الإعلاميون الجزائريون يحيون اليوم الوطني للصحافة
الإعلام الحرّ والمسؤول.. وسيلة للتغيير وحصانة للأمن
![الإعلام الحرّ والمسؤول.. وسيلة للتغيير وحصانة للأمن](/dz/media/k2/items/cache/48a3fb0ee2ecfc7ea7251ecd413b521d_XL.jpg?t=20211023_175405)
- 1190
![س س](/dz/components/com_k2/images/placeholder/user.png)
❊ تضحيات ومكاسب تستحق التقدير..وسقطات وثغرات تتطلب الإصلاح
أحيى، أمس الجمعة، مهنيو قطاع الإعلام، اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ22 أكتوبر من كل سنة، ويقف رجال الصحافة في هذا اليوم ليستذكروا ويتذكروا مهنة المتاعب والمصاعب وما حققته من مكاسب وعثرات حالت دون الوصول إلى ما تتطلع إليه ما يسميها البعض السلطة الرابعة ويصفها آخرون بصاحبة الجلالة. ولا يختلف أبناء المهنة، في أن الإعلام لم يغب ولم يتغيب يومًا عن مواكبة كل تطورات البلد منذ حرب التحرير الوطني إلى مرحلة البناء والتشييد، فالجزائر الجديدة وما حفلت به من تحولات في كل المجالات. لكن مهنة الصحافة اليوم، وبحسب مهنييها تريد مزيدا من البذل والعطاء من أجل الارتقاء بها وتطويرها لاسيما الأوضاع السوسيومهنية للصحفيين التي أصبحت لا تستجيب لمتطلبات العمل والبقاء فيها، وما النزيف الذي تشهده الكثير من المؤسسات الإعلامية الخاصة دليل واضح على تراجع أدوار السلطة الرابعة.
أدوار مستمرة منذ ثورة التحرير
في هذا الشأن، يقول الإعلامي المخضرم، محمد بوعزارة، إنّ الصحافة الجزائرية إبان ثورة التحرير الوطنية قدمت خدمات جليلة رغم بساطة وسائلها، إلاّ أنها أدّت دورها كاملاً، انطلاقًا من بيان أول نوفمبر والمناشير التي كانت تنشر وتوزع إلى جريدة المقاومة التي تأسّست في 22 أكتوبر 1955 ثم جريدة المجاهد التي انطلقت عاما بعد ذلك وكانت لهما مساهمات كبيرة، بالإضافة إلى إذاعة الثورة التي انطلق بثها في 1956، وتعززت بعد ذلك بثها في 1959 عبر 15 إذاعة عربية ودولية ساهمت في نقل صوت الثورة الجزائرية عبر العالم، كل ذلك لم يستطع اعلام فرنسا الاستعمارية مواجهته بالرغم من حجم الانفاق الذي قدر آنذاك بمليار و500 مليون فرنك فرنسي يوميًا أي 7500 مليار طيلة سبع سنوات في حربها الدعائية ضد الجزائر، لكن انتصرت الجزائر وانتصر الإعلام الجزائري الذي كان قائمًا على المصداقية وعلى إيصال الرسالة الجزائرية النبيلة من أجل استعادة الاستقلال والحرية.
وبعد نيل الاستقلال -يضيف بوعزارة- أخذت كوكبة من المجاهدين والثوريين على عاتقها إعادة التأسيس لمهنة الإعلام في الجزائر وهم الذين كانوا في إذاعة الثورة ومختلف الإذاعات الأخرى، ومنهم من كانوا يشكلون خلية جبهة التحرير الوطني داخل التلفزيون والإذاعة الفرنسية نفسها، وعلى رأسهم رئيس الخلية الراحل، إسماعيل مدني، إلى جانب 28 فردا، ويروي بوعزارة العمل البطولي الذي قام به الإعلاميون المجاهدون الخمسة ومهمّة تأميم مؤسستي الإذاعة والتلفزيون وهم: عبد العزيز شكيري، عبد القادر نور، عيسى مسعودي، ورشيد النجار، لما أنزل عبد العزيز شكيري العلم الفرنسي ورفع العلم الوطني في غرّة 28 أكتوبر 1962، مما جعل الرئيس الراحل أحمد بن بلة يسارع إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون ويعلن عن استرداد السيادة عليهما، مبديًا إعجابه بهذا العمل الثوري والبطولي، حيث قال: "يا سي عبد العزيز ألم تخف أن يطلقوا عليك الرصاص؟!"، ولم يرض هؤلاء الإعلاميون الأبطال أن يحل أول نوفمبر ولا تكتمل الفرحة ولاتزال مؤسسة الإذاعة والتلفزيون تحت سيطرة المستعمر.
