"المساء" تستطلع واقع ندرة الماء في العاصمة

الأزمة تلهب أسعار الصهاريج والمضخات

الأزمة تلهب أسعار الصهاريج والمضخات
  • 1211
 رشيد كعبوب رشيد كعبوب

انتعشت خلال هذه الصائفة، تجارة الصهاريج البلاستيكية المخصصة لتخزين المياه، وكذا المضخات المنزلية، على خلفية النقص الحاد في مخزون المياه الصالحة للشرب، وإعلان شركة "سيال" عن تراجع كمية الماء الموزع، على خلفية انخفاض منسوب السدود بشكل كبير، مما حتم إعادة النظر في برنامج توزيع هذه المادة الحيوية، التي يتزايد عليها الطلب في هذه الفترة من السنة.

حسب المواطنين الذين تحدثنا إليهم بالعاصمة عن هذا النقص الحاصل، فقد أكدوا أنهم بعد أن طلقوا هذا المشكل منذ سنوات ليست بالقليلة، هاهو المشكل يعود من جديد، ليمس كافة التراب الوطني، بدرجات متفاوتة، ومنها العاصمة التي رغم تنوع مصادر تزويدها بالمياه السطحية والجوفية والمحلاة، إلا أن ذلك لم يعد كافيا، في ظل حجم الاستهلاك المتزايد من طرف السكان.

انتهت أيام الاكتفاء.. "نوض تعمر جا الما"

دفع هذا النقص إلى اتخاذ السلطات العمومية، قرارا يقضي بترشيد استهلاك هذه المادة الحيوية، عن طريق تحديد رزنامة جديدة للتوزيع، وتخفيض حجم استهلاك الماء من طرف محطات غسل المركبات، في محاولة لاقتصاد هذه المادة، التي لا يمكن الاستغناء عنها، لاسيما في هذا الفصل الحار.

قال في هذا الصدد المواطن "رابح .غ" من حي جنان السفاري ببئر خادم، إنه بعد سنوات من الراحة وتوديع وضعية تخزين الماء في المنازل، ها هي الأزمة تعود من جديد، ليضطر المواطن إلى اقتناء ما هو متاح من أدنان وبراميل وخزانات، إلى درجة أن استرجع فيها المواطن تلك السنوات العجاف التي كانت فيها العاصمة تواجه مشكلا كبيرا في التزود بالماء، ليتم بعدها حل هذا المشكل نهائيات، وصار السكان ينعمون بوفرة هذا المورد على مدار الساعة.

أما "علي. ك" من الكاليتوس، فعلق على الوضعية بكونها تعيد إلى الأذهان تلك الأغنية "جا الماء نوض تعمر"، التي كان يرددها الفنان الفكاهي صالح أوقروت، التي راجت منذ سنوات، وكانت تدعو المواطن إلى الإسراع في ملء البراميل والأدنان، وحتى الأوعية الصغيرة لمواجهة جفاف الحنفيات، وتخفيف متاعب البحث عن قطرة ماء خارج المنزل. أكدت لنا إحدى ربات البيوت بباب الزوار، التي دفعت زوجها إلى اقتناء صهريج بسعة 1000 لتر، أن ندرة الماء صارت مشكلة حقيقية للنسوة، اللواتي يتجرعن معاناة تسيير أمورهن في ظل هذه الوضعية، خاصة بالنسبة للأسر الكبيرة، التي تكون مضطرة إلى اقتناء أوعية ذات حجم كبير لتفادي انقطاع الماء في البيت.

أصحاب محطات غسل السيارات غير مرتاحين

أما أصحاب محطات غسل المركبات، فقد استاؤوا أيضا من هذه الوضعية التي ضربت مداخيلهم في الصميم، حسب ما أكده لنا "حكيم. د"، صاحب محطة لغسل السيارات بجسر قسنطينة، الذي ذكر لنا أن هذه الأزمة، التي طالت خدمات تنظيف المركبات، أثرت على مداخيل أصحابها، حيث أن قرار تخفيض أوقات العمل إلى النصف، خفض الأرباح إلى النصف أيضا، فالمحطة التي كانت تعمل إلى غاية الثامنة مساء، صارت ملزمة بغلق أبوابها على الساعة الثانية، تطبيقا لقرار السلطات العمومية، مشيرا إلى أنه يخشى أن يتم مستقبلا توقيف هذا النشاط الخدماتي نهائيا إذا استمر هذا النقص، مما سيكبد المهنيين خسائر، مثلما كبدها فيروس "كوفيد 19" للتجار من قبل.

