بعد تراجع نسبة امتلاء السدود إلى 44%.. خبراء يقترحون:
مراجعة سياسة الدعم واستغلال كل الموارد لمواجهة الجفاف
- 683
❊ اقتراح تحلية 2 مليار متر مكعب سنويا لسد 33% من الاحتياجات
❊ تراجع حصة الفرد إلى 450 متر مكعب سنويا
خلص المشاركون في أشغال اليوم الدراسي الذي خصص لمناقشة إشكالية ندرة المياه في الجزائر، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة العجز المائي المقدر بـ450 متر مكعب للفرد سنويا بدل 1000 متر مكعب، بعد تراجع نسبة امتلاء السدود إلى حدود 44 بالمئة.
كما اقترحوا ضمن حلولهم المقترحة لمواجهة شح مياه الأمطار واستمرار ظاهرة الجفاف إلى مراجعة الدعم الذي تخصصه الدولة للمياه والمقدر بـ 70 بالمئة ، عبر مراجعة السعر المرجعي للتر المكعب ورفعه إلى 25 دينار مع مواصلة بناء السدود فضلا عن رفع نسبة تحلية مياه البحر بنسبة 33 بالمئة بإنتاج 2 مليار متر مكعب سنويا إلى جانب تثمين المياه المستعملة وتوجيهها لقطاع الفلاحة والصناعة وجلب المياه الجوفية بالجنوب والمقدرة بـ 60 الف مليار سنويا والتي من شأنها سد الاحتياجات الوطنية على المدى البعيد .
وأجمع المشاركون في أشغال هذا اليوم الدراسي المنظم أمس من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على تأكيد وجود تهديدات فعلية بسبب استمرار ظاهرة الجفاف والتي أدت إلى تراجع كبير في الموارد المائية مقابل ارتفاع الطلب على هذا المورد الحيوي.
وأكد رضا تير، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في افتتاح الملتقى، أن دعم الدولة لقطاع المياه بلغ أكثر من 70% مقارنة بتكلفته الحقيقية، ما جعل البنك العالمي يصنف الجزائر في "الخانة الحمراء" باحتلالها المرتبة 29 من إجمالي 180 بلد في العالم، لكون حصة الفرد من هذا المورد لم تعد تتعدى سنويا، 420 متر مكعب لكل مواطن".
وقال تير إن الهدف من تنظيم اليوم الدراسي يرمي إلى تجسيد الهدف السادس من برامج الأمم المتحدة لتنمية المستدامة لعام 2030 والخاص بالمياه، الذي التزمت به الجزائر، بالإضافة إلى تجسيد توصيات رئيس الجمهورية، خلال اجتماع لمجلس الوزراء الداعية إلى "ترشيد استغلال محطات المياه عبر إنشاء وكالة وطنية تعنى بالإشراف على تسيير محطات تحلية مياه البحر للحد من الاستغلال العشوائي للمياه الجوفية، سيما بالسهول كما هو الأمر لسهل متيجة التي يجب أن تخصص مياهها للري الفلاحي فقط". وأكد على أهمية تكريس الحوكمة الاقتصادية للماء من خلال استخدام التكنولوجيا في إدارة الموارد المائية وعقلنة استغلالها، خاصة وأنها تكلف خزينة الدولة 70% من سعرها الحقيقي.
وتطرقت مداخلات المشاركين إلى الأهمية التي توليها الجزائر للموارد المائية، إذ تم التنصيص عليها في المادتين 21 و63 من الدستور، إسوة بما أكدته دراسات استشرافية بدخول البلاد مرحلة جفاف بما يستدعي اتخاذ تدابير استباقية لمواجهة خطر استفحال هذه الظاهرة.
وحصر المشاركون أسباب الجفاف في التغيرات المناخية التي أثرت بشكل مباشر على التساقطات المطرية السنوية التي أدت بدورها إلى النضوب التدريجي للمياه الجوفية.
