نحن في أشد الحزن لرحيل .. فتيحة !؟
“ممي فتيحة"، مغربية من مدينة القنيطرة، أقدمت على إحراق نفسها الأسبوع الماضي لأن الشرطة صادرت عربة الخضر التي كانت تدفعها كل صباح وطوال اليوم أمامها، متنقلة على أرصفة المدينة وشوارعها وأزقتها... هي مصدر عيشها وقوتها ومصروف عائلتها. نحن في أشد الحزن لموتها حرقا. كما نحزن ونتعاطف مع كل الفقراء والغلابى الذين يقتاتون من عرق جبينهم ولا يمدون أيديهم تسولا إلى أولئك الذين ينفقون يوميا مما لم يتعبوا يوما من أجل الحصول عليه.
«ممي فتيحة" أرادت أن تكون "بوعزيزية مغربية" بحرق نفسها، وهي تمارس نفس مهنة بوعزيزي تونس، أي بيع الخضر والفواكه في عربة تدفعها من طلوع الشمس إلى غروبها. لكن رغم حزننا الكبير على وفاتها بمستشفى الدار البيضاء، إلا أننا نقول ما كانت لتفعل ذلك، أن تحرق نفسها؟!. أولا من باب قتل النفس. وثانيا أنها أخطأت في ما كانت ربما تتوقعه من أن يؤدي حرق نفسها إلى تغيير ما بقومها. ولم تكن تتوقع أن ما أقدمت عليه لن يغير شيئا في واقع أسرتها وجيرانها وأمثالها من الفقراء والمستضعفين، كأن شيئا لم يحدث، وكأن امرأة اسمها فتيحة لم تقدم على حرق نفسها من أجل "الخبزة". كان مشهدا مروعا وألسنة النار تلتهمها!؟. لا أحد سارع إلى التدخل لإطفاء ألسنة النار. المشهد المحزن جرى أمام مركز لشرطة "صديقنا الملك"!. الجميع كان يلتقط صورا لاحتراق فتيحة بالهواتف النقالة ثم نشرها على مواقع التواصل.
أي إنسانية أن يتفرج الناس على امرأة تحترق من الفقر والظلم ولا يتدخلون؟!. لكن حين أستجمع ما تبقى من "عقلي" أكتفي بالقول: "حتى وإن كان ما أقدمت عليه فتيحة هي لحظة ضعف تترجم قمة اليأس والشعور بالغبن والظلم أوكما يقول المثل الشعبي ـ ما يحس بالجمرة غير اللي عافس عليها - فإن ذلك لا يبرر الانتحار حرقا، لأن "ممي فتيحة" نسيت شيئا مهما قبل الإقدام على حرق نفسها أن لا شيء سيتغير. ولا يمكن أن تكون "بوعزيزي تونس". كان عليها أن تتفطن أولا إلى أن من يبتلع شعبا بأسره ويصادر حرياته وحقوقه لا يمكنه أن يتأثر بمشهد احتراق امرأة وسط الشارع؟!. هو مجرد حادث عابر، كان عليها أن تسأل أميناتو حيدر الصحراوية فعندها الخبر اليقين. بالنسبة إلينا نحن في أشد الحزن لرحيل "ممي فتيحة".