لا يا سادة!
الإضراب حق دستوري، لا أحد ينكر ذلك، لكن حق المواطن في التعلم والصحة، حق دستوري أيضا لا يمكن تجاهله،، فلماذا هذا الخلل بين الحق في المطالبة بالحقوق وحرمان آخرين منه؟
إذا تطرقنا إلى إضراب الأطباء المقيمين الذي شارف على شهره الثالث، لا يمكن ألا نلاحظ الاضطراب الذي خلفه هذا الإضراب في الخدمات الصحية بالمستشفيات، وما سببه من تردي هذه الخدمات مما زاد الطينة بلة لأوضاع مستشفياتنا التي قد لا يبقى منها إلا الإسم إذا استمر الحال على ما هو عليه.
لا نشكك، ولا يحق لنا ذلك، في مطالب الأطباء المقيمين، قد تكون مشروعة في جزئها أو كلها، لكن هل الإضراب هو الحل الوحيد لتحقيق هذه المطالب؟
لماذا لا يحرص الطرفان، الوصاية والمضربون، على حوار جاد للتكفل بما يمكن التعجيل به وإرجاء غيرها من المطالب والانشغالات إلى الوقت المناسب؟، بدل تعفين الوضع إلى حد لم يعد يطاق، وينطبق عليه المثل الشعبي القائل:
«سيدي مليح وزادلو الهوا والريح».
نفس المثل ينطبق على قطاع التربية، الذي لايمكننا وصفه إلا بما وصفته وزيرة التربية الوطنية التي اعترفت أن قطاعها في بعض الولايات (بجاية مثلا) جد متعفن. إذن الوضع بلغ حد التعفن في بعض الولايات ولا يمكن أن يستمر على هذا الحال، وأن يقف الجميع موقف المتفرج.
صحيح أن الإضراب حق، والمطالب قد تكون مشروعة أيضا، ولا يحق لنا التشكيك في مشروعيتها، لكن لا يحق أن تكون هذه المطالب سببا في رهن مستقبل التلاميذ أو تعفين قطاع التربية.
فما دامت أبواب الحوار مفتوحة، تبقى قنوات الحوار وتغليب المنطق والعقل، وتحكيم الضمير المهني، هي الحل الأمثل حتى وإن لم تتم الاستجابة لكل المطالب في جلسة أو جلستين. قد تكون هناك أشكال وطرق أخرى للمطالبة دون تعطيل مسار التعليم أو الإضرار بصحة المواطن.
الآن نحن أمام واقع مر،، إضراب مفتوح رهن مستقبل التلاميذ وأضر بصحة المواطن،، ومهما كانت المبررات لا يمكن السكوت عما وصل إليه الوضع، لنقول للذين كانوا وراء ذلك «لا ياسادة لقد بلغ السيل الزبى».