اللجوء إلى الخزانات حل وعبء في آن واحد

يعترف من تحدثنا إليهم من المواطنين ببلديات العاصمة، أنه بقدر ما وجدوا الحل في اقتناء الخزانات والمضخات وملحقاتها، لمواجهة ندرة المياه، بقدر ما ازدادت الأعباء على العائلات، خاصة محدودة الدخل، أما تلك المعوزة، فإنها ستكون محظوظة إذا ظفرت ببراميل وأدنان صغيرة، بسعة 30 أو 70 لترا، التي لا ينزل سعر الأولى عن 450 دج، وتتجاوز الثانية الألف دينار.

بخصوص سعر الخزان، ارتفع في المتوسط من 5 آلاف إلى 10 آلاف دينار في ظرف وجيز، حسب أحد التجار الذي أوضح أن سعر صهريج بسعة 300 لتر، يتوفر على سُمك ثلاث طبقات بلغ 9500 دج، وأن صهريجا بسعة 500 لتر يباع بأكثر من 11 ألف دج، أما سعر خزان مياه بسعة 800 لتر، فيصل إلى 14 ألف دج، في حين يقدر سعر خزان ذي سعة 1000 لتر بـ 15 ألف دج. يتراوح السعر الإجمالي لاقتناء خزان ومضخة وجميع اللوازم الضرورية بين 30 و50 ألف دج، علما أن سعة الصهريج وقوة المضخة هي التي تحدد السعر النهائي، يضاف إلى هذا أجرة اليد العاملة التي تتراوح بدورها بين 6 آلاف و15 ألف دج.

رب ضارة نافعة..

وجد تجار بيع الخردوات ومواد البناء فرصة في تحقيق أرباح إضافية، في ظل إقبال المواطنين على اقتناء ما يلزمهم من خزانات وبراميل بلاستيكية وأدنان بمختلف الأحجام، لمواجهة أزمة ندرة الماء، التي صارت هاجسا كبيرا، في الأيام الأخيرة، وقد لاحظنا في العديد من النقاط بالعاصمة، وجود هذه السلعة التي راجت بشكل كبير، ودفعت بشركات صناعة الصهاريج البلاستيكية إلى مضاعفة إنتاجها، وتعرض صهاريجها على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما عمد العديد من الوسطاء عبر "النت" إلى ترويج هذه السلع، وعرضها بأسعار تنافسية، وأخرى يساوي سعرها ما هو معروض في محلات بيع التجزئة، وثالثة تزيد عن ذلك. ولما سألنا أحد الباعة على موقع الفايسبوك عن سلعه المعروضة، أكد لنا أن كل الأحجام موجودة وبأسعار متفاوتة، فصهريج 500 لتر ذي سُمك 3 طبقات يعادل 12500 دج، و7 طبقات بـ 13500 دج، أما صهريج 800 لتر بطبقتين فسعره 12500 دج، و3 طبقات بـ 14000 دج، فيما قدر سعر صهريج خشن بـ 7 طبقات بـ 15000 دج، وهي أسعار تنافسية، لاسيما أن التوصيل مجاني في العاصمة.

صور الصهاريج ديكور جديد بالشرفات والأسطح

يلاحظ أن الإقبال على اقتناء الصهاريج البلاستيكية والمعدنية، أخذ حيزا من الشرفات والأسطح، حيث تزينت العديد من العمارات بهذه الحاويات، وزادت في تضييق المساحات الموجودة في المساكن، خاصة بشرفات العمارات، حيث عمد البعض إلى اقتناء صهاريج أسطوانية توضع بشكل عمودي، يتراوح قطرها بين 60 و75 سنتمترا، وارتفاع يزيد عن المترين، ومن أكثر من لجأ إلى هذا الحل شاغلو السكنات الاجتماعية، التي يمنع قانون ديوان الترقية والتسيير العقاري وضعها على الأسطح، أما أصحاب السكنات الفردية، فيختارون الصهاريج الموضوعة بشكل أفقي، وينصبونها على أسطح بناياتهم للتخلص من متاعب جلب هذه المادة الحيوية.