جمعية "مدينة عنابة للحفاظ على التراث"
ترميم وتزيين مباني "بلاس دارم"
- 862
قامت جمعية "مدينة عنابة للحفاظ على الثرات العنابي"، مؤخرا، بمبادرة تطوعية لترميم وتزيين مباني المدينة القديمة "بلاس دارم" في عملها الميداني، في إطار حماية المباني التراثية، حيث تم تزيين الجدران وإعادة كتابة بعض المعلقات القديمة، التي تعود إلى الحضارة العثمانية، من طرف مهندسين وخطاطين متخرجين من جامعة "باجي مختار" بعنابة.
أوكلت جمعية المدينة المهمة لمجموعة من الطلبة وحاملي الشهادات العليا في مختلف التخصصات، لاسترجاع اللافتات المعلقة على جدران المباني المتراصة، والتي تمتد حتى جامع "أبو مروان الشريف". تبذل جمعية مدينة عنابة، للحفاظ على التراث العنابي، جهدها في سبيل ترميم كل تفاصيل الأزقة التي سقطت بسبب الرياح القوية والأمطار، حيث انعكست التقلبات الجوية والفيضانات للسنوات الماضية، على جزء كبير من المباني التي انهارت. وتم إدراج الحفاظ على تراث المدينة القديمة "بلاص دارم" ضمن الملفات التي يجب الاشتغال عليها طوال السنة، من أجل استرجاع مكانتها السياحية والثقافية والدينية، وتحويلها إلى مزار للسياح الأجانب والوطنيين.
في سياق متصل، تتوفر المدينة القديمة على عدة أضرحة ومساجد، منها جامع "أبو مروان الشريف" الذي عاد إلى النشاط بعد خمس سنوات من الترميم وإعادة التهيئة، وتحول إلى قبلة للمصلين من جديد، بعد الانتهاء من ترميم جدرانه وتهيئة كل زواياه والأجنحة التابعة له، حيث خصصت الوزارة الوصية له، غلافا ماليا، لتحويله إلى قطب ديني وسياحي بامتياز. يعتبر جامع "أبو مروان الشريف" من أعرق المعالم الدينية والسياحية في ولاية عنابة، ويعرف إقبالا واسعا من طرف المصلين، وأهل الذكر، خاصة في شهر رمضان، لأداء صلاة التراويح، وقبلها صلاة المغرب جماعة. كما يعد القطعة الأولى التي تحررت في الجزائر، وتحمل جدرانه آثارا إسلامية ودلالات كبيرة، تختزن أصالة المدينة العريقة، والقباب المرصعة بالفسيفساء التي تختصر مسافة الحضارات المتعاقبة على المنطقة.
علما أنَّ هذا المسجد تم بناؤه في أواخر القرن الـ4 الهجري، في عهد الدولة الزيرية، إبان حكم المعز لحكم الله، وقد تم بناؤه فوق حصن عنابة من طرف أبو الليث البوني، ويسمى بمسجد "أبي مروان"، نسبة إلى عبد الملك بن مروان بن علي الأزدري، المولود في إشبيلية، والذي استحدث الجامعة الدينية الأولى في المسجد، وتم الربط في الدروس المقدمة فيها بين العلوم العسكرية والدينية، وكان في وقت مضى، يضم في جانبه السفلي ما يسمى بـ"حديقة الرباط"، التي كانت بمثابة ناد للضباط في البحرية.
خلال الاحتلال الفرنسي، أرادت طمسه والقضاء على آثاره، فتحول إلى مستشفى عام 1838، وأضيف إلى بنائه الأصلي طابق علوي، كما تم فصل حديقة الرباط عن الجامع، بغية القضاء على معالم الحضارة الإسلامية في الجزائر، ليعود اليوم جامع "أبي مروان الشريف" تحفة أثرية ودينية تزين المدينة القديمة "بلاص دارم".