«الرائد لا يكذب قومه»

المساء المساء

في اليوم العالمي لحرية الصحافة والدور الخطير الذي يلعبه الإعلام في حياة المجتمعات إما إيجابا أو سلبا، حيث يكون إما حافزا أو مثبّطا لعزائم الأفراد والجماعات والشعوب،،، وتزداد خطورة هذا «السلاح» مع توسع وسائل التواصل مكتوبة ومسموعة ومرئية وإلكترونية (وسائل التواصل الاجتماعي) بأنواعها، مما يضع الصحفي (الإعلامي) أمام مسؤوليات أخلاقية، وأدبية وسياسية ووطنية بالنّظر إلى الموقع الذي يحتلّه في المجتمع لكونه مثقف وفوق ذلك متابع دائم للأحداث صغيرها وكبيرها محليها ووطنيها قاريها وعالميها.

وتزداد مسؤولية الإعلام اليوم، جسامة في عالم تداخلت فيه المصالح التي أصبحت الموجّه الرئيس للعلاقات بين الأفراد وبين الجماعات باختلاف مشاربها الفكرية والسياسية، وأكثر من ذلك بين الدول التي لم تعد تحترم الأعراف الدبلوماسية التي كانت سائدة قبل اليوم في علاقات الصداقة وحسن الجوار، إلى درجة أصبحت فيها المواثيق الدولية موضوع استفهام في محتواها، وفي نوايا المبادرين بها من القوى التي وضعتها أو فرضتها في بعض الأحيان، فأصبحت تستخدمها سلاحا مسلّطا على رقاب الشعوب التي تعمل جاهدة على بناء اقتصادياتها وحماية استقلالها وصيانة سيادة مواقفها تحت شعارات برّاقة من حقوق إنسان، وحرية معتقد وحريات ما أنزل الله بها من سلطان لا تحترمها حتى هي مع شعوبها.

أمام هذه الفسيفساء المليئة بالتناقضات والتداخلات والغموض المدروس في كثير من الأحيان يبرز دور الصحفي والصحافة في تبسيط المعقّد وكشف المستور وضبط المصطلح وشرحه، فيكون لشعبه ولبلده «رائدا لا يكذب قومه» كما يقول المثل العربي قديما.

هذا ما يمكن أن يخرج به القارئ لرسالة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الموجهة للصحافة الوطنية ولنسائها ورجالاتها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. وأكثر من ذلك وضع رئيس الجمهورية، الأسرة الإعلامية أمام مسؤولياتها في لعب دور الرائد الذي لا يكذب قومه، خاصة في ظل الحريات التي ضمنتها الدولة قولا وعملا لحرية الصحافة ومن ورائها الحريات السياسية، والحق في الاختلاف الذي لا يفسد ـ أو يفترض ألا يفسد ـ للود قضية.

قد أشاد رئيس الجمهورية، في رسالته بالتضحيات التي بذلتها الصحافة الوطنية والاستماتة التي أظهرتها في الدفاع عن الحقوق الوطنية وعلى رأسها الحق في الاستقلال إبّان الاستعمار الفرنسي الغاشم وثورة التحرير الوطني ودفعت مقابل ذلك الكثير من شهداء المهنة، وحذا حذوها رجال صحافة الجزائر المستقلّة في معركة التوعية والبناء، ثم الحفاظ على الجمهورية الديمقراطية الشعبية إبّان العشرية السوداء التي راح ضحيتها قرابة المائة صحفي وصحفية.

إن هذا الجيل الذي يعلّق عليه الرئيس بوتفليقة، كل الآمال لمواصلة النّضالات في عالم لا يرحم، في نقل الحقيقة بموضوعية للرأيين الوطني ليكون على دراية بما يدور عنده من أحداث وما يحاك حول من مؤامرات ودسائس كثيرا ما يقدمها الإعلام سمّا في دسم خاصة ونحن في عالم أصبح في حجم قرية بفضل وسائل الاتصال.

ولا أحد ينكر اليوم، أن الصحافة الجزائرية أصبح لها من الحرية ومن وسائل العمل ما يمكّنها من أداء واجبها المهني في أحسن الظروف، والاضطلاع بواجبها الوطني في ظل الحملات الإعلامية الشرسة المسلّطة على بعض الشعوب ومنها الشعب الجزائري، من تشويه للحقائق، واتهامات باطلة بعدم احترام حقوق الإنسان، وما شابه ذلك من أقاويل مغرضة تمول لفبركتها هيئات غير حكومية وتشترى ذمم في بعض وسائل الإعلام العالمية والمحلية لترويجها والدعاية لها.