وفي مرحلة البناء والتشييد، أخذ الإعلام الجزائري على عاتقه مسؤوليات لعب أدوار كبيرة بالنظر إلى نسبة الأمية المرتفعة وعودة اللاجئين الجزائريين، وقد تمّ استحداث عدّة جرائد تقدمتها يوميتا الشعب والمجاهد، ثمّ النصر في قسنطينة وجريدة الجمهورية بوهران لاحقًا إلى جانب الإذاعة الوطنية والدور المحوري الذي لعبته في إبلاغ الأهداف والمقاصد لبناء جزائر مستقلة قوية ومزدهرة.
ضرورة تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية
وبخصوص تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للصحفيين، نوّه بوعزارة بأن هذا العمل ظلّ مطلبًا متواصلاً من أيام اتحاد الصحفيين الجزائريين مطلع الثمانينات لإيصال صوت مهنيي القطاع إلى الهيئات الوصية، فالصحفي الجزائري –يضيف بوعزارة- لا يقلّ شأنًا ومهنية وإبداعًا من نظرائه في البلدان الأخرى، ولدينا أمثلة وأسماء كثيرة أثبتت وجودها وتواجدها في العالم، فالصحفي الجزائري لا يستحق سوى التكفل والاهتمام اللازمين ليثبت جدارته.
قانون الإعلام الجديد كفيل بتطهير المنظومة
يرى مدير جريدة الحوار، محمد يعقوبي، أنّ التجربة الإعلامية الجزائرية التي يزيد عمرها عن الربع قرن عاشت ولا تزال تعيش الكثير من الانتصارات والمكاسب والموجات الإيجابية، في المقابل أيضًا عرفت التجربة الكثير من الاخفاقات والاختلالات التي يجب تصحيحها، فإذا تحدثنا عن الصحافة المكتوبة –يقول يعقوبي- لا يمكن لأحد أن ينكر أنّ التجربة المكتوبة كانت رائدة منذ بدايتها في إقرار التعددية الإعلامية مطلع التسعينيات في كفاحها، ومع تراكم السنوات شهدت حصادًا إعلاميًا محترفًا يضرب به المثل داخل وخارج الوطن. وتأسف يعقوبي إزاء واقع الصحافة المكتوبة في السنوات الأخيرة وما تعيشه من فوضى واقتحام من سماهم "الطفيليون"، بجانب "سيطرة أصحاب المال الفاسد والنفوذ السياسي"، وهؤلاء سعوا لتصنيع كل الخرائط ومنها الخريطة الإعلامية وبالطبع تمّ تهميش الكثير من الكفاءات الصحفية والكثير من المهنيين.
وقال يعقوبي إنّ الصحافة المكتوبة بها ما يربو عن 180 عنوانًا، لكن السؤال المطروح بحسبه: "هل كل هذه العناوين هي صحف؟ وهل كل هذه الجرائد قائمة على معايير المهنة وتخدم الصالح العام ؟"، ويجيب بيقين: "طبعا لا!، هناك بالفعل صحف وطنية محترمة وتحترم معايير المهنية وتشغّل العشرات من الصحفيين وتدفع ما عليها من حقوق، في المقابل توجد نشريات تشغّل عددًا قليلاً من الصحفيين لا يأخذون مستحقاتهم، محتوياتها من الانترنيت، ومبتغاها اللهث وراء ريع الاشهار كما اعتادوا على ذلك في العهد الماضي". وقال يعقوبي: "هذا الوضع يجري الآن العمل على تصحيحه، فهناك وعي كبير من طرف الدولة والوصاية بهذه الاختلالات الموروثة عن العهد الماضي، ويجري تصحيحها بالطرق القانونية، فالبلاد تخرج من فوضى قبل الحراك في جزائر جديدة ذاهبة في شكل تدريجي نحو اصلاح الأوضاع في كل المجالات ومنها قطاع الإعلام".
