حب الوطن لا تحدده الجنسية

العربي ونوغي العربي ونوغي

لن يتولى المسؤولية إلا من كان يتمتع بجنسية جزائرية دون سواها، هذا ما تنص عليه المادة 51 من المشروع التمهيدي للدستور القادم. القراءة المباشرة لهذه المادة لا تدفع أحدا من الجزائريين لمعارضة مادة بهذه الصيغة، أي أن يتولى جزائريون مسؤولية تسيير مؤسساتهم وإداراتهم. 

لكن مادة دستورية بهذه الصيغة قد تحمل أيضا قراءات أخرى إذا لم تضبط بقوانين ومراسيم تطبيقية لاحقا، ترفع اللبس وتنزع عنها الإقصاء، من منطلق أن الجزائر بحاجة دائمة إلى كل أبنائها وإطاراتها وكفاءاتها في الداخل والخارج، فإن هذا التحديد السالف الذكر قد يغلق الباب أمام من أجبرتهم ظروف مختلفة أمنية وسياسية واجتماعية وحتى من باب مواصلة البحث والتكوين والتخصص أن يعودوا إلى بلادهم لتولي مسؤوليات في الجزائر. 

إني أتحدث عن الذين غيّروا جنسيتهم. أوأضافوا لها جنسية ثانية للأسباب السالفة الذكر أو غيرها، هل الجزائر بحاجة إلى كفاءة وخبرة أبنائها أم إلى جنسيتهم؟!. 

الخبرات والكفاءات الجزائرية تتولى مناصب عليا وقيادية في عديد المخابر والجامعات والمؤسسات الدولية وفي كل القارات، بل إنها تقود حتى وفود تلك البلدان في مختلف المفاوضات وإبرام الاتفاقيات. 

بعضها أضاف جنسية ثانية إلى جنسيته الجزائرية الأصلية. ومع ذلك في أمريكا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان والخليج ... ينظرون إلى "مخ" وكفاءة هؤلاء وليس إلى ألوانهم وجنسياتهم؟. بل حتى في دول عديدة لم يعودوا يشترطون جنسية أصلية على الرؤساء المترشحين. وإنما ينظرون إلى برامجهم وأفكارهم وحسن تدبيرهم وإستراتيجياتهم في النمو والاقتصاد... من ذلك أوباما وساركوزي وكارلوس منعم وغيرهم كثيرون في بقاع الدنيا.

 الشواهد كثيرة التي تؤكد بأن كثيرا من الذين يحملون الجنسية الجزائرية أضروا الجزائر بمواقفهم وتطرفهم وحتى بخياناتهم. وأن آخرين أحبوها وخدموها  ودافعوا عنها في مختلف المواقف والمواقع دون جزاء أو شكور. فأي النوعين أقرب وأنفع إلينا؟. 

فما بالك حين نتحدث عن أبنائنا الذين أجبرتهم ظروف على الهجرة. في كثير من الأحيان يمكن إدراجهم في خانة ضحايا سياسات أو ظلم ذوي القربى ... 

العالم أصبح بمثابة قرية مفتوحة. لم تعد أوراق الجنسية تحدد المكانة فيها. ولكن ماذا يمكن لكل جزائري أن يقدم لبلاده سواء كان داخل الوطن أو خارج الحدود. الفرق واضح بين أن تحمل جنسية ما وكفى وأن تقدم  نفعا لوطنك وعملا مفيدا.