دشّن حديقة "أنريكو ماتيي" بحيدرة وزار كنيسة القديس أوغستين بعنابة
الرئيس الإيطالي يبدي إعجابه الكبير بالموقع الأثري هيبون
- 1032
أبدى رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، مساء أمس، إعجابه الكبير بالموقع الأثري هيبون بعنابة وذلك في إطار زيارة ثقافية سياحية قام بها إلى هذه المدينة، التي زار بها أيضا كنيسة القديس أوغستين، قبل إنهائه لزيارة الدولة التي قام بها إلى الجزائر والتي دامت يومين، جمعته خلالها محادثات مثمرة مع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وتوّجت بتوقيع البلدين على 3 اتفاقيات تعاون في مجالات التربية والعدالة وحماية التراث.
وتابع ضيف الجزائر الذي كان مرفوقا بكل من الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان ووزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب ووزيرة الثقافة والفنون وفاء شعلال، باهتمام كبير العرض المقدم حول محتويات المتحف المتواجد بهذا الموقع الأثري وذلك ضمن برنامج اليوم الثاني من زيارة الدولة التي قام بها إلى الجزائر على رأس وفد هام. ومن أهم ما أثار إعجاب الرئيس الإيطالي، القطع الفسيفسائية المتنوعة، حيث طلب من مقدم العرض معلومات إضافية حول طبيعة المواد المستعملة فيها وخاصة جودة الرخام والألوان الزاهية التي تحتويها. ولدى وقوفه أمام تصميم تذكاري من البرونز يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد يخلد انتصار القنصل الروماني يوليوس قيصر على خصومه من أنصار القنصل بومبي وذلك سنة 46 قبل الميلاد، أبدى الرئيس الإيطالي اهتماما خاصا بهذه القطعة الأثرية، خاصة بعدما علم أنها فريدة من نوعها في العالم. كما أبدى ضيف الجزائر إعجابه بالمنظر الطبيعي العام الذي تتوفر عليه مدينة هيبون الأثرية التي تتربع على أكثر من 70 هكتارا، مع العلم أن الاكتشافات والحفريات لم تشمل إلى حد الآن بهذا الموقع سوى 26 هكتارا من إجمالي المساحة فقط.
كما زار رئيس الجمهورية الإيطالية، بعد ظهر أمس بعنابة، كنيسة القديس أوغستين، استقبل من قبل ممثل عن أبرشية قسنطينة هيبون (عنابة) الراهب تيونست بازيريكانا الذي قدم له عرضا حول تاريخ هذه الكنيسة التي تعود إلى القرن التاسع عشر وحياة القديس أوغستين (354-430) ميلادي. وتابع الرئيس الإيطالي، عرضا مفصلا حول هذا المعلم الديني الذي يمثل رمزا تاريخيا للتعايش والحوار بين الحضارات. كما تلقى ضيف الجزائر والوفد المرافق له شروحات حول عمليات الترميم التي استفادت منها هذه الكنيسة سنة 2013 لتبقى معلما ثقافيا وحضاريا دينيا رمزا للتعايش وحوار الحضارات بالجزائر، تبرز مساهمة الجزائر عبر التاريخ في الفكر والحضارة الإنسانية.
وفي ختام زيارته للكنيسة وقع كل من الرئيس الإيطالي والوزير الأول على السجل الذهبي للكنيسة وذلك قبل أخذ صورة تذكارية. ولدى زيارته لتمثال القديس أوغستين بالساحة المقابلة للكنيسة تلقى الرئيس الإيطالي شروحات حول حياة هذا الفيلسوف ورجل الدين. وكان الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، قد حل منتصف نهار أمس، بمطار رابح بيطاط بعنابة على رأس وفد هام، حيث كان في استقباله لدى نزوله من الطائرة، الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان ووالي عنابة، جمال الدين بريمي.
وقد استعرض الرئيس، سيرجيو ماتاريلا والوزير الأول وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان تشكيلة للحرس الشرفي للناحية العسكرية الخامسة أدت لهما التحية الشرفية. وحضر حفل الاستقبال كل من وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة وأعضاء بمجلس الأمة ونواب بالمجلس الشعبي الوطني ورئيس المجلس الشعبي لبلدية البوني ورئيس المجلس الشعبي الولائي.
تدشين حديقة باسم صديق الجزائر "إنريكو ماتيي" بالعاصمة
وأشرف رئيس الجمهورية الإيطالية، صبيحة أمس بالجزائر العاصمة، على تدشين حديقة عمومية ببلدية حيدرة، باسم صديق الثورة الجزائرية الإيطالي إنريكو ماتيي. كما زار الرئيس الإيطالي خلال اليوم الثاني من زيارة الدولة التي قام بها إلى الجزائر، حديقة التجارب بالحامة وقام بجولة في الواجهة البحرية بقصر رياس البحر "الحصن 23".
جدير بالذكر أن إنريكو ماتيي (1906-1962)، الذي تحمل الحديقة العمومية بحيدرة اسمه، هو مصنّع إيطالي، دافع عن قضية الشعب الجزائري عملا وقولا، على مدار سنوات، وهو شخصية بارزة على مستوى التعاون الاقتصادي والصداقة بين الجزائر وإيطاليا. ويحمل أنبوب الغاز "العابر للمتوسط" الذي يربط بين البلدين اسم "أنريكو ماتيي" منذ سنة 1999. كما منحه مؤخرا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وسام أصدقاء الثورة الجزائرية ما بعد الوفاة. وقد اضطلع أنريكو ماتيي المعروف بمواقفه المناهضة للاستعمار ومقاومته للفاشية بشمال إيطاليا ابتداء من 1943، حيث كان "متبصرا ومروّجا لتعاون حقيقي بين الشمال والجنوب"، وقام بدور هام في مفاوضات ايفيان من خلال وضع خبرته في خدمة الطرف الجزائري في مجال المحروقات.
كما ساعد السيد ماتيي الجانب الجزائري على تحديد المحاور الاستراتيجية الكبرى للمفاوضات والدفاع عن مصالح الجزائر في استغلال مواردها البترولية والمنجمية، حسب الشهادات المعبر عنها بهذا الخصوص في مختلف المنتديات. وتناولت الشهادات أيضا دور مجمع "ايني" في تكوين الإطارات الجزائرية في مجال الصناعة البترولية على مستوى مدارسها بعد استقلال الجزائر. وقد نذر ماتيي حياته خدمة للقضايا العادلة في العالم وكان مناهضا للهيمنة الاستعمارية ما جعله يتعرف على عديد قادة الثورة، وساهم تواصله المستمر مع ممثلي جبهة التحرير الوطني بالخارج في تجنيد وتعبئة الطبقة السياسية الإيطالية ودعم ونصرة القضية الجزائرية. وتوفي ماتيي يوم 27 أكتوبر 1962 أي شهرين بعد استقلال الجزائر في حادث تحطم طائرة جنوب مدينة ميلانو في ظروف غامضة، ولم يتم لحد اليوم الكشف عن ملابسات وفاته. وفي سنة 1997، وبعد مرور 35 سنة عن هذا الحادث، خلصت العدالة الايطالية إلى أن الحادث كان جراء "قنبلة تم وضعها في الطائرة"، ليتبين بعدها أن مواقف ماتيي حول ملف البترول الجزائري كلفته حياته.