الخروج من "فوضى الحكم"
إلحاق مصالح المخابرات "دي أس أس" بالرئاسة في إطار هيكلة للمصالح الأمنية، أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابات ووعود انتخابية منذ عهدته الأولى، لما تحدّث عن دولة القانون واستقلالية القضاء، وأنه سيكون رئيسا كامل الصلاحيات، وليس ربع رئيس أو نصف رئيس، هذا يعني توحيد سلطة القرار دستوريا.
لقد عانت الدولة كثيرا من تداخل الصلاحيات، ودفع المواطنون والمسيّرون والمسؤولون وإطارات مختلفة فواتير ظلم وتعسف بسبب تعدد مصادر القرار، وتعدد "رؤوس الحكم" والتعليمات والتعليمات المضادة؛ أي أسلوب الحكم والتسيير بمنطق دولة داخل دولة؟! وإخضاع مؤسسات لـ "سلطة" مؤسسات، بل لسلطة ومزاج أشخاص دون أدنى اعتبار لسلطة القانون والدستور؟!.
جمع السلطات أو مصادر "الحكم الأمني" في مؤسسة الجمهورية يعني، ببساطة، تحديد المسؤولية، بل هو تحميل المسؤولية لمن هو مسؤول مباشرة؛ لأن المألوف أن تتعدد مصادر القرار "فوضويا" للأسف، لكن عند حدوث أزمة ما أو مصيبة ما يتبرأ الجميع مما حصل على قياس "لست أنا المسؤول بل هو...".
التراشق حاليا بين الجنرالات المتقاعدين حول من المسؤول عن أزمة التسعينيات، وحتى قضية سوناطراك والطريق السيّار وغيرها... هي كلها نتاج تداخل الصلاحيات، بل الصحيح هو القفز على القوانين وتجاوز الصلاحيات؛ بكلمة واحدة العبث، ولا تهم بعد ذلك المبررات.
يمكننا أن نسأل وزراء وولاة جمهورية وإطارات عليا ومسيّرين عن معاناتهم في التسيير واتخاذ القرارات. سيجمعون بالتأكيد على أنهم يستحقون أعلى الأوسمة لصبرهم ومعاناتهم وتجرعهم مرارة "أوامر تأتي من كل حدب وصوب، هي، في الأصل، غير مشروعة وغير قانونية وغير مقبولة؛ لأنها تأتي من جهات ليس لها سلطة مباشرة، وأحيانا كثيرة تتصرف ـ حتى لا أقول ترتكب "تجاوزاتها" ـ بناء على رسائل مجهولة أو "قيل ويقال" أو حتى وشايات كاذبة لغاية في نفس يعقوب، ويعقوب بريئ. ضغوط ولّدت سلوكات "الشيتة" والمداهنة والولاء الأعمى...
أنهي الكلام بالقول إن توحيد مركز القرار والسلطة هو الخروج من تشتيت القرارات و"فوضى الحكم".