيما يتعلق بمجانية الشواطئ، ومن ثمّ تجسيد المخططين الأزرق والدلفين للأمن والدرك الوطنيين على أرض الواقع.
دوريات متواصلة على مستوى شواطئ
خلال جولة قادت "المساء" إلى شاطئ العربي بن مهيدي الذي يعدّ قبلة للعديد من المصطافين بالخصوص المتوافدين من الولايات الداخلية، وقفنا على التواجد الأمني المكثّف سواء شرطة أو درك، بينما زالت مظاهر الطاولات والكراسي سواء تلك المعروضة مباشرة على الشاطئ بشمسيات أو على مستوى الرصيف، بينما يلجأ البعض إلى إخفائها بعيدا على أعين الأمن على أن يقوموا بعرض خدماتهم على بعض العائلات القادمة من الولايات الداخلية بالاقتراب منها ومطالبتها بإلحاح إن كانت بحاجة إلى طاولات وكراس وشمسيات، إذ يفوق سعر الكراء مبلغ 500 د.ج، كما زالت ظاهرة بعض الشيء للحظائر العشوائية على امتداد شاطئ العربي بن مهيدي إلى غاية فلفلة، بالرغم من أنّ بعض الشباب يقومون بفرض إتاوات على أصحاب الحافلات والسيارات بالخصوص تلك القادمة من الولايات الداخلية بفرض أسعار تتراوح ما بين 100 د.ج إلى غاية 500 د.ج.
بعض المصطافين التقيناهم على مستوى شاطئ العربي بن مهدي بالضبط بمركز 7 وخلال حديثهم مع المساء، ثمنوا الجهود التي تبذلها المصالح الأمنية فيما يخص مجانية الولوج إلى الشواطئ، وحسب السيد (م/رضوان) من بلدية الخروب بولاية قسنطينة، فقد أكّد لنا بأنّه وبخلاف السنوات الأخيرة، فإنّ الكثير من الأمور قد تغيّرت بالخصوص فيما يخص ركن السيارات التي كان يستولي عليها شباب منحرفون يفرضون مقابل ركن مركباتهم أسعارا جزافيا غير منطقية، أمّا بالنسبة للولوج إلى الشاطئ فقد تمنوا أن تتواصل حملة محاربة احتلال الشواطئ من قبل أشخاص لا تربطهم بعالم السياحة لا من قريب ولا من بعيد، أمّا السيد (ح/مصطفى) الذي كان برفقة عائلته القادمة من المدينة الجديدة علي منجلي من قسنطينة، أشار بأنّه لحد السّاعة لم يجد إشكالا فيما يخص ركن مركباته سوى صعوبة إيجاد المكان المناسب بسبب الاكتظاظ الذي تعرفه حواف الأرصفة وكذا بعض الأماكن المحاذية للبحر، لتبقى بعض الحظائر كما الحال عند مركز 07 بالعربي بن مهيدي غير مهيأة إطلاقا وكان على البلديات تهيئتها وتخصيص حارس لها، على الأقل لضمان مداخل إضافية.
أما على مستوى كورنيش سكيكدة، انطلاقا من شاطئ القصر الأخضر إلى غاية سطورة مرورا بشاطئ قصر الجنة والشاطئ العسكري وبيكني إلى غاية سطورة أين يتواجد ميناء الصيد، فنفس المشهد وقفنا عنده بالخصوص تطهير الشواطئ من المافيا، بالرغم من أنّنا شاهدنا بعض المستغلين غير الشرعيين يقومون بعرض خدماتهم على الرصيف أين شاهدنا طاولات وكراسي بلاستيكية وشمسيات وحتّى بعض بالونات السباحة، أمّا على الشاطئ فلم نجد سوى مصطافين مع عائلاتهم، وخلال حديثنا مع السيد(نوار) من ولاية سطيف، فقد اعترف لنا صراحة بأنّه لم يجد وخاصة خلال هذا الموسم أية صعوبة في ركن مركبته أو الولوج إلى الشاطئ الذي كان بأريحية، فقط تأسّف لانعدام المساحة الكافية لركن المركبات أمام الإقبال الكبير الذي يعرفه الكورنيش السكيكدي من قبل زوّار سكيكدة المتوافدين عليها من الولايات الداخلية بخاصّة.