وفيما يخص قطاع السمعي البصري، يرى مدير جريدة الحوار أنّ "التجربة لم تقم على أسس صحيحة وقانونية، فالمشهد كان يضم حوالي 60 قناة بمحتويات جزائرية لكن تبثّ من الخارج، وبالتالي حقوق البث تدفع نحو الخارج ومعه يهرّب المال بطرق غير شرعية، ما فتح الباب أمام رجال المال الفاسد في تأسيس الكثير من القنوات بهدف تبييض الأموال وخدمة الأجندات الخاصة، لكن أين هذه القنوات؟...معظمها آلت إلى الإفلاس، واختفى الكثير منها، والمئات من الصحفيين الذين كانوا يشتغلون بها هم الآن في بطالة مجحفة، مؤكّدًا أنّ قانون السمعي البصري الموجود على طاولة الحكومة، سيعمل على تصحيح واستدراك الوضع لافتتاح عهد جديد بقاعدة قانونية صلبة تسمح بتأسيس قنوات جزائرية مئة بالمئة في محتوياتها وفي الكوادر المشرفة عليها، بحيث تكون قادرة على لعب أدوار إيجابية في خدمة البلاد، مؤكّدًا أنّ هناك المئات من الصحفيين وعلى قدر كبير من الكفاءة، مستعدون لخوض هذه التجربة مجددًا من خلال بعث تجربة سمعية بصرية أخرى على أسس أكثر نضجًا ومهنية".
وبخصوص الصحافة الإلكترونية، قال يعقوبي إنّ المؤكد هو أنّ الورقية في طريقها إلى التلاشي لصالح الصحافة الإلكترونية التي تتكاثر بشكل سريع جدًا، وأشار إلى بروز المئات من المواقع استطاعت استيعاب مئات الشباب الجزائريين من خريجي الجامعات والكفاءات الشابة التي تريد تحقيق أحلامها في الصحافة وتثبت ذاتها في هذا المجال، مؤكّدًا أنّ المواقع الالكترونية بما فيها من شباب لا يمكن الخوف منها ولا الخوف عليها، وهي في حاجة فقط للتأطير والدعم، وتابع: "رأينا في الأيام الماضية الحملات العدائية التي تعرضت لها الجزائر من الجار المغربي وفرنسا، وكيف كانت المواقع الالكترونية في الصف الأول دفاعًا عن بلادنا دون حتى أن تكلف بذلك ودون دعم يذكر، مما يجعلنا ننتبه إلى أنّ هذه التجربة في حاجة إلى احتضان وتأطير ودعم، حتى تقوم بدورها كما ينبغي وتساهم في إعادة المهنة إلى حقيقتها.
الإعلام الرقمي تجربة تحتاج إلى دعم
من جانبه، قال مدير موقع "سبق برس"، محمد رابح، إن اليوم هناك التزامات على عاتق المهنيين في قطاع الإعلام من أجل الوفاء بكل الواجبات المهنية وتقديم خدمة إعلامية احترافية، مقابل ذلك يُنتظر من الجهات الوصية ضبط الترسانة القانونية التي تأخرت، ويُنتظر تداركها من خلال قانون الإعلام الذي سيناقش ويصادق عليه في البرلمان".
