مهتمون بقطاع السياحة يطالبون من بومرداس:
إخراج دواوين السياحة من البلديات لتجسيد أهدافها
- 654
دعا مهتمون بالقطاع السياحي بولاية بومرداس، إلى إخراج دواوين السياحة والصناعة التقليدية المتواجدة بالبلديات، وجعلها مستقلة وذات فعالية تجارية بالشكل الذي يعود فيه بالنفع على الاقتصاد. ولفتوا في هذا الشأن، إلى أن هذه الدواوين تحولت على مدار عقدين من الزمن، إلى مجرد إدارة جامدة في ظل غياب روح المبادرة، ما أثر بشكل كبير، على تجسيد الأهداف التي وُجدت من أجلها. كما دعوا إلى ترقية السياحة الثقافية والدينية بالنظر إلى المعالم الكثيرة التي تزخر بها الولاية والوطن عموما، حتى يكون قطاعا رائدا في تحريك عجلة التنمية.
أكد الباحث في الآثار بولاية بومرداس رابح بلعباس، أن الوقت حان لإعادة البريق المفقود للعديد من المواقع الثقافية والدينية بالولاية، التي تكاد تندثر، بل تكاد تكون غير معروفة بسبب الإهمال الذي طالها. وعدّد في هذا الشأن في حديث إلى “المساء” على هامش ندوة فكرية حول السياحة الثقافية والدينية نُظمت أول أمس بالمركز الثقافي الإسلامي بمدينة بومرداس بمناسبة إحياء اليوم الوطني للسياحة، بعض ، التي من شأنها أن تكون عامل جذب سياحي بامتياز، ولكنها بقيت مهملة منذ سنوات، ومنها صومعة الأمير فرموس ابن الملك نوبل، اللذين حكما المنطقة، والجزائر عامة أواخر العهد الروماني بشمال إفريقيا، حيث اتخذا من أعالي جبال ثيزي ناث (بلدية الثنية حاليا)، قمة الصومعة مقرا لمملكتهما. وأشار السيد بلعباس إلى زاوية العلاّمة سيدي علي بن احمد بن محمد البومرداسي، الذي سميت الولاية باسمه، والكائنة بالمكان المسمى “قبة العرب” بحوش بروك ببلدية بومرداس، وكذا زاوية تيمزريت المسماة باللغة الأمازيغية “تمعمّرث”، وكذا زاوية “شيخ الوناس” بسيدي علي بوناب (على الحدود الشرقية بين ولايتي بومرداس وتيزي وزو)، إضافة إلى أزيد من 20 زاوية مترامية بكل الولاية، تحتاج إلى نفض الغبار عنها حتى تكون منارة للعلم، ومزارا سياحيا، مثلما تم ذلك بالنسبة لزاوية سيدي أعمر بن شريف الكائنة بأعالي جبال بلدية سيدي داود، والتي عرفت مؤخرا، أشغال إعادة تهيئة، بما يؤهلها لاستقطاب الطلبة والدارسين؛ لكونها منارة دينية وفكرية وسياحية بكل المنطقة. ولفت محدثنا إلى دور الجماعات المحلية في الحفاظ على هذه المعالم؛ تشجيعا للسياحة، بما يساهم في در مداخيل للاقتصاد المحلي، مؤكدا في هذا السياق، أنه يكفي على “الأميار” تطبيق جملة المراسيم الوزارية والقوانين والأوامر الصادرة في هذا الشأن، لحماية هذه الأماكن والمواقع الأثرية، مع تسهيل حركة التنقل إليها، مبديا أسفه لكون الاهتمام بالشأن السياحي في مجتمعنا، يقتصر، عموما، على الموسم الصيفي، وفتح المسالك للشواطئ لا غير، في الوقت الذي أُهملت السياحة الجبلية، والثقافية والدينية التي تزخر بها ولاية بومرداس والوطن ككل، بما يسمح لتكون رافدا مهمّا للاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، أضاف السعيد إكبيبوش، وهو مرشد سياحي من بلدية برج منايل، أن إخراج دواوين السياحة والصناعة التقليدية من ضيق الإدارة إلى عالم التجارة، كفيل بجعل هذا القطاع مدرا فعليا للأرباح على الاقتصاد المحلي، موضحا في هذا الشأن، أن إعطاء الطابع التجاري على هذه الدواوين مع جعلها مستقلة عن الإدارة كلية، يسمح لها بإحداث المنافسة؛ إذ تكون بمثابة التاجر الذي يبحث عن طرح وترويج منتوجه في السوق؛ بمعنى “إخراج السياحة من المكاتب” ـ على حد تعبيره ـ إلى عالم التجارة، مع فتح المجال أمام الممتهنين في هذا الحقل، للتكوين والرسكلة في مجال التسويق، والمناجمنت، للنجاح في مسار ترقية المنتوج السياحي، وهو نفس ما ذهب إليه الحرفي في صناعة التحف الفنية ناجم يوسف من ولاية عين الدفلى، الذي شارك في فعاليات معرض الصناعة التقليدية الذي اختُتم مؤخرا بالواجهة البحرية لمدينة بومرداس، والذي تساءل عن مردود ونتائج دواوين السياحة والصناعة التقليدية خلال عشرين سنة من الوجود، على مستوى البلديات عبر الوطن! حيث اعتبر هذه المصالح عبارة عن هياكل بدون روح؛ لم تقدّم ـ حسبه ـ أي شيء للسياحة والصناعة التقليدية على المستوى المحلي، من خلال العمل على ترقية الأنشطة السياحية على مستوى البلدية، إضافة إلى تنظيم زيارات أو مسارات سياحية تهدف إلى التعرف على المواقع والمرافق السياحية بكل أنواعها بإقليم البلدية، ناهيك عن المساهمة في حماية وحفظ المواقع السياحية والتراث التاريخي والطبيعي، والمساهمة في التعريف بالقيم الأصيلة للتقاليد والفولكلور والحفاظ عليها”. وأضاف المتحدث أنه لم يسجل منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، أي مجهود بُذل في هذا المجال.. فهذه الدوواين مجرد هياكل جامدة رغم الأهداف الجليلة التي أنشئت من أجلها”، مضيفا أن هذا الأمر يجعلنا نطالب من خلاله، الجهات الوصية، بإعادة النظر في هذه الدواوين، أو السماح، على الصعيد المحلي، بإنشاء دواوين أخرى تحت مسميات جديدة، تسمح للشباب والجمعيات المهتمة بالسياحة والثقافة والصناعة التقليدية، بأن ينشطوا في هذا المجال لإحداث تنافس يسمح بإخراج الإدارة من سباتها، يضيف محدثنا، أو فرض على الدواوين المحلية الكائنة على مستوى البلديات، إعادة فتح جمعية عامة ثانية، تسمح للشباب والحرفيين بالولوج إليها؛ بهدف إعطاء نفَس جديد لها، وبالتالي تنشطيها بما يمكن لقطاع السياحة والصناعة التقليدية، أن تكون قاطرة فعلية للاقتصاد الوطني، وبالتالي الخروج من التبعية للمحروقات، مثلما يروَّج له على أعلى المستويات..