وباعتراف العديد من العائلات وحتّى الشباب الذين تحدّثت المساء معهم، فقد أكّدوا لنا أنّه بإمكان أي عائلة أو فرد أن يجلس أو ينصب شمسيته في أي مكان يراه مناسبا دون إزعاج، خاصّة وأن مصالح الأمن تحجز عتاد كل شخص يضع عتاده عند مدخل الشاطئ ولا يحوز على رخصة من البلدية، وهو ما استحسنته العائلات التي قالت إن هذا الأمر لم يكن متاحا منذ سنوات.
وبخلاف شواطئ سكيكدة، التي تشهد مراقبة صارمة من قبل الأجهزة الأمنية في إطار المخططين الأزرق والدلفين، فإنّ بعض الشواطئ الداخلية ما تزال تعيش تحت رحمة مافيا الشواطئ، كما هو الحال بشاطئ تمنارت بالقل، أين يفرض بعض الأشخاص الذين قاموا بتجزئة الشاطئ إلى مناطق خاصّة بهم، منطقهم من خلال منع بعض المصطافين القادمين من الولايات الداخلية من نصب أغراضهم من كراس وشمسيات مع إجبارهم على كراء عتادهم ممّا أدّى في بعض الأحيان إلى وقوع مناوشات، وحسب السيد(كمال/ع) من مدينة قسنطينة، فقد ناشد المسؤولين التدخل على مستوى هذا الشاطئ وغيره من الشواطئ الداخلية البعيد، لتحريره من المافيا التي أضحت تفرض منطقها غير مبالية بمجانية الشواطئ، ولا حتّى بالقانون.
غضب وسط المستغلين غير الشرعيين
بعض الشباب وخلال تواجدنا بالعربي بن مهيدي، عبّروا لنا عن استيائهم لعدم تركهم يمارسون نشاطهم على أساس -حسب ما صرّح لنا به أحدهم على مستوى مركز 2 بالعربي بن مهيدي- بأنّه "لقاط خبزة" وأنّهم كانوا ينتظرون فصل الصيف للعمل من أجل الحصول على المال خاصة وأنّ أغلبهم يعيشون في بطالة، مؤكدين لنا بأنّهم دأبوا على هذا النشاط منذ سنوات، وعن عدم لجوئهم إلى الجهات المختصّة للحصول على الرخصة القانونية التي تسمح لهم بممارسة نشاطهم، فقد أكّد لنا أحدهم أنّه طلب رخصة من أجل تمكينه من استغلال حظيرة على مستوى شاطئ العربي بن مهيدي، إلاّ أنّه وجد صعوبة في ذلك بالخصوص على مستوى بعض البلديات التي تفرض عليهم ـ حسبهم ـ شروطا تعجيزية.
شباب آخرون ينشطون في مجال كراء المنازل والشمسيات أكّدوا لنا أنّ عدم حصولهم على رخص لاستئجار أماكن بالشواطئ أو ركن المركبات، جعلهم يعملون بطريقة غير قانونية كون هذا النشاط هو مصدر دخلهم الوحيد على حد تعبيرهم.
