طمس الحقائق!!
يحاول المغرب عبثا تجاهل مبادرة الجزائر بتنظيم اجتماع لمجلس وزراء اتحاد المغرب العربي، قصد إعادة تفعيل آليات وهياكل هذا الصرح المغاربي، الذي باتت نشاطات هياكله مجمدة منذ عقود بسبب العراقيل التي وضعتها الرباط لشل أي حركة من شأنها أن تكرس الاتحاد كمجموعة إقليمية اقتصادية في المغرب العربي، وها هو اليوم يصر على انتزاع موقف بشأن دعوة الملك محمد السادس لمفاوضات مباشرة مع الجزائر.
لقد تأكدت الرباط أن المبادرة الجزائرية بشأن تفعيل هياكل الاتحاد لاعلاقة لها بأية مبادرة أخرى، باستثناء الاستجابة لتوصيات القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الإفريقي التي أولت اهتماما خاصا لدور المجمعات الاقتصادية الإقليمية في مسارات اندماج البلدان الإفريقية، حيث أكدت مصادر دبلوماسية أن المبادرة جاءت فقط تطبيقا لدعوة الاتحاد الإفريقي إلى تفعيل المجموعات الإقليمية وليست لها أية علاقة بنداء ملك المغرب.
الجزائر ما فتئت تبادر وتعبر عن نيتها الحسنة في تكريس سياسة حسن الجوار مع المغرب على غرار ما هو قائم مع باقي دول الجوار، لكنها لم تجد أي صدى لذلك من الطرف المغربي الذي رفض مرارا المباحثات الشاملة لملف العلاقات الثنائية من كل جوانبه، وحاول اقتصاره على إعادة فتح الحدود اعتبارا لمصالح يفرضها الوضع الاجتماعي المتردي داخل المغرب، وبالخصوص المناطق المحاذية لحدودنا الغربية التي يعيش سكانها على التهريب بكل أشكاله. بل إن المغرب كلما أحس بالخطر على استقراره الاجتماعي أقحم الجزائر وجعلها مشجبا يعلق عليه كل مشاكله الداخلية، ناهيك عن تهجماته المتكررة في المناسبات الوطنية والدولية كلما اقتربت المواعيد الحاسمة المتعلقة بقضية الصحراء الغربية.
لهذه الأسباب، اعتبرت السلطات الجزائرية نداء العاهل المغربي”لاحدث”، وليس من الأولويات في هذا الظرف بالذات الذي اختاره المغرب لاعتبارات خاصة به لا تخفى على أحد.
فهل يقدم المغرب اعتذارا رسميا للشعب الجزائري على انتهاك حرمة الراية الوطنية التي مزقت من فوق مبنى القنصلية الجزائرية في الدار البيضاء يوم أول نوفمبر 2013، في ذكرى احتفال الجزائريين بثورة التحرير المجيدة؟.
هل يعوض المغرب الجزائريين الذين طردوا ونهبت أموالهم وأملاكهم بعد حادثة التفجير التي شهدتها مدينة مراكش، والتي ألصقت زورا وبهتانا بالجزائر، في وقت كانت هذه الأخيرة تحارب وحدها الإرهاب الذي اتخذ من المغرب وبلدان أخرى قاعدة خلفية لضرب أمن واستقرار الجزائر؟.
هل بإمكان النظام المغربي الالتزام بوقف الأطنان من سموم المخدرات التي تهرب عبر الحدود لضرب استقرار المجتمع الجزائري؟.
وأخيرا هل يلتزم المغرب بعدم إقحام القضية الصحراوية، التي أصبحت في يد الأمم المتحدة التي أدرجتها ضمن قضايا تصفية الاستعمار، في العلاقات الثنائية؟.
في انتظار ذلك، هي إذن فرصة للمغرب للكف عن كل ما يعيق إعادة تفعيل هياكل اتحاد المغرب العربي، وفي مقدمة ذلك الكف عن المساومة بقضية الصحراء الغربية ومحاولة الابتزاز السياسي، لسبب وحيد وهو أنه عندما أسس الاتحاد كانت هذه القضية قائمة ولم تمنع من الانطلاق في بناء الصرح المغاربي بطموحات كبيرة –للأسف- لم تتحقق بسبب التسويفات المغربية.
إن الاتحاد المغاربي الذي يجب أن تحل فيه كل الخلافات لصالح المنطقة المغاربية قبل المصالح الثنائية، سيكون المحك لكل النوايا الحسنة، وستكشف الإرادات الحقيقة في بناء اتحاد مغاربي قوي كخيار استراتيجي لمواجهة تحديات العصر، وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية التي يمكن للبلدان المغاربية مواجهتها باندماج اقتصادياتها واستغلال ثرواتها المتنوعة، ومن ثم ضمان أمن واستقرار المنطقة سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا.