تدابير استثنائية وحزمة من التسهيلات لدعم الإنتاج وتنويع الصادرات
2023.. الجزائر تتحرر من اقتصاد النفط
- 2160
❊ عدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية رغم زيادة الإنفاق العمومي
❊ ارتفاع معدل النمو الاقتصادي الى 5.3 % وحزمة اجراءات لدعم القدرة الشرائية
❊ النهوض بقطاع الفلاحة تذكرة عبور نحو تحقيق الأمن الغذائي وتنويع المداخيل
❊ تحفيزات هامة لرفع حجم الصادرات خارج المحروقات إلى 13 مليار دولار
تؤكد المشاريع والإنجازات والمؤشرات التي سجلت في 2023 أن الجزائر تمكنت من تحقيق "نهضة اقتصادية وإقلاع حقيقي" بفضل الإصلاحات والإجراءات التي أقرها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ توليه سدة الحكم في الجزائر، حيث تم رسم معالم جديدة لإعادة بعث الاستثمار وفق استراتيجية مبنية على الشفافية وترشيد النفقات، بالرغم من الظروف الاقتصادية العالمية والركود الذي سجل في السنوات الأخيرة بسبب جائحة كورونا والأوضاع الجيواستراتيجية.
تبرز المؤشرات المسجلة في أرقام النمو منذ بداية السنة أن 2023 كانت سنة اقتصادية بامتياز، بفضل القرارات الجريئة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والإصلاحات التي مست عدة قطاعات، حيث بدأت تظهر نتائج السياسة الجديدة التي رسمها رئيس الجمهورية، المبنية على استراتيجية جديدة قائمة على تثمين الإمكانيات المحلية للنهوض بالإنتاج الوطني وتنويع الصادرات خارج المحروقات لضمان الأمن الغذائي للبلد.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي، أمحمد حميدوش، في تصريح لـ"المساء"، بأن هذه السنة عرفت إصلاحات إيجابية واستقرارا فيما يخص القوانين من خلال عدم إدراج رسوم وضرائب جديدة كما لم يتم خلالها اللجوء إلى الاستدانة الخارجية بالرغم من زيادة الانفاق العمومي، وهو ما جعل الديون الداخلية بالمقارنة مع الدخل القومي تنخفض، مع تسجيل ارتفاع في صندوق ضبط الإيرادات، الذي سيسمح مستقبلا بتمويل العجز في الميزانية إذا سجل إلى جانب التدخل في الحالات الاستثنائية.
وعرفت سنة 2023، حسب الخبير الاقتصادي، ارتفاعا في معدل النمو الاقتصادي الذي بلغ 5.3 بالمائة مقابل 3.7 بالمائة في 2022، بفضل ارتفاع أسعار البترول، وإجراءات دعم المواد الاستهلاكية والتحويلات الاجتماعية التي بلغت 20 مليار دينار، وكذا مخطط الإنعاش الاقتصادي الذي تضمن ميزانية قدرت بـ 20 مليار دولار، خصص الجزء الأكبر منها لانعاش بعض المناطق النائية.
كما شهدت سنة 2023 ارتفاعا في انتاج البترول بنسبة 2.3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية أي 1.02 مليون برميل يوميا، وكذا ارتفاع حجم إنتاج الغاز إلى 136 مليار متر مكعب، مما سيؤدي إلى ارتفاع المداخيل من قطاع المحروقات هذه السنة والمتوقعة بـ45 مليار دولار، 30 مليار دولار من البترول و15 مليار دولار من الغاز.
استثمارات بـ2 مليار دولار تقلص من نسبة البطالة
ويعد قانون الاستثمار الورقة الرابحة، حيث مكن من تسجيل مؤشرات اقتصادية إيجابية من خلال التحفيزات والتسهيلات التي تضمنها، والتي ساهمت في جلب الاستثمارات من خلال تطهير مناخ الأعمال.
وفي هذا الباب، أشار حميدوش إلى أن قانون الاستثمار الجديد ساهم في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 10 بالمائة، مما يجعل المبلغ المتوقع لهذه الاستثمارات يفوق 2 مليار دولار مع نهاية الشهر.