المخالفات متواصلة
وللإشارة، فإنّ مصالح أمن ولاية سكيكدة من شرطة ودرك وبالتنسيق مع كل من مصالح البلديات الساحلية، شنّت منذ انطلاق الموسم الصيفي وما تزال، حملة تطهير واسعة النطاق مسّت الشواطئ الـ30 المسموحة للسباحة، تندرج في إطار محاربة مختلف المخالفات المسجلة على مستوى هذه الأخيرة، كإنشاء الحظائر غير الشرعية للمركبات والاحتلال والاستيلاء غير الشرعي للمساحات داخل الشاطئ بوضع مظلات وكراس وطاولات وغيرها، إلى جانب الاحتلال غير الشرعي للأرصفة والطريق العمومي والساحات العمومية في إطار ممارسة أنشطة تجارية دون رخصة وتمّ تسخير لها إمكانات مادية وبشرية، أسفرت عن حجز منذ انطلاق الحملة أكثر من 200 مظلة شمسية وأكثر من 950 كرسي بلاستيكي وأكثر من 250 طاولة بلاستيكية، إضافة إلى أكثر من 55 خيمة من الحجم الكبير، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين، وبموازاة ذلك تمّ توقيف شخصين بخصوص إنشاء حظائر غير شرعية للمركبات أنجزت في حقهم ملفات جزائية، وتزامنا مع هذه العملية، تدخّلت ذات المصالح من أجل وضع حدّ لنشاط الباعة غير الشرعيين الذين ينشطون على مستوى الطريق العام والشواطئ، على أن تبقى العملية متواصلة الى غاية انتهاء الموسم الصيفي.
أوامر بتحرير الشواطئ
للتذكير، صادقت السيدة حورية مداحي والي سكيكدة عند الانطلاق الرسمي للموسم الصيفي الحالي، على قرار يحمل رقم 1616، يتضمن تنظيم سير موسم الاصطياف على مستوى كل شواطئ سكيكدة الـ30، المسموح السباحة فيها، وشدد القرار على فرض إلزامية مجانية الدخول إلى الشواطئ المسموحة للسباحة، مع وجوب وضع لافتات تشير إلى "شاطئ مجاني"، مع إزالة كل لافتة تحمل صيغة "شاطئ خاص" أو "شاطئ للدخول بمقابل"، ومقابل ذلك، سمحت لرؤساء البلديات الساحلية المعنية، بالترخيص بصفة مؤقتة وخلال موسم الاصطياف فقط، للمتعاملين الخواص باستغلال وبمقابل، مساحة محددة تكون خارج الشاطئ، وتخصص لوضع المعدات الشاطئية من مظلات وكراس وطاولات موجهة للكراء لصالح المصطافين الراغبين في ذلك، دون إرغامهم.
وقد شددت والي سكيكدة من خلال ذات القرار، على هؤلاء المتعاملين، من خلال منعهم من الاستيلاء على مساحة داخل الشاطئ أو عند مدخله، بغرض عرض معداتهم الشاطئية الموجهة للكراء، وأكثر من ذلك وضمانا لسلامة المصطافين، فقد منعت منعا قطعيا ولأي غرض مهما كان، ولوج مختلف أشكال الحيوانات إلى الشاطئ، من كلاب، أو إبل، أو خيول، أو قردة وغيرها من الحيوانات. يأتي هذا القرار، لوضع حد للفوضى التي كانت تميز الشواطئ بسكيكدة، من خلال تصرفات أقل ما يقال عنها، إنها في كثير من الأحيان، تعرض حياة المصطافين إلى الخطر، كما أنها تشوه الوجه الحقيقي للشواطئ، وتعطي صورة مشوهة للسياح، خاصة الأجانب، إلى جانب هذا أصدرت ذات المسؤولة قرارا آخر يتضمن مجانية التوقف وركن المركبات في الأماكن المخصصة لذلك، على مستوى الشواطئ المسموحة للسباحة عبر إقليم الولاية، داعية رؤساء البلديات الساحلية، إلى ضرورة تهيئة أماكن التوقف وفتح منافذ للراجلين، متوعدة بمعاقبة كل من يخالف هذه القرارت. وجاء في المادة الأولى من القرار الذي يحمل رقم 1634 أنه يعتبر مجانيا التوقف وركن المركبات في المواقف المخصصة لذلك على مستوى الشواطئ المسموحة للسباحة خلال الموسم الصيفي لسنة 2022، على أن تكون مزودة بلافتات تحمل عبارة موقف مجاني لركن المركبات.