المركز الجزائري للسينما يحتفي بالراحل إقربوشن
مسار عالمي بوجدان جزائريّ
- 851
نظم المركز الجزائري للسينما من 23 إلى 26 أوت الجاري، تظاهرة سينمائية ضمن برنامجه الافتراضي، خُصصت لتكريم الفنان العالمي الراحل محمد إقربوشن، الذي ترك تراثا موسيقيا وسينمائيا زاخرا امتد لعقود. كما ساهم في إثراء الأغنية الجزائرية بتقديمه الكثير من الروائع.
يأتي تكريم الراحل إقربوشن على اعتبار أنه أول ملحن جزائري للموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الأفلام، وهو الذي ولد في 13 نوفمبر 1907 بآيت أوشان بأغريب بمنطقة أزفون وتوفي في 23 أوت 1966 بحيدرة بالعاصمة، وهكذا تمر 55 سنة على رحيله، ليبقى، بحق ـ حسب منظمي هذه الفعالية ـ "موزار الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية". وتكوّن الراحل في أوروبا وخاصة بفرنسا وبريطانيا.
وقد ركزت هذه التظاهرة الافتراضية على عرض مساره السينمائي؛ حيث عرضت مشاركاته في العديد من الأفلام إبان الفترة الاستعمارية، وفيها انسحب نوعا ما عن الموسيقى الكلاسيكية، ليلتحق بالفن السابع، ويخصص له جهده. وشارك الراحل بموسيقاه في العديد من الأفلام الوثائقية، منها "عزيزة" و«دزاير" للمخرج الفرنسي جوليان دوفيغي، هذا الأخير الذي اقترح عليه المشاركة في الفيلم الشهير "بي بي لوميكو" بمشاركة البطلين جون قابان وفانسون سكوتو. هذا الفيلم كان منعرجا هاما في حياة إقربوشن الفنية كملحن سينمائي. كما شارك سنة 1937 في فيلم "الأرض المثالية" بتونس. وبعدها بسنة واحدة التقى في باريس بالفنان سليم هلالي، وهو مطرب من منطقة عنابة، ألف له إقربوشن 50 أغنية في نوع الفلامينكو العربي، ليتلوه مسار آخر مع الأغنية القبائلية حيث قدم 20 أغنية.
وفي سنة 1938 لحن موسيقى فيلم "الجزائر العاصمة" مع فانسون سكوتو، وغيرها من الأعمال الناجحة. كما بثت إذاعة "بي بي سي" بعض أعماله الكلاسيكية ابتداء من سنة 1939. وفي سنة 1940 تولى الراحل الإدارة الموسيقية بـ "باري مونديال". ولحن 20 فيلما قصيرا، وابتداء من سنة 1945 لحن مئات الأعمال لكبار الشعراء، منها "ألف ليلة". وفي 1952 وقع موسيقى فيلم "قلب القصبة" لبيار كاردينال. للتذكير، فإن عائلة إقربوشن انتقلت إلى العاصمة سنة 1870 وتابع دراسته الابتدائية بالقصبة بمدرسة سيدي محمد الشريف. كان ميله للموسيقى منذ سن مبكرة. وكان محمد إقربوشن ذلك الفتى الذي أثار اهتمام الإنجليز، وهو في عمر الزهر. استضافته أهم العواصم وأشهر المؤسسات السينماتوغرافية العالمية وهو صاحب 590 مؤلفة موسيقية، إنه ابن جبال جرجرة؛ حيث كان مولعا بالناي منذ نعومة أظافره.
اكتشفه الكونت روث أحد النبلاء الإنجليز سنة 1919، الذي كان صاحب ورشة مجاورة لمنزل أسرة إقربوشن بالقصبة، فسافر معه إلى إنجلترا، ليباشر دراساته في التلحين ببريطانيا، وقرر روث دفعه نحو المجد، فقاده إلى فيينا بالنمسا؛ حيث تعمّق في التلحين مع الأستاذ ألفريد غرنفيلد، لتتحول حياة هذا القروي الصغير ويصبح يلقب بالمايسترو. كما أتقن عدة لغات؛ منها الإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والإسبانية، والفرنسية، والعربية، والأمازيغية وغيرها من اللغات. وأعد حصصا إذاعية بالعربية والأمازيغية في الإذاعة الجزائرية، وكانت مواقفه الوطنية مشرفة.