الخطوات التي قامت بها للرد عن الاستفزازات سيادية.. لعمامرة:
الجزائر لا تقبل التدخل في شؤونها من أي طرف كان

- 865

❊ الجزائر لا تمارس دبلوماسية مكبر الصوت بل تستغل الدبلوماسية المفتوحة لتسجيل مواقفها بشفافية ووضوح
❊ المغرب يتعمد الافتراءات الكاذبة فيما يتعلق بسياسة الجزائر في المنطقة
❊ الجزائر تجري دائما مشاورات جدية وجادة مع روسيا
أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، السيد رمطان لعمامرة، أن الجزائر لا تقبل التدخل في شؤونها من أي طرف كان، خاصة عندما يتعلق الأمر بسلطات الدولة الاستعمارية السابقة. وقال لعمامرة، في حوار مع قناة "روسيا اليوم" بث مساء أول أمس السبت، "الجزائر لا تمارس دبلوماسية مكبر الصوت، بل تعمل بهدوء، وتستغل القنوات الدبلوماسية المفتوحة، وتسجل مواقفها بكل شفافية ووضوح، عندما يتعلق الأمر بأمور تمس بسيادتها الوطنية، وبمصالحها العليا"، مشددا في ذات السياق على أن "الجزائر لا ترضى ولا تقبل أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي طرف كان، وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بسلطات الدولة الاستعمارية السابقة"، في إشارة إلى تصريحات السلطات العليا الفرنسية التي "تمس بالسيادة الوطنية وبالمصالح العليا للجزائر".
ولفت الوزير إلى أن "الجزائر اتخذت إجراءات ملموسة، للتعبير عن عدم رضاها للتدخل في شؤونها الداخلية، من خلال استدعاء سفيرها للمشاورات، وبادرت باتخاذ قرار سيادي يتعلق بإيقاف رخصة تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية في مجالنا الجوي"، مؤكدا على أن الخطوات التي قامت بها الجزائر "سيادية، تطبق من طرف دولة صاحبة سيادة، للتعبير عن سخطها وغضبها، جراء ما تم من اعتداء لفظي...". وفي رده على سؤال حول مزاعم فرنسية، ربط قرار حظر الأجواء الجزائرية على الطائرات العسكرية الفرنسية، برغبة روسية في التواجد بمالي، قال لعمامرة، "ليس لدينا معلومات دقيقة لا من الجانب الروسي ولا من الجانب المالي، حول التعاون العسكري بين البلدين". واسترسل قائلا "نحن في الجزائر ومن منطلق سياستنا المرتكزة على عدم الانحياز، لا نحبذ تواجدا عسكريا أجنبيا في أي رقعة من أراضي الدول الإفريقية المستقلة، بل نرغب في قارة خالية من أي تواجد عسكري أجنبي، ونعترف في نفس الوقت بالحق السيادي لكل دولة من الدول الصديقة والشقيقة، في وضع الترتيبات التي تراها مناسبة للدفاع عن سيادتها ولضمان أمنها، بالطرق التي تراها مناسبة وتكون في متناولها".
وأكد أن "ما يمس أمن واستقرار ومصالح مالي يمس في نفس الوقت أمن واستقرار ومصالح الجزائر"، مذكرا بالعلاقات التاريخية بين البلدين. وبخصوص تدهور علاقات مالي الدبلوماسية مع فرنسا، قال لعمامرة، "كان من واجبنا أن نستمع إلى مآخذ مالي على الدولة الفرنسية"، إلى جانب الرفض الشعبي في مالي لتصرفات بعض القوات العسكرية الفرنسية المنتشرة هناك، و"ما استمعنا إليه من كلام رسمي فرنسي ضد دولة مالي، نعتبره نحن في الجزائر تدخلا في الشؤون الداخلية لمالي".
الرباط ذهبت بعيدا جدا في تآمرها على الجزائر
في موضوع آخر، أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أن الرباط ذهبت بعيدا جدا في تهجمها وتآمرها لضرب استقرار الجزائر من الداخل، من خلال استعمال الأفراد والجماعات المصنفة "إرهابية" في الجزائر والاستقواء بإسرائيل. وأضاف الوزير أن "المغرب عمل أيضا بأساليب ما يسمى بـ”حروب الجيل الرابع لضرب استقرار الجزائر من الداخل. كما وصلت الدولة المغربية إلى الاستقواء والاستنجاد بإسرائيل"، موضحا بأن "الجزائر لا تنتقد الدول عند ممارستها لسيادتها، ولكن أمام مثل هذا العمل الموجه مباشرة ضد أمن واستقرار الجزائر، لفتنا انتباه الجميع إلى أن ما تقدم عليه الرباط عمل خطير وغير مقبول".
