العهد الجديد
هذا المساء 12 ديسمبر 2019 يؤرخ لميلاد عهد جديد لجزائر الثورة والثوار.. جزائر الشهادة والشهداء ومن بقي على عهدهم وعلى مبادئ بيان أول نوفمبر، الذي بشر بالحرية والاستقلال والكرامة في جمهورية جزائرية ديمقراطية واجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية.
هذا التاريخ سيُحفظ للشعب الجزائري كما حفظ له مواقف عظام في قضايا حاسمة وعلى رأسها تبنّي نداء أول نوفمبر واحتضان الثورة التي توجت بالاستقلال، وها هو يوقف في 22 فيفري 2019 انهيار الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفرض التغيير بحراك سلمي هو في حد ذاته سلوك حضاري قلّ نظره في العالم، إلا من أفراد مثل الماهاتما غاندي، ضد الاستعمار البريطاني والقس لوثر كينغ، ضد العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية ونلسون مانديلا، ضد الميز العنصري في جنوب إفريقيا.
وإذا كانت الحكمة قد توزعت بين هؤلاء الأفراد وصنعوا بها تواريخ مجتمعاتهم، فإنها (الحكمة) قد اجتمعت في الشعب الجزائري وسيوله البشرية التي خرجت تنادي بالتغيير تحت شعار "سلمية سلمية"، ولم يسجل لنا التاريخ أن تظاهرة شعبية لم يشبها خروج عن السلمية والانزلاق إلى العنف والعنف المضاد، وهذا ما رفع من حكمة الشعب الجزائري تحقيقا لمقولة "الشعب هو البطل".
وحكمة الحكم اليوم (12 / 12) هو أن يجني الشعب ثمرة الحراك الشعبي بالمشاركة في رسم العهد الجديد بالإقبال على صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية وإحداث القطيعة الفعلية مع النظام السابق، لأن ضعف المشاركة سيؤول بوجه أو بآخر للدفاع عنه وعن بقاياه الذين يعملون دون شك على إفشال هذه الانتخابات بالذات.
وبعيدا عن سوء النية نقول للمقاطعين ـ وهذا حقهم ـ مارسوا قناعاتكم ولا تفرضوها على غيركم لا بالعنف اللفظي ولا بالعنف المادي لأن ذلك يتنافى مع مبادئ الحرية التي أنزلتكم إلى الشارع، فلا تنقلبوا عليها لأن التاريخ يسجل وللشعب ذاكرة.
وبكل حسن نيّة نقول للذين ستمتلئ بهم مكاتب التصويت سيسجل لكم التاريخ هذا الموقف الذي أرخ لعهد الجزائر الجديدة وانطلاق قطار التغيير الشامل والإصلاح الجذري للمنظومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية ومنها الثقافية والتربوية، وثقوا أن القاصي والداني سيشهد لكم أنكم كنتم على حق أحدثتم التغيير في إطار الدستور، واحترام مؤسسات الدولة التي بها ينجح الإصلاح وعلى رأس هذه المؤسسات مؤسسة الجيش الوطني الشعبي الذي دعم الحراك منذ الوهلة الأولى، ووعد بالمرافقة حتى تحقيق كل مطالب الشعب.. فالكرة اليوم في ملعب الشعب الذي عليه أن يرسو بالجزائر على شاطئ الأمان.