استقالة الأولياء!؟
طفل في الـ١٥ من عمره يتعرض لصعقة كهربائية ببلدية عين الملوك بولاية ميلة، الخبر قد يبدو مجرد حادث مؤسف رغم خطورته، إلا أن الأخطر منه أن الهالك تلميذ في السنة الثالثة متوسط، تسلق عمودا كهربائيا ليعلق به العلم الوطني، في إطار مهزلة «العصيان المدني» التي أراد أصحابها أن يقحموا أبرياء في حراك سياسي لا ناقة ولا جمل لهم فيه.
من المسؤول عن هذه الجريمة التي أزهقت فيها روح تلميذ لم يذق طعم الحياة بعد؟ أكيد هم من دعوا إلى إخراج تلاميذ المدارس والمؤسسات التربوية إلى الشارع، وهم الذين كانوا يدعون إلى عدم تسييس المدرسة. للأسف المسؤولية لا تتوقف عند أطراف تتستر وراء حواسيبها، لضرب المدرسة لتكريس الجهل، بل تتقاسم مع الأولياء والمربين، فقد لوحظت خلال اليومين الأخيرين استقالة جماعية مطلقة للأولياء الذين لم يكترثوا لمصير أبنائهم الذين أجبروا على مغادرة مقاعد الدراسة ليجربوا مغامراتهم في الشارع مع كل ما في ذلك من تبعات وأضرار قد لا تحمد عقباها.
نستغرب أيضا كيف لأساتذة مربين يغلقون أقسام الدراسة ويدفعون التلاميذ إلى مسيرات ليست في مستوى سنهم، بل أن مراهقتهم لا تسمح لهم بالتمييز بين الغث والسمين، وتدفعهم غريزتهم الطفولية إلى ارتكاب أشياء قد لا يقدرون حجم ضررها على المجتمع وعليهم أيضا.
إنه تسيّب تام لأولياء غير مكترثين بمصير أبنائهم، وكأنهم ضد مصلحة أبنائهم ويقفون إلى جانب الأساتذة الذين ضيعوا (إلا من رحم ربك) التلاميذ بسلسلة الإضرابات طوال السنة، وانتهزوا الفرصة لطرد التلاميذ إلى الشارع.
فلا الأولياء ولا المربون قدروا عواقب وحجم ضرر هذا التصرف، والموقف السلبي مما حدث للتلاميذ الذين أقحموا في أحداث لا تعنيهم وليسوا مؤهلين للخوض فيها.
مع كل ما قد ينجم عن ذلك من انحرافات نحو المجهول لفئة مراهقة يستغلها أعداد التعليم وزرعوا اليأس والجهل، لجعل مؤسساتنا التربوية تخرج عناصر شغب بدل أجيال تحمل مشعل العلم. فارحموا أبناءكم ولا تحملونهم مالا يطيقون لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم، معركتهم في ميدان العلم والتعلم وليس في السياسة.