4 سنوات من الإصلاحات العميقة لأخلقة الحياة العامة
حرب ضروس على الفساد وثورة في التشريع
- 1276
أولى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ انتخابه عناية فائقة لمحاربة الفساد بشتى أشكاله بهدف بناء جزائر جديدة قوامها الحق والقانون، حيث عقد العزم على السهر على حسن تطبيق القانون ضمانا لحقوق الأفراد وحرياتهم، مع إيلاء عناية كبيرة لأخلقة الحياة العامة ومحاربة الفساد بشتى أشكاله، حيث تم لهذا الغرض، تجسيد العديد من الالتزامات الرئاسية، لاسيما المتعلقة بتعزيز الحكم الراشد وإصلاح شامل للعدالة لضمان استقلاليتها، بغية مواصلة مسيرة البناء التي تكون ركائزها العدالة الاجتماعية والمساواة في كنف الديمقراطية التشاركية تحقيقا لرفاهية المواطن ورخائه.
ارتكز عمل قطاع العدالة في الجزائر الجديدة بعد أربع سنوات من انتخاب السيد عبد المجيد تبون، على مبادئ الشرعية والمساواة والحياد، وهو الأمر الذي مكنها من قطع أشواط هامة في مسار حماية الحريات الفردية والجماعية ومكافحة الجريمة بكافة أشكالها، لاسيما الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وفي مسار بسط قواعد ومبادئ المحاكمة العادلة وفقا للمعايير الدولية، وحماية حقوق الدفاع، بالإضافة إلى ممارسة دور فاعل في مجال حقوق الإنسان وتحديث مراجعة التشريعات والمساهمة في نشر الوعي والثقافة القانونية وتعزيز استقلالية القضاء.
وشهد قطاع العدالة ثورة تشريعية ضمن مسار الإصلاح الشامل لرئيس الجمهورية، بغية جعله قضاء مواطنة عصري يعمل بمقاييس الجودة، مع التركيز على هدف مكافحة الفساد وأخلقة العمل القضائي والحياة الاقتصادية والإجتماعية، من خلال وضع قواعد تنظيمية وإجرائية ترمي إلى ضمان شفافية تسيير المال العام والابتعاد عن المحاباة وفصل المال الفاسد عن السياسة.
وتدعم مسار إصلاح العدالة في 2023 بترسانة من القوانين والتشريعات، التي تهدف في مجملها إلى إعداد تشخيص دقيق للوضعية واقتراح تدابير مناسبة لإرساء قواعد نظام قضائي صلب وفعال، قادر على الاستجابة لتطلعات المواطن وعلى المساهمة في بناء دولة القانون، والهدف من وراء ذلك تصالح المواطن مع مؤسسات بلاده وخاصة استرجاع ثقته في العدالة.
ومن أبرز مفاصل مواصلة ثورة التشريع في قطاع العدالة، عرض قانون مكافحة التزوير واستعمال المزور، تنفيذا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية، الرامية إلى إعداد نص خاص لمعالجة ظاهرة التزوير والتصدي لها بالصرامة اللازمة، في إطار الالتزامات الرئاسية المتعلقة بأخلفة الحياة العامة، حيث تم إدراج كل جرائم التزوير واستعمال المزور المنصوص عليها في قانون العقوبات ضمن هذا القانون الجديد، الذي يشمل مجال تطبيقه، تزوير الوثائق والمحررات، التزوير للحصول دون وجه حق على الإعانات الحكومية أو الإعفاءات أو التزوير للتهرب من الالتزامات، تزوير النقود والسندات المالية والذي قد يشمل المعاملات الرقمية، تقليد الأختام والطوابع والدمغات والعلامات، شهادة الزور واليمين الكاذبة، وانتحال الوظائف والألقاب والأسماء.
ومواصلةً للجهود التي تبذلها الدولة لحماية المال العام، وضمن تنفيذ الالتزامات الرئاسية للرئيس تبون، تم تعزيز وتدعيم الإطار القانوني لمكافحة الإجرام والفساد عن طريق إلغاء الأحكام ذات الآثار السلبية، على تحريك الدعوى العمومية وممارستها من قبل النيابة العامة وكذا إلغاء الأحكام التي فرضت قيودا على أداء الشرطة القضائية وعملها.
كما حظيت مسألة تعزيز الحقوق والحريات بمكانة خاصة في برنامج إصلاح العدالة، التي تجسدت في تعديل الإطار التشريعي لممارسة هذه الحقوق وتمثلت أهم التعديلات في مراقبة مدى ملائمة التوقيف للنظر من قبل وكيل الجمهورية، وتعزيز قرينة البراءة بتأكيد مبدأ التحري عن أدلة الاتهام وأدلة النفي.
