درس للمشككين
الجزائريون اختاروا ممثليهم في المجالس البلدية والولائية، في عرس ديمقراطي عاشته الجزائر أول أمس، وأعطوا درسا آخر في الديمقراطية.
لقد كان الرهان كبيرا على تسجيل نسبة عزوف تفوق كل التوقعات لدى الذين اعتادوا في مثل هذه المناسبات، التشكيك وزرع اليأس، إلا أن نسبة المشاركة كذبت كل توقعات الفشل والعزوف. بل إن نسبة المشاركة هذه المرة فاقت نسبتي المشاركة لمحليات 2007 و2012.
عشية الانتخابات، وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة نداء للمشاركة بقوة في الانتخابات المحلية، وكانت الاستجابة سريعة تعكسها المشاركة المسجلة. ذلك أن هذه النسب دون الـ50٪، هي في الحقيقة نسب معقولة ومنطقية تقارب النسب التي تسجل في العالم بفعل التحولات التي تشهدها المجتمعات والتي تحول دون تسجيل نسبة 70 أو 90٪.
المهم أن الجزائر عبرت بسلام محطة جديدة من محطات الاستحقاقات الوطنية في إطار ما يتضمنه الدستور الجديد الذي توج الإصلاحات السياسية. وذلك بفضل وعي المواطن الذي أدرك أن العزوف معناه ترك المجال للانتهازيين لتسيير شؤونه المحلية وأن الذين كانوا يدفعونه إلى هذا العزوف لا تهمهم مصلحته بقدر ما يهمهم أن تبقى شؤونه معطلة على كافة الأصعدة.
والأهم في هذا الدرس الديمقراطي الجديد، وبغض النظر عن أن أغلبية المجالس المحلية استحوذ عليها حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، فإن النتائج التي أعلن عنها وزير الداخلية تبين أن هناك خارطة سياسية جديدة على مستوى المجالس المحلية، سمحت بدخول أحزاب جديدة واتساع رقعة القوائم الحرة، للمساهمة في تسيير شؤون المواطن، من خلال مجالس محلية ستكون ـ كما قال رئيس الجمهورية ـ "أداة لتثمين الموارد العمومية لفائدة المواطنين وخطوة أساسية لعصرنة الخدمة العمومية"، و«استكمال مسار التمثيل الديمقراطي بالمؤسسات المنتخبة".