وذكر رئيس الدبلوماسية الجزائرية، في السياق ذاته أنه "عندما يقال ويشرح في الرباط على لسان وزراء، لضيوفهم، خصوصا الإسرائيليين، أن الجزائر مصدر قلق في المنطقة وأن الجزائر حليفة لدولة أخرى... كان لزاما على الجزائر أن ترد عليه بقوة"، في إشارة إلى قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، مؤكدا بأن "الجميع يعرف أن الجزائر دائما وأبدا عنصر استقرار وسلام في المنطقة وأبعد من ذلك"، قبل أن يضيف بقوله، "الجانب المغربي يتعمّد اللجوء إلى افتراءات كاذبة فيما يتعلق بالسياسة الجزائرية وسلوك الجزائر في المنطقة".
احتلال المغرب للصحراء الغربية سبب حالة لا استقرار في المنطقة
في سياق متصل، قال السيد لعمامرة، إن "المغرب هو من تسبب في حالة اللااستقرار التي تشهدها المنطقة والتي أصبحت مفتوحة الآن على المجهول، وذلك باحتلاله للصحراء الغربية ورفضه لخطة سلام الأمم المتحدة وبمواصلته العمل على عرقلة الحل المنشود، للنزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليزاريو". وأوضح أن "كل الخطوات التي تقوم بها الحكومة المغربية حتى الآن ترمي إلى فرض الأمر الواقع الذي لا يتناسب مع القانون الدولي، والذي لا يتوفر على أدنى شروط التعايش السلمي بين دول المنطقة، وأقصد بذلك، الشعب الصحراوي الشقيق الذي لديه حقوق غير قابلة للتصرف". ولفت وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج إلى أن موقف الجزائر من الصحراء الغربية "ليس بالجديد" ويتمثل في التأكيد على ضرورة تقرير مصير الشعب الصحراوي.
وفي رده على سؤال بخصوص تصريح وزير إسرائيلي بشأن وجود "علاقة خاصة" بين الجزائر وإيران ، قال لعمامرة "هذا الكلام غير دقيق وغير صحيح وهو كلام يسوق له المغرب عن قصد للإساءة للجزائر"، مشيرا إلى أن "الأمور واضحة ومعروفة فللجزائر علاقات طبيعية وقديمة مع الجمهورية الإيرانية كانت قائمة منذ نظام الشاه"، كما أن "للجزائر وإيران، يضيف رئيس الدبلوماسية الجزائرية، مصالح ضمن منظمة (أويك) فيما يتعلق بالنفط.. وللجزائر مصالح لأن تكون لإيران علاقات طيبة مع كل جيرانها العرب، وأن يلتزم الجميع في تلك المنطقة وفي مناطق أخرى، بما فيها المنطقة المغاربية بقواعد القانون الدولي المعاصر، وأن لا يتم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وأن تحترم المبادئ الأساسية للقانون الدولي".
إمكانية إجراء الانتخابات في ليبيا قوية
ولدى تطرقه للملف الليبي، أشاد لعمامرة، بالاجتماع الذي احتضنته العاصمة طرابلس قبل أيام، معتبرا الحدث "نجاحا، يبرهن على أن أبناء ليبيا وبناتها أخذوا بزمام الأمور، وأصبحت بلادهم تستضيف ولا تستضاف". وأضاف أن مشاركة ما لا يقل عن 15 وزيرا من دول شقيقة وصديقة لليبيا، في اجتماع طرابلس، ووفود رفيعة المستوى من دول دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل روسيا والصين والولايات المتحدة، دليل على مستوى الاستقرار واللاعنف الذي وصلت إليه ليبيا. واعتبر رئيس الدبلوماسية، أن اجتماع وزراء خارجية جوار ليبيا، الذي انعقد منذ أسابيع قليلة في الجزائر، كان نقطة تحوّل، حيث أكد كافة الوزراء المشاركين فيه، لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، استعدادهم للسفر إلى ليبيا، وحضور تطبيق مبادرتها الرامية إلى دعم استقرار البلاد، على أرض الواقع.
