مديرة الاتصال بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها تكشف لـ "المساء":

مقاربة الوقاية المبكرة صمام أمان للشباب والوطن

مقاربة الوقاية المبكرة صمام أمان للشباب والوطن
  • 964
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

المروّجون يكتشفون أساليب جديدة للإطاحة بضحاياهم

أشكال وألوان وأخرى لم تحدَّد هويتها بعد

أكدت غنية قداش، مديرة الاتصال بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها في تصريح لـ " المساء" حول مجهودات الديوان في مكافحة المخدرات، أن استراتيجية الوقاية المبكرة التي تمتد بين 2020 و2024  والتي خطها الديوان، تعمل على التنسيق بين مختلف القطاعات، على غرار التربية والصحة والشباب والرياضة والثقافة، والتي تُعد صمام أمان لحماية الأطفال والشباب؛ من خلال زرع الثقة في النفس، وقطع الطريق أمام الانتهازيين، الذين يجدون ضعاف النفوس والانطوائيين فريسة سهلة للانقضاض عليها.

أوضحت مديرة الاتصال في معرض حديثها، أن ظاهرة تعاطي المخدرات عامة داخل الوطن وفي العالم بأسره. وفي ما يخص المادة الأكثر استهلاكا وإنتاجا فهي "القنب الهندي"، تليه المؤثرات العقلية بالنسبة للجزائر بمختلف أشكالها، موضحة أن تنوع وتغير أشكال المواد المخدرة يتم بشكل مستمر، ومؤكدة: "كأن المستهلك والمروّج يكتشفان كل ما يمكن أن يؤدي إلى التخدير والتأثير العقلي لترويجه كمخدر، وهنا تكمن الخطورة". وأوضحت: "المؤثرات العقلية هي في الأصل أدوية هدفها العلاج، يتم تحويلها للاستهلاك كمخدر".

وتشرح السيدة قداش قائلة: "المؤثرات العقلية الكلاسيكية هي الأدوية المعروفة، ثم تأتي المواد التي ليس لها اسم علمي؛ حيث يتم مزج مادة بمادة لتكون أكثر فعالية وذات تأثير على العقل، وبالتالي الدمار الذي يلحق بالمستهلك بصفة رهيبة بسببها؛ إذ يفقد إثرها السيطرة على استهلاكه، والتحكم في ماله؛ فأساس التبعية يتم بطريقة سريعة، فبعض المؤثرات بمجرد تناولها مرتين أو ثلاث مرات يصبح متعاطيها تابعا بسرعة؛ بمعنى مدمنا على تلك المادة؛ فبعد استهلاكها في وقت وجيز، يصبح تأثيرها ناقصا، فيبحث المستهلك عن المزيد من الانفعال والتفاعل مع المخدر؛ بحيث يسعى للبحث عن مادة أقوى من التي استهلكها من قبل".

وهنا توضح مديرة الاتصال: "المتخصصون في علاج الإدمان يؤكدون أن المتعة التي يجدها المستهلك ويشعر بها في أول مرة والحالة التي يكون عليها، ليست بنفس القوة عندما يستهلك مرة ثانية؛ بحيث يصبح ساعيا دائما للبحث عن نفس الشعور الذي حدث معه أول مرة، وهنا يزيد في الكمية؛ بحثا عن الانتشاء، وهو ما يدفعه للاستهلاك أكثر فأكثر، وهنا تكمن الخطورة بسبب الحالة التي يصبح عليها المستهلك سواء نفسيا أو جسديا، والأمراض التي تلحق به كالاكتئاب، إلى أن يقع ضحية الجرعة الزائدة أو حالات الانتحار"، مضيفة: "إن الضياع الذي يشعر به المستهلك الفاقد لكل وعي، يجعله لا يفكر إلا في الشيء الذي يحرك مشاعره، وهو كيف يمكنه الحصول على مؤثر يتناوله لكي يشعر بما يظن أنه النشوة والراحة والسعادة، وكل المشاعر الخيالية التي يفكر فيها، ويظن أنها تجعله سعيدا".

"الصاروخ" المؤثر العقلي المستهلَك بقوة

قالت السيدة قداش إن أكثر مادة مستهلكة بالنسبة للمؤثرات العقلية، هي ما يسمى بـ "الصاروخ"، وهو دواء يعالج حالة الألم المستعصية. والأطباء المتخصصون يضعونه في وصفة طبية عادية، والذي تم اكتشافه منذ سنوات قليلة، في الشق المتعلق بالتأثير العقلي، مشيرة إلى أنه "غير مصنَّف كمخدر، وإنما اكتشاف تأثيره جعله يروَّج بطريقة خاطئة، وهنا  وضعت وزارتا الصحة والعدل قائمة للأدوية المصنفة كمخدر"، علما أن القائمة الوطنية التي تدخل فيها الأدوية التي تُستغل كمخدر، في طور التحديد من طرف لجنة متخصصة مشتركة بين كل من وزارة من الصحة والعدل، ومختلف أجهزة الأمن، حسب المتحدثة.

