يوم استجدينا الدواء والحليب ولم نجد من يقرضنا؟!
كشف خبير دولي لـ "المساء" قبل يومين. أنه ظل منذ إقدام الجزائر على مسح مديونيتها كاملة قبل سنوات بقرار من الرئيس بوتفليقة يتساءل عن دوافع ذلك؟!. إذ لا وجود لأي ضغط أو ما يجبر الجزائر على مسح مديونيتها دفعة واحدة. واستغرب قرارا كهذا!. فالديون خاضعة لرزنامة زمنية ومرتبطة بمواعيد تسديد. يعني لا حاجة للاستعجال في الدفع. حيث كان من الممكن أن يتم تحويل كل تلك المبالغ من العملة الصعبة والتي فاقت 30 مليار دولار إلى استثمارات ودعم لقطاعات تنموية...
لكن ـ كما يضيف هذا الخبير ـ لمّا لاحت بوادر الأزمة الدولية في اليونان على الخصوص وفي إسبانيا والبرتغال وفي كل البلدان الأوربية تباعا بما في ذلك فرنسا وإيطاليا . ثم مسّت اقتصاديات بلدان أخرى كثيرة في أمريكا وآسيا وغيرها سيما بعد انهيار أسعار النفط ـ يقول الخبير ـ أدركت سداد القرار الجزائري ودقّة استشراف الجزائر للتحوّلات العالمية. ولم يخف هذا الخبير تقديره وإشادته ببعد نظر الرئيس بوتفليقة، وحس الحكامة عنده في قراره بمسح المديونية الجزائرية دفعة واحدة قبل آجالها من خلال التفاوض الذي لم يكن سهلا مع الدول التي أقرضتنا. ولم تكن تود تسديد ديونها مسبقا لاعتبارات بعضها معلوم كالمحافظة على نسبة الفوائد. أو ما ارتبط بالديون نفسها من شروط و"ضغوط" وبعضها الآخر غير معلوم. قد تكون لحسابات مرتبطة بمنطق المزايدات لاحقا والضغوط السياسية و"الشانطاج" الدبلوماسي في قضايا دولية مختلفة.
بالتأكيد إن الذين استغربوا بل وعابوا استعجال الجزائر مسح مديونيتها في منتصف الألفين. يدركون اليوم مدى صواب وسداد قرار مسح المديونية. فماذا لو مازالت الجزائر مثقلة بكل تلك الديون التي فاقت 30 مليار دولار إلى غاية اليوم. أي بعد تدهور أسعار النفط التي نشهدها اليوم؟. الجواب ببساطة كالتالي: سندفع كالمعتاد فاتورة ابتزاز الدائنين وإملاءاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى "السيادية". الذين ألفوا النسيان بسرعة نذكّرهم ببداية التسعينيات عندما أصبح الأفامي يملي علينا ما يجب فعله وما لا يجب أن نفعله. يوم رحنا نستجدي مساعدات وقروض من أجل الخبز والدواء وحليب الأطفال... ولم تجد حكومتا السيدين عبد السلام بلعيد ثم رضا مالك ما تقدمه ضمانا للاستفادة من قروض لا تسمن ولا تغني من جوع. نعم أيها الخبير. لا يستوي الذين يمارسون السياسة السياسوية. وأولئك الذين يستشرفون الغد بمنطق "الدورو الأبيض لليوم الأسود". أو حتى بمنطق شعبي: "المكسي بقش النّاس عريان" والحديث قياس.