ووقوفا عند تطوّر الأوضاع في ليبيا، قال الوزير إن "التوجه سليم وسلمي، وإمكانية إجراء الانتخابات قوية، ومرتبطة الآن أكثر بجوانب تنظيمية وسياسية منها بالجوانب الأمنية". ويرى لعمامرة، بأن موضوع خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، يتضمن شطرين "الأول يتعلق بممارسة ليبيا سيادتها الوطنية الكاملة، حيث عليها اتخاذ إجراءات تتعلق بالميليشيات الداخلية وتجريدها من السلاح، وتنظيمها بطريقة لا يمكنها أن تشكل قوة عسكرية مناهضة للتوجهات الجديدة". أما الشطر الثاني وفق الوزير، "فيتعلق بالطبيعة الدولية"، حيث ذكر في هذا الصدد بأن "من كتب مخرجات برلين مثلما كرسها مجلس الأمن من خلال قرار نافذ، عليه اتخاذ الإجراءات الملائمة لتنفيذها". وفي سياق آخر، أوضح الوزير، أن مبادرة الجزائر لحلحلة أزمة سد النهضة، جاءت "لتكملة عمل الاتحاد الإفريقي وفتح الآفاق من زاوية لم يركز إلى حد الآن المفاوض الإفريقي عليها".
وفي استفسار عن مشاركة سوريا في القمة العربية المقبلة التي ستستضيفها الجزائر، أوضح رئيس الدبلوماسية، أن الموضوع يتطلب مشاورات، وأن يكون مبنيا على توافق للآراء، معربا عن أمله في عودة سوريا لممارسة حقها الطبيعي في العضوية بالجامعة العربية، والمشاركة في أشغالها. من جانب آخر، اعتبر الوزير، قرار بعض الدول العربية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، "موقفا سياديا .."، قبل أن يؤكد بالقول إن "موقف الجزائر لا يتطابق معها، رغم احترامنا من حيث المبدأ القرارات السيادية للدول". وجدّد لعمامرة، التأكيد، على أن "جمع الشمل العربي نصرة للشعب الفلسطيني، يقتضي الاحتفاظ وتطوير ودعم مبادرة السلام العربية، التي اعتمدت في قمة بيروت عام 2002".
العلاقات بين الجزائر وروسيا تتسم بدرجة عالية من التشاور
وفي حديثه عن العلاقات بين الجزائر وروسيا، أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أنها "تتسم بدرجة عالية من التشاور"، مشيرا إلى أن "روسيا دولة تربطها بالجزائر علاقات قديمة وتاريخية، وهناك إعلان شراكة إستراتيجية بين البلدين تم توقيعه سنة 2001". وأضاف أن "العلاقة بين الدبلوماسية الجزائرية والدبلوماسية الروسية تتسم بدرجة عالية من التشاور"، مشيرا إلى أنه "من منطلق كل هذه المصالح وكل هذه التقاليد، الجزائر تجري دائما مشاورات جدية وجادة مع روسيا، سواء تعلق الأمر ببعض القضايا الحساسة المطروحة على مجلس الأمن الدولي، أو حينما يتعلق الأمر بأمور قد تمس بمصالح روسيا، تناقش في محافل تكون الجزائر عضوا فيها".
كما أكد أن "العلاقات بين البلدين مطروحة دائما للتحسين"، لافتا إلى أن هذا التحسن "مرتبط بمدى التشاور وتبادل الزيارات، وجعل الأطر المؤسساتية المطروحة - لجنة مشتركة، لجنة حوار سياسي - تشتغل طبقا للنصوص التي وضعت من أجلها وتقدم الفرص تلو الأخرى للجانبين لتعميق هذا التشاور، ولبلورة أوجه التفاهم". وفي رده على سؤال حول خطط توسيع هذا التنسيق ليشمل مجالات أوسع، قال لعمامرة إن "المستوى الحالي يعكس بطبيعة الحال الأهمية التي يوليها الطرفان لهذا التشاور، ولكن تطوّر العلاقات وتسارع الأحداث على الساحة الدولية، ربما يملي علينا أن نطور هذه الأطر وهذه الآليات لتصبح قادرة أكثر على استيعاب ضرورة التشاور وربما الاتفاق على مواقف مشتركة، عندما يتعلق الأمر بقضايا تتفق مع رؤيتنا كدولة غير منحازة وكدولة تسعى إلى بناء علاقات صداقة قوية مع روسيا". كما تطرّق السيد لعمامرة، إلى الاهتمام الذي توليه روسيا للقارة الإفريقية، من خلال تنظيم قمة بين الدول الإفريقية وروسيا، إلى جانب اجتماع مشترك لوزراء خارجية الدول الإفريقية وروسيا، الذي كان من المقرر أن ينعقد قريبا، غير أنه تأجل.