ودعا رابح، إلى ضرورة الالتفات والاهتمام بالإعلام الرقمي، الذي قال إننا تأخرنا كثيرا في تأطيره وتنظيمه مطالًبا بضبط أطر المنافسة على الاعلانات والتمويلات الشفافة، وهي الأسباب وراء تأخر بناء ترسانة اعلامية رقمية مثل نظيراتها في الدول الأخرى التي تستفيد اليوم منها ومن خدماتها الاعلامية الكبيرة، كما طالب رابح بجعل قانون الإعلام الجديد في خدمة المهنة والمهنيين، والإسراع في تنصيب مجلس وطني للإعلام أو سلطة ضبط تكون حكمًا بين المهنيين وقانون للإشهار يفتح باب المنافسة أمام المواقع الإلكترونية على الإعلانات العمومية وفق معايير شفافة، وهذا وحده –يضيف المتحدث- ما سيمكّن من فرز الاعلام الوطني الحقيقي وغيره، على نحو سيجعل الجزائر تستفيد من بناء منصات اعلامية تخدم الوطن والمواطنين، وتكون حصنًا منيعًا يصدّ كل محاولات النيل من الجزائر.
س. س
الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين: ضرورة مواجهة حملات التكالب ضد الجزائر
طالب الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، أول أمس، بالإسراع في تجسيد ورشات إصلاح قطاع الاتصال لضبط الممارسة الإعلامية بإطار قانوني، من شأنه "مواجهة الحملات الإعلامية الرامية إلى زرع الفتنة وضرب الوحدة الوطنية والمساس بمؤسسات الدولة". وفي بيان له بمناسبة اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ22 أكتوبر من كل سنة، أوضح الاتحاد أن "الإعلام الوطني اليوم يجب أن يكون صمام أمان وطننا الحبيب ودرعا حصينا أمام كل أشكال التآمر عليه، وهو ما يستدعي تقويته ودعمه ومعالجة كل مشاكله ليتأتى له لعب هذا الدور الذي يرقى إلى مستوى الواجب الوطني بكل احترافية ومهنية".
كما دعا المؤسسات الإعلامية وكل المنتسبين إلى الحقل الإعلامي إلى "الرد بكل قوة على حملات التكالب على الجزائر، لاسيما ما تعلق بتصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وذلك بإبراز التاريخ العريق والمتجذر للأمة الجزائرية وثرائها الحضاري والثقافي، من خلال الحقائق والمعلومات الموثقة باستضافة المختصين، مع توخي الحيطة والحذر في التعامل مع الأخبار المغلوطة والكاذبة المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي". وشدد الاتحاد على "ضرورة إيلاء أهمية أكبر لملف التكوين بكل أشكاله والصرامة في تطبيق القانون الذي ينص على تخصيص المؤسسات 2 بالمائة من كتلة الأجور للتكوين وتوفير الدعم اللازم من الوزارة الوصية في هذا الشأن"، داعيا كل الصحفيين والعاملين في الحقل الإعلامي إلى "توحيد جهودهم والوقوف وقفة رجل واحد في وجه كل محاولات المساس بمهنتنا النبيلة".
ب. ب
مجلس الأمة يهنئ أسرة الإعلام.. تعزيز حرية التعبير والصحافة ودعم مناعتنا المجتمعية
تقدم مجلس الأمة، عشية إحياء اليوم الوطني للصحافة، بتهانيه إلى منتسبي أسرة الإعلام، متمنيا لهم مزيدا من التألق في أداء مهامهم النبيلة بما يعزز حرية التعبير في الجزائر.
وجاء في بيان للمجلس، تسلمت "المساء" نسخة منه، أنه بمناسبة اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ22 أكتوبر من كل سنة، أعرب مكتب مجلس الأمة برئاسة صالح قوجيل، رئيس المجلس، عن "تمنياته للصحفيين والإعلاميين بالمزيد من التألق والنجاح الدائم في أداء مهامهم النبيلة بما يعزز حرية التعبير والرأي والصحافة في بلادنا ويدعم مناعتنا المجتمعية والمؤسساتية ويكرس التعبير المسؤول في جميع تجلياته في خدمة الجزائر الجديدة التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون".
وبعد أن توجّه بـ"أصدق وأخلص التهاني" إلى أسرة الصحافة والإعلام، بكل أصنافها، لم يفوت مكتب مجلس الأمة المناسبة للانحناء أمام أرواح شهداء المهنة.
أ. أ