عليهم أن يختاروا مواقفهم ومواقعهم بوضوح
الوزير الأول سلال أعطى الأمر للوزير قرين بتطهير الساحة الإعلامية من الفوضى وإعادة فرض القانون والتزام الجميع بمواد قانون الإعلام ونصوصه. وكذا بقانون العمل وتشريعاته. لا أعتقد أن عاقلا واحدا يرفض الالتزام والتقيّد بقوانين تنظم مهنته وتحدّد له واجباته وحقوقه. واضح أن الأمور بلغت فيما يبدو حدا ووضعا لم يعد يسمح بالسكوت عنه. لكن السؤال : لماذا لم تتحرّك السلطة منذ بداية الانحرافات ؟!. بالتأكيد أن لا أحد سيجيبك عن هذا السؤال. ومن ثمة لست أبحث أو أنتظر جوابا من أحد. لأن ذهني يحمل مسبقا الجواب الشافي والكافي. السلطة نفسها من خلال حكوماتها المتتالية لم تلاحق "الفوضويين" والمتسللين إلى الإعلام وإلى غير الإعلام. وهؤلاء بدورهم استغلّوا سكوت السلطة وانشغالها بأمور تراها أكثر أولوية ربما. أو نتيجة عدم تحمل بعض وزراء القطاع مسؤولياتهم كاملة في التدخل لوضع حد لمنعرج الانحراف في بدايته قبل أن "يتغوّل" البعض ويعتقد أو يصدق ما روّج له محاباة أنه "سلطة" ؟!. أتذكّر أن بعض مسؤولي النشر كانوا يتباهون ويتفاخرون في المقاهي وفي المطاعم والحانات وحتى في أعراس عائلية وسط القبيلة والدشرة بأنه (أو بفضل جريدته) هو من أقال الوزير الفلاني. أو أسقط الحكومة أو أطاح بالجنرال الفلاني ... وكان الناس يصدقون فعلا ذلك والجزائريون للأسف باتوا يصدقون كل شيء !؟ سيما إذا صادف تصريحه ذلك حركة تغيير مست ذلكم الوزير أو المدير أو الوالي أو الجنرال أو تغييرا حكوميا . رغم أن ذلكم المتحدث مسؤول النشر لا يملك من الشهادات إلا شهادة الميلاد. و لا يملك من السلطات شيئا إلا سلطة "الانحراف" من قذف وسب وشتم وخدش للأعراض ... حدث أن سمعنا وزيرا للاتصال يقول: " أنا وزير الصحافة العمومية... " ؟!. أي أن سلطته يمارسها فقط على الصحف العمومية المرئية والمسموعة والمكتوبة. مؤسف ذلك !؟. فكيف لا "يتغوّل" الآخرون وهم يستمعون إلى وزير قطاعهم يقول هذا التصريح ؟!. سلال تفطن لهذا الأمر حين طالب وزراءه وكل المسؤولين الذين "يتفرجون" أو يحكمون العصا من وسطها كما يقول المثل باتخاذ مواقف صريحة. إنّ من أسباب ما يحدث أيضا هو هذا النوع من المسؤولين "الحرباويين" (الحرباء) الذين كما يقول المثل الشعبي في غير هذا الموضع ووجه المقارنة "يأكلون مع الذيب ويبكون مع الراعي". نحن بحاجة إلى مسؤولين يتحمّلون مسؤولياتهم كاملة. ويجهرون بمواقفهم. لذلك جميل أن يبدأ قرين عملية تطهير قطاعه. وقد بدأ فعلا ذلك منذ تعيينه بإقرار البطاقة الصحفية التي تفرز بين الصحفي وغير الصحفي (رغم الشوائب التي مست هذه العملية وأدت إلى تحقيق لإبعاد المندسين ). هو ما جعله يتعرّض لقصف الذين لا تتوفر فيهم هوية الصحفي. وأيضا لقصف الذين يأكلون أموال الصحافيين والعمال بالباطل. أولئك الذين لا يدفعون ضرائبهم ولا يصرحون بمداخيلهم المالية. وهم للأسف كثيرون. لكن نحن نقول للسيد قرين : إن التطهير يجب أن لا يستثني أحدا. فحتى القطاع العام فيه من الكوارث والإتكالية والخمول وعقلية "البايلك" ومنطق "راقدة وتمانجي" ما يجعل التعجيل بالتغيير والإصلاح أولوية. نعم إن المؤسسات العمومية الإعلامية تكاد تشبه "الجمعيات الخيرية". والفرق واضح بين جمعية خيرية ومؤسسة إعلامية اقتصادية. إني أقول علانية ما يردّده البعض خلف الأبواب . بما في ذلك بعض الوزراء والولاة الحاليين والسابقين . عليهم أن يختاروا مواقعهم ومواقفهم بوضوح.