ومكنت الاستثمارات التي تجسدت خلال السنة من توفير مناصب شغل جديدة والتقليص من نسبة البطالة من 11.2 بالمائة في 2022 الى 10.6 بالمائة أي بنسبة تقارب 1 بالمائة، وذكر الخبير بأن سنة 2023 تميزت بدخول قطاعات أخرى إلى جانب قطاع المحروقات بما ساهم بانتعاش الاقتصاد الوطني.
النهوض بقطاع الفلاحة تذكرة عبور نحو تحقيق الأمن الغذائي وتنويع المداخيل
وتمكن قطاع الفلاحة خلال سنة 2023 من تحقيق نتائجا إيجابية من حيث وفرة الإنتاج وتغطية 75 بالمائة من الاحتياجات الوطنية، بحيث أصبح يحتل المرتبة الثانية عربيا في انتاج الخضروات بعد مصر، حيث أصبح يساهم بأكثر من 14.7 بالمائة في الناتج الداخلي الوطني الخام، كما يشغل أكثر من ربع اليد العاملة الناشطة بما يعادل 2.7 مليون عامل.
وأفاد حميدوش أن قطاع الفلاحة تمكن من انتاج 30 مليون طن من الحبوب خلال السنة الجارية، بزيادة قدرها 5 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية بفضل الإجراءات المتخذة من طرف الدولة لتطوير الزراعات الاستراتيجية، ناهيك عن اتخاذ تدابير أخرى لدعم الفلاحين في مجال الأسمدة والبذور ورفع الرسوم الخاصة بأغذية الدواجن للتشجيع على الإنتاج وخفض أسعار اللحوم البيضاء.
ولتحقيق الأمن الغذائي تم خلال السنة الجارية تدشين بنك للجينات الزراعية تصل سعة تخزينه إلى 80 ألف سلالة، للاحتفاظ بنسخ مكررة من الموارد الجينية الفلاحية والغذائية لصون السلالات النادرة وضمان الأمن الغذائي، الى جانب بنك البذور الذي تم تدشينه السنة الماضية.
وقصد بلوغ رؤية واضحة والتحكم في كل تفاصيل الإنتاج الفلاحي بمعرفة نقاط الضعف والقوة، تم خلال هذه السنة اطلاق الإحصاء العام الثالث للفلاحة لإحصاء كل الثروة الفلاحية، ومعرفة المنتوجات التي تعرف نقصا أو فائضا لتسطير سياسة واضحة وفعالة في مجال الإنتاج والتصدير والاستيراد.
إصلاح القطاع المصرفي لتحقيق الاندماج ورفع مستوى الشراكة الدولية
ويمكن القول أن هذه السنة كانت انطلاقة قوية لإدراج إصلاحات هامة في القطاع المصرفي الذي يعد واجهة أي اقتصاد، من خلال اعلان رئيس الجمهورية، مؤخرا، عن فتح رأسمال بنكين عموميين وهما القرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية بالتنازل عن 30 بالمائة من حصص أسهم كلا منهما، وهو ما سيشجع على تحسين الخدمات المالية وإدخال الرقمنة والتوجه نحو هندسة مالية عصرية.
كما سجلت هذه السنة تفتح القطاع المصرفي على دول أخرى بفتح فروع بإفريقيا بداية من موريتانيا والسنغال وأوروبا انطلاقا من فرنسا، وهذا ما سيفتح أفاقا مستقبلية للشراكة والاندماج والتعاون مع قطاعات مصرفية دولية في باقي أنحاء العالم، ويساهم في مرافقة رجال الأعمال والمصدرين والمستثمرين الجزائريين بهذه الدول.
وتعزز القطاع المالي هذه السنة أيضا بصدور تشريعات وتنظيمات جديدة، على غرار الترخيص بإنشاء مكاتب صرف العملة الصعبة لتمكين الموظفين والاطارات والطلبة من تحويل الدينار إلى عملة صعبة بغرض السفر للخارج للعلاج أو الدراسة أو في اطار مهمة عمل وهو الاجراء الذي سيقلص الضغط على سعر الصرف الموازي.
