صنّاع العنف!
قد يتساءل المرء: لماذا لم يتوقف عنف الملاعب رغم كل التدابير والإجراءات المتخذة، للحد على الأقل من الظاهرة؟ لكن بملاحظة سريعة لما يجري على الساحة تتضح جليا الإجابة عن هذا التساؤل.
التصريحات النارية من على البلاتوهات الإعلامية، والانتقادات التي لا تتوقف لحظة لرؤساء النوادي، كلها تساهم في إشعال فتيل العنف في الملاعب، فالأنصار لا يمكن لهم أن يهدأوا وهم يشاهدون رئيس هذا الفريق أو ذلك يطلق النار على رئيس الرابطة أو رئيس (الفاف) بسبب وبدونه.
لسنا هنا لندافع عن فلان أو فلتان، فرئيس رابطة كرة القدم قد يخطئ وكذلك رئيس (الفاف)، لكن هناك قوانين لابد أن تحترم ولابد لمسؤولي النوادي أن يكونوا في مستواها، عليهم أن يرتقوا بخطاباتهم وانتقاداتهم وأن تكون تصريحاتهم مسؤولة، ثم إن كانت هناك احتجاجات أو تحفّظات فيجب أن يكونوا على دراية بالباب الصحيح الذي يطرقونه.
أول أمس، دعت (الفاف) رؤساء النوادي إلى الكف عن اعتماد لغة التضخيم والانتقاد خارج الأطر القانونية، واللجوء مباشرة إلى هياكل الهيئتين الرياضيتين لطرح الانشغالات.
لقد بات بعض رؤساء النوادي يصنعون ما يعرف بـ”كرنفال في دشرة”، كل يريد أن يفرض منطقه وقانونه حسب هواه، ولو تجاوز كل القوانين المسيّرة للرياضة. هناك من يربط فشله بالرابطة التي يحولها إلى مشجب يعلّق عليها كل إخفاقاته.
الأخطر من ذلك أن ”تصريحات الشارع” تغذّي العنف ونزعة ”التطرّف” لدى المناصرين. وبالتالي فإنه لا داعي للذهاب بعيدا بحثا عن حلول للعنف في الملاعب، يكفي فقط وضع حد لـ”صنّاع العنف”، ولم لا إجراء دورات تكوينية لرؤساء النوادي في التسيير وكيفية التعامل مع الهيئات الرياضية. فكل من هب ودب أصبح يتحدث عن الرياضة، بدءا من أصحاب الأموال وصولا إلى أشباه الصحفيين والمنشطين والمعلقين الرياضيين، الذين لا يفقهون إلا لغة فتح النّار على الجميع والتراشق بالتهم.
المؤكد أنه عندما تهدأ النفوس ويعود الجميع إلى رشدهم ويتعاملون بحكمة وتعقّل، فإن الأنصار سيكونون أكثر هدوء في الملاعب، وظاهرة العنف سوف تتراجع تدريجيا ما دام لا يوجد من يغذّيها.