وتواصل المسؤولة قائلة: "نحن نسعى لإنجاز دراسات ميدانية عن المخدرات الشائعة بين الشباب، والتي لم نكتشف بعد مدى انتشارها وكذلك طرق الاستعمال؛ فهناك مادة تُحرق، ثم تُستنشق، ومواد تحلَّل ثم تُشرب، وكل حي فيه أمر شائع في التخدير أو الاستنشاق، لكن النتيجة هي الخطر المحدّق والقائم؛ لأننا في كل مرة نلاحظ تطورا واكتشافا جديدا في الاستهلاك، تكون نتائجه أكثر خطورة عما سبق، والخطر يستمر في التضاعف بآثاره السلبية على المستهلك. ويمكننا القول إن الأمور غير سارة بتاتا!".

وفي قراءة للإحصائيات التي قدمها الديوان والخاصة بأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، تقول قداش: "نلاحظ وجود انخفاض بنسبة ليست كبيرة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، مثلا في القنب الهندي هناك نقص بـ 9 ٪ مادة، والأمر نفسه في المؤثرات العقلية، فقد سجلنا انخفاضا في الكميات التي تم حجزها، إلا أن هذه الأرقام المسجلة تُعد مؤشرا عن ظاهرة تفشي المخدرات في المجتمع"، معلنة في نفس السياق، "في ظل السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات، لدينا استراتيجية 2020 و2024، التي أساسها التنسيق بين مختلف القطاعات، كقطاع التربية الذي له علاقة مباشرة بالظاهرة، وكذا قطاع الصحة والشباب والرياضة والثقافة؛ إذ نعمل على تعزيز مجال الوقاية"، وهنا تردف قداش قائلة: "إلا أن جائحة كورونا حالت دون تنفيذ البرنامج، وإلى حد الآن لم نتمكن من القيام بالندوات والبرامج المسطرة لكون الجائحة أثرت سلبا على كل المجالات. كما أن قطاع الصحة الشريك الفعال في المكافحة والوقاية، كان مركّزا على مكافحة كورونا، وهذا ما أثر على مكافحة المخدرات".

المروّجون يستهدفون ضعاف النفوس...

أكدت غنية قداش أن الاستراتيجية التي سطرها الديوان تعتمد على مقاربة الوقاية المبكرة  للأطفال في سن مبكرة جدا. وتقول في هذا الصدد: "تظل فئة الشباب الأكثر عرضة  لاستهلاك المخدرات، وهذا لأسباب ثقافية واجتماعية. وهناك دراسات تؤكد أن للوقاية من المخدرات لا بد من الاعتماد على الوقاية المبكرة، لا سيما أننا لاحظنا من خلال الدراسات التي قمنا بها، أن المخدرات طالت أبناء المدارس في سن مبكرة؛ 11 سنة"؛ لذا فالعلاج يكمن، حسبها، "في مقاربة، تقوم على الوقاية المبكرة، وأسسها تربوية.

والعمل يعتمد على تسطير برنامج لتنمية المهارات؛ أي أننا نحاول أن نساعد الطفل على اكتشاف واكتساب المهارات التربوية التي تسمح له بتنمية المهارات؛ فكلما وصل الشاب أو الطفل إلى التمكن من مادة من المواد أو موهبة معينة سواء في الرسم، أو الرياضة، أو الشعر أو أي ميدان، زادت معه الثقة في النفس؛ فكلما ÷ الشاب متمكنا من مهاراته ازداد تكوين شخصيته، وعندها يصعب التأثير عليه؛ إذ لا يمكن الوصول إليه بسرعة ليستهلك مادة مخدرة؛ فهو لا يشعر بعقدة النقص؛ لأنه بالمهارة يكسب الثقة بالنفس".

وختمت مديرة الاتصال قائلة: "لا بد من تسطير البرامج التي تُعد سلاحا للوقاية من المخدرات؛ لأن المروجين يستهدفون دائما العناصر المنطوية على نفسها، والعناصر التي لديها ضعف في الشخصية، والتي يمكن استغلالها للترويج والاستهلاك أيضا؛ من خلال استغلال نقاط الضعف في الشباب لكي يسهل استقطابه، وهذا كله يحتاج برنامجا بالتنسيق مع مختلف القطاعات، لا سيما التربية والشباب والرياضة والصحة؛ لكي نستطيع أن نصل إلى نتائج مرضية في هذا الشأن"، مشيرة إلى أن الديوان يعطي التوجيهات، ويضع المخططات، "وحتى إن لم نتمكن من تحقيق الاستراتيجية 100 ٪، لكن حتما هي تُعد ركيزة من الركائز التي يمكن أن نواصل العمل عليها، لتعزيزها وتحقيق أكبر نتيجة"، تختم المتحدثة.