تحفيزات هامة لرفع حجم الصادرات خارج المحروقات إلى 13 مليار دولار
وإن عرفت السنة الماضية ارتفاع حجم الصادرات خارج المحروقات إلى 7 مليار دولار بعدما لم تكن تتجاوز 1 مليار دولار، فإن المؤشرات الاقتصادية تلح هذه السنة بالتمكن من بلوغ 13 مليار دولار خاصة بعد ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية وبفضل عودة النشاط الاقتصادي، وهو الهدف الذي سطره رئيس الجمهورية، عبد المجيد منذ مطلع السنة، والذي جعله يقر عدة تدابير وتسهيلات للمصدرين لبلوغ هذا الهدف من خلال تخفيض وإلغاء بعض الرسوم وإلغاء العراقيل البيروقراطية وكذا اتخاذ إجراءات فعالة على مستوى الجمارك وتوسيع أرصفة الموانئ وغيرها من التدابير اللوجيستكية باعتبارها نقطة أساسية في عملية التصدير.
ولترقية الصادرات، تم مؤخرا توحيد تسعيرة النقل البحري لفائدة المصدرين لجعلهم في أريحية من خلال اطلاعهم على قيمة التكاليف التي سيدفعونها مسبقا، على أن يتم توسيع هذا الإجراء ليمس النقل الجوي أيضا في وقت لاحق، كما يجري التحضير لإطلاق السلطة المينائية التي ستتولى تسيير كل عمليات التصدير على مستوى الموانئ بإضفاء طابع الحماية والضبط مع دمج مؤسسات النقل البحري التجاري في مؤسسة واحدة تحمل اسم "كنان الجزائر".
ويتم هذه الأيام تدريجيا استلام أرصفة بميناء الجزائر لتسهيل عمليات رسو ومعالجة السفن، وإعادة الاعتبار لرصيف آخر هام بميناء عنابة، وكذا ميناء وهران، وجن جن الذي سيهيأ لاستقبال ما يعادل 2 مليون حاوية واستقبال السفن الكبرى.
كما عرفت هذه السنة وضع طائرة خاصة بشحن البضائع حيز الخدمة، واتخاذ تدابير لتسهيل إجراءات إنشاء مؤسسات للنقل الجوي والبحري للبضائع، وفقا ما نص عليه القانون الأخير في هذا المجال الذي يمكن المصدرين الراغبين في اقتحام هذا المجال من اقتناء طائرات لنقل البضائع لا يتجاوز معدل عمرها 8 سنوات، وكذا بواخر لا يتعدى معدل عمرها 15 سنة لدعم النقل الجوي والبحري للبضائع وتخفيف الضغط على الأسطول الحالي.
وتواصلت خلال 2023، بخطوات سريعة وواثقة سياسة تنظيم وتخفيض الواردات بهدف حماية الانتاج الوطني والحد من استهلاك احتياطات الصرف، ما سمح بالحفاظ على توازن في واردات السلع، حيث تم تحقيق هذه النتائج بفضل اتخاذ عدة إجراءات تمثلت على وجه الخصوص في وضع خرائط للإنتاج الوطني وعملية احصاء الإنتاج الوطني التي قامت بها وزارة التجارة.
وسمح تعافي الوضع الاقتصادي خلال السنة الجارية بإنجاز عدة مشاريع ستساهم في دفع عجلة الاقتصاد منها انجاز ما يقارب ألف كلم من الطرق السريعة التي تربط بعض الولايات خاصة بالجنوب، وربط العديد من الولايات بالطريق السيار شرق – غرب، بالإضافة إلى إعادة تأهيل العديد من الطرق وربط مطار الجزائر بخط السكة الحديدية لرفع قدرة استيعابه إلى 20 مليون مسافر سنويا ليرقى إلى مستوى أهم المطارات الدولية.