السرطان
السجل الإلكتروني يبطل المزايدات
- 7238
أكّد الجراح مكراشي، أنّه يستوجب التفكير جديا في مشكل تأخّر العلاج وانعدام الأدوية لأنّها تعدّ مشكلا كبيرا ومشقة يتحمّلها المريض، وهو ما يستوجب وجود سجل لمرضى السرطان، ويقول”نحن نثمّن السجل، لكن في غياب العدد الحقيقي للمرضى يصعّب التكفّل بهم، فلابد من حلّ واقعي ومن وضع الآليات التي تسهل العمل، لأنّ النظام الصحي غير المبني على مكافحة السرطان لا يقدّم النتائج المرجوة، فلابد من تخصيص طبيب مؤهل وممرض وإدارة، فالسرطان في علاجه يختلف اختلافا جذريا عن الأمراض الأخرى، ففي ظلّ غياب العدد الدقيق لمرضى السرطان لا نعرف كم نحتاج من الدواء للعلاج.
يضرب المتحدث مثلا ”إذا كان عدد المرضى 12 ألفا وتم تأمين خمسة آلاف فقط، فإن سبعة آلاف مريض ينتظرون دورهم. الغاية من هذا السجل الإلكتروني الذي نتمنى أن يجهز في القريب العاجل، هو معرفة أنواع السرطان في بلادنا، لأن الجزائر شاسعة والمرض منتشر على مستوى المدن الساحلية وفي أدرار التي شهدت تجارب نووية في العهد الاستعماري. من خلاله نعرف الأسباب وكيفية الوقاية والعلاج، وهو أيضا مبطل للمزايدات في الأرقام، فهناك فرق بين أرقام الجمعيات والدولة، ففي عام 2011، قدمت الجمعيات رقم 10 آلاف حالة جديدة، فيما أشارت الوزارة إلى سبعة آلاف فقط، والفارق المختزل هو ثلاثة آلاف مريض، ولأن الأدوية باهظة الثمن ويجب العمل بدقة على تحضيرها، بعيدا عن العشوائية أو التقريبية، حتى لا يحدث نقص في الأدوية، وهذا لا يليق بمستوى الجزائر التي أصبحت ترفض مثل هذه التصرفات، لصالح المريض”.
تأخر العلاج الإشعاعي وانعدام الأدوية.. ثقل آخر
أكد الأخصائي في رد على سؤال ”المساء” حول نقص الأدوية ومعاناة المرضى، في الشق المتعلق بالعلاج الإشعاعي الذي يعتبر حلقة أساسية في العلاج، أن نقص الأدوية الهرمونية جوهر معاناة المريض، ويقول ”نسجل ندرة في الأدوية حتى أثناء فترة العلاج، مما يعيق عملية العلاج، لأن ثمة توصيات ينفّذها الطبيب ولابد من اتباعها في العلاج، فكل شيء يحتاج إلى الدقة، ورغم تطمينات الوزارة الوصية، إلا أننا مازلنا نسجّل ندرة حادة فيها، إضافة إلى هاجس المريض وخوفه وبعده عن البيت، فندرة العلاج الهرموني بعد الإشعاعي والكيميائي الذي يمتد إلى خمس سنوات ترهق المريض، خاصة عندما يكون الدواء غالي الثمن”.
أشار الأخصائي إلى أنه بعد العمل مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن كل الأدوية مضمونة، لكن للأسف، عدم انخراط كل المرضى في الصندوق مشكل آخر يطرح، فمنهم من لا يعمل أو غير مؤمن، وقد عانينا معهم كثيرا خلال السنوات الماضية، وبعد الأخذ والرد مع صندوق الضمان الاجتماعي، وجد حل وصدرت لهم بطاقة ”الشفاء”، لكن خلال الصيف الفارط لم تكن الأدوية تعوّض وهي باهظة الثمن، ولا يستطيع المريض شراءها، لأن العلاج يتطلب مبلغ 14 مليون سنتيم، وهو فعل ممتد على مدار سنوات، وهو الإشكال الكبير المطروح، بالتالي اضطرت الجمعية إلى شرائها. فمن يعمل بأجرة ولو كانت مرتفعة، لا يمكنه العلاج، ومن هنا جاء دور الجمعيات التي تبعد الغبن عن مريض السرطان، وهو مسعى عظيم وإحسان كبير، يترجم سعادة المريض بالدواء الذي يقيم عليه أملا ويربطه بالحياة. قال الدكتور ”لهذا نتمنى أن يحصل مريض السرطان، سواء كان مؤمنا أم لا، ومهما كانت ظروفه، على بطاقة العلاج بالمجان، لأنه اجتماعيا مرهق مع العائلة، فهو لا يستطيع القيام حتى بالواجبات البسيطة، وهذا هو الإشكال. نتمنى أن لا تكون هناك ندرة في الأدوية، لأنها تشكل ضغطا كبيرا على الجمعيات التي من المفروض أنها تساعد المريض في بعض الأمور، لكن ليس بحدة ثقل فاتورة الأدوية التي تحتاج إلى ميزانية بالملايير من أجل العلاج، خاصة أن جمعيتنا قائمة على ما يجود به المحسنون. كما أننا نساعد ونساهم من جيوبنا ونحتسبه لله، وهو نوع من التكافل وواجب في ديننا، فمن الأولويات مساعدة الناس، كما قال تعال ”من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”.