وفي مجال تقريب العدالة من المواطن، تم إعداد عدة قوانين تتعلق لاسيما بالتنظيم القضائي والإجراءات المدنية والإدارية، حيث أعيد النظر كلية في شكل ومضمون قانون الإجراءات المدنية، وذلك من خلال تتبع مسار الدعوى المدنية ابتداء من رفعها ثم سيرها ومتابعتها أمام الجهات القضائية إلى غاية صدور الحكم الفاصل في النزاع وتنفيذه، وتبسيط إجراءات التقاضي بجعلها أكثر مرونة ووضوحا، وأقل تكاليف وذات مصداقية لإرساء عدالة فعالة تضمن الفصل في النزاعات في آجال معقولة في ظل احترام حقوق الدفاع، والوجاهية في التقاضي.
كما يجسد هذا القانون المبادئ الأساسية التي تقوم عليها قواعد العدالة والإنصاف وهي المبادئ المكرسة في دستور 2020، والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر، في مجال حماية حقوق الأشخاص في التقاضي، لاسيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويحدد هذا القانون، الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية العادية والجهات القضائية الإدارية ويتضمن أحكاما تتعلق بالطرق البديلة لتسوية النزاعات عن طريق الصلح والوساطة وتسهيل اللجوء إلى التحكيم الداخلي والدولي.
كما شهدت سنة 2023، مراجعة القوانين الأساسية التي تحكم المعاملات التجارية ويتعلق الأمر بالقانون التجاري، الذي يهدف الى تحيين وتحسين الأحكام التي تنظم الشركات من خلال تسهيل إنشائها وتعزيز التدابير الرامية إلى الحفاظ عليها ورفع التجريم عن فعل التسيير والإدارة وتكريس آليات الصيرفة الإسلامية وتحسين مناخ الأعمال وكذا تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي ومرافقتهما.
تجريم عدم دفع نفقة المطلقات
ومواصلة لمسار صون كرامة المواطنين على اختلاف فئاتهم وحماية القدرة الشرائية، شهدت سنة 2023 عرض مشروع القانون المتضمن تدابير خاصة للحصول على النفقة التي يحكم بها القضاء لصالح المرأة المطلقة والأطفال المحضونين، وذلك في إطار إصلاح الإطار القانوني لتدخل الدولة في مجال النفقة، التي تعد التزاما أساسيا يقع على عاتق الزوج إثر فك الرابطة الزوجية، حيث يشكل الامتناع العمدي عن دفعها جريمة يعاقب عليها القانون.
وجاءت مراجعة مشروع هذا القانون بهدف إثرائه، بعدما شهد عدة عراقيل بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة، حيث شدد على ضرورة إيجاد آلية قانونية فعالة وناجعة لتسيير الصندوق وتبسيط الإجراءات، لتصل النفقة إلى مستحقيها بكرامة وفي أحسن الأحوال مع تشديد الرقابة لتجنب الاحتيال.
وتكون الاستفادة من المستحقات المالية للصندوق بشروط وإجراءات دقيقة، تضمن للدولة ممثلة في وزارة العدل الشفافية في تسيير أموال الصندوق وفق آليات خاصة لتحصيل المستحقات المدفوعة، وتضمن للأطفال والنساء المطلقات الحصول على النفقة المحكوم بها من طرف القضاء وفق شروط وإجراءات بسيطة.
رقمنة قطاع العدالة
وتعد رقمنة العدالة من الجوانب الرئيسية التي ركز عليها رئيس الجمهورية في رؤيته المستقبلية لتطوير جهاز العدالة، وجعله أكثر مرونة وفاعلية في أداء واجباته، حيث شهد القطاع، تبسيط وتحسين الإجراءات القضائية، من خلال توفير عدة خدمات رقمية على رأسها النيابة الإلكترونية لتسجيل الشكاوى والعرائض، كما يمكن الاطلاع على مآلها بمجرد الولوج الى موقع وزارة العدل.
وشهدت سنة 2023، ترقية أساليب التسيير القضائي والإداري من خلال توفير وتطوير الخدمات القضائية عن بعد لفائدة المواطن والمتقاضي ومساعدي العدالة، وامكانية التحقق من مصدر الوثائق الإلكترونية، وسحب الأحكام من طرف المحامين، بالإضافة إلى توفير البطاقة المهنية الإلكترونية لقطاع العدالة، التي تسمح للقضاة ومستخدمي قطاع العدالة، من الاطلاع على مسارهم المهني ومعرفة المستجدات الواردة عليه بصفة آنية، مع الحصول على كافة الشهادات والوثائق المرتبطة به، في وقت قياسي وعن بعد وبالتالي إعفائهم من عبء التنقل والمساهمة في ترشيد النفقات من خلال التخلص من الدعائم الورقية، بالإضافة إلى تحقيق الفعالية، النجاعة والشفافية في إدارة وتسيير الموارد البشرية.