وكشفت إحصائيات، أعدتها وزارة الموارد المائية في هذا السياق، أن 20% من مناطق غرب البلاد وما بين 12 و13% بمناطق وسط البلاد أصبحت تعاني من الجفاف، وتكرس ذلك من خلال تراجع نسبة امتلاء السدود إلى حدود 44% فقط، باستثناء سد بني هارون بولاية ميلة والذي بلغت نسبة امتلائه حدود 100%.
وقدم المشاركون أرقاما حول القدرات الوطنية الخاصة بقطاع الموارد المائية، شملت معدل إنتاج المياه بالجزائر والتي قدرت بنحو 6,3 مليار متر مكعب سنويا، منها 50% جوفية و34% سطحية و16% متأتية من محطات تحلية المياه.
وشكل استهلاك القطاع الفلاحي أكبر حصة بلغت حدود 62% من إجمالي كميات المياه المتوفرة في الجزائر و35% توجه للاستهلاك المنزلي في نفس الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة الاستهلاك الصناعي بـ3%.
وحدد المشاركون القدرات الوطنية للمياه في حدود 18 مليار متر مكعب سنويا بحصة 420 متر مكعب للفرد الواحد سنويا، في حين تبلغ شبكة المياه 138 ألف كلومتر طولي بمتوسط 180 لتر للمواطن يوميا.
وقدم البروفسور، أحمد كتاب الخبير الدولي في قضايا الأمن المائي ورهاناته الاستراتيجية، صورة قاتمة عن وضعية المياه في الجزائر والتهديدات التي تلوح في الأفق، في ظل مؤشرات بإمكانية تراجع حصة الفرد من هذا المورد الحيوي إلى نحو 200 متر مكعب سنويا فقط في آفاق سنة 2050 واحتمال نضوبه سنة 2100، مرجعا أسباب ذلك إلى عدة عوامل، منها نسبة النمو الديمغرافي التي بلغت 3,19 %، بمعدل مليون مولود سنويا والتبذير وعدم استغلال كل الموارد المتاحة والاستغلال المفرط للمياه بما فيها الجوفية في قطاع الفلاحة بنسبة 70% و23% في قطاع الصناعة و8 بالمئة للاستهلاك المنزلي.
واقترح، أحمد كتاب لمواجهة هذه الإشكالية، حزمة إجراءات مستعجلة، تبدأ بوضع استراتيجية مشتركة لمواجهة مشكلة الجفاف، من خلال تشكيل لجنة قطاعية للخروج بتصور عام وضبطه بقانون يكون أداة إجرائية تطبق في كل مجالات استخدام هذه المورد الحيوي.
وتمحورت أهم تصوراته التي قدمها لمعالجة إشكالية تراجع الموارد المائية في ظل تزايد الطلب، وفي إطار محاربة التبذير بمراجعة الدولة لنسبة الدعم الموجه لقطاع المياه والمقدرة بنحو 70% من كلفته الحقيقية، مشيرا أن السعر الحالي للمتر مكعب من المياه، محدد بـ5,8 دينار للمتر المكعب والذي لم يتم تحيينه منذ سنة 2005، موضحا أنه لو تمت مراجعته بالتدرج لوصل الآن إلى حدود 25 دينارا للمتر المكعب.
كما أوصى الخبير الدولي ببناء مزيد من السدود لتجميع كل مياه الأمطار، بالإضافة إلى رفع منسوب استغلال مياه البحر إلى نحو 33% للوصول إلى تحلية 2 مليار متر مكعب سنويا، واستعمال المياه مستعملة في الري الفلاحي إلى جانب استغلال المخزون المائي من المياه الجوفية في الصحراء والمقدر بـ60 ألف مليار سنويا ضمن مخزون من شأنه سد الاحتياجات الوطنية على المدى البعيد.
كما أوصى الخبير، أحمد كتاب بضرورة القيام بحملة تحسيس وطنية ضد التبذير يشارك فيها الإعلام وجمعيات المجتمع المدني، من أجل ترشيد استعمالات الماء وتفادي تضييعه دون منفعة.