على الدولة مراقبة مراكز العلاج الإشعاعي
أضاف الجراح حيال المساعدة التي تتلقاها الجمعية من الدولة ”حتى إعانة الدولة لا تكفي مريضا واحدا في السنة، ونحن لدينا آلاف المرضى، ودور الجمعيات كبير. وهنا أود الإشارة إلى أن ما يقدم لجمعيات مكافحة السرطان قليل، فنحن مثلا لدينا ألف مريض على مستوى البليدة، ولو اشترينا لهم الدواء، فلابد أن تكون لدينا ميزانية تقدر بالملايير”.
فيما يخص العلاج بالأشعة، قال رئيس الجمعية بأنها مكلفة تتطلب 60 مليون سنتيم لشهرين من العلاج، وهو الأمر الذي يمكن لميسورو الحال القيام به والحمد لله، لكن الأشخاص البسطاء لا يستطيعون ذلك. مؤكدا على ضرورة مراقبة الدولة لمراكز العلاج بالأشعة وطريقة العلاج من أجل ضمان حق المريض الذي يدفع الكثير، يوضح الجراح ”جمعية الفجر ـ مثلا ـ تختار أن تغطي تكاليف الأشعة لـ60 شخصا بدل التكفل بالعلاج الإشعاعي لشخص واحد، ولو كانت لديها موارد مادية كافية لفعلت، لكن الأمر صعب جدا. كما يستوجب أن تكون هناك مراقبة الدولة لمراكز العلاج الإشعاعي، لأنّ مريض السرطان يعالج ويتمنى أن ينال حقه بعد الدفع وهو الشفاء، وأمنيتنا أن يدخل صندوق الضمان الاجتماعي في اتفاقية مع مراكز مكافحة السرطان ويتكفل بالمريض، فمن غير المعقول أن يساهم الشخص طيلة حياته، ولا يكون الصندوق إلى جانبه في مرضه، كما فعل مع القصور الكلوي، فلما لا مع مرضى السرطان.
حل مشكل العلاج الكيمائي
أضاف الجراح أن العلاج بالأشعة مكلّف جدا، والعلاج بالأدوية الكيمائية حلّ بالكثير من الولايات التي توجد فيها وحدة العلاج بالأدوية الكيماوية، وهو مشكل كبير تمّ حله. هناك أطباء كوّنتهم الدولة، منتشرون على مستوى الوحدات، إلا أن هناك مشاكل متعلقة بالآلة والأعطاب المتكررة التي تصيبها، يقول الأخصائي ”هناك الكثير من الآلات ذات نوعية جيدة، وربما كثرة الاستعمال والضغط الكبير عليها هو سبب العطب، لأن الآلة لابد أن تستريح مع ضمان الصيانة وتكوين أناس مختصين، فلابد عند اقتناء آلة من هذا النوع ـ والتي تكلف خزينة الدولة الكثير ـ طلب ضمان ما بعد البيع لمدة خمس سنوات، رغم أن هذا الأمر موجود في الأجهزة الطبية الكبيرة التي تؤمن الضمان بين سنتين وخمس سنوات، لكن يستوجب الأمر وجود المهتم بالصيانة الدورية للآلة”.
أشار الأخصائي إلى الشح في مراكز العلاج بالأشعة، رغم وجودها في كل من قسنطينة، البليدة، باتنة وسطيف، إلاّ أنّها تعد قليلة نظرا لجغرافيا الجزائر، ففي أدرار مثلا، بين البلديات نحتاج إلى يوم سفر، ولابد من التفكير في الطابع الجغرافي للبلاد ووضع استراتجية وفق الكثافة السكانية والمسافة، فالعلاج الكيميائي مثلا مرة في 21 يوما ولا يشكّل هاجسا، إذ يمكن للشخص أن يسافر ويعود إلى البيت، لكن العلاج بالإشعاعات يتطلب 45 يوما بمعدل حصة في 10 دقائق يوميا، وهذا إشكال كبير يطرح، خاصة أن عدة أمراض تتطلّب الأشعة، ولابد على الجزائر مضاعفة المراكز، خاصة أن قائمة الانتظار فاقت الحدود، والمرضى يعالجون خارج الوقت المنصوص عليه في التوصيات الطبية، فحتى دور الأشعة ينقص لأنه بعد سنة تصبح بلا فائدة.