بين ترحيب القوى الكبرى وتشكيك نشطاء البيئة

هل يجد عقد غلاسغو للمناخ طريقه للتجسيد؟

هل يجد عقد غلاسغو للمناخ طريقه للتجسيد؟
  • 814
ق. د ق. د

تضاربت المواقف بخصوص نتائج قمة المناخ "كوب 26" التي اختتمت أشغالها أول أمس بالعاصمة الاسكتلندية، غلاسغو، بعد أسبوعين من النقاش المتواصل ليلا ونهارا بين وفود مختلف الدول على أمل التوصل إلى اتفاق ملزم للجميع للشروع في اجراءات استعجالية لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وثقب الاوزون.

ورغم توصل أكثر من 200 دولة مشاركة في "كوب 26" إلى اتفاق نهائي، استدعى التوصل إلى توافق على مضمونه، تمديد أشغال المؤتمر ليوم إضافي، يقضي بضرورة تسريع مكافحة ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن نشطاء البيئة شككوا في نوايا الدول الكبرى في الايفاء بالتزاماتها التي تحتم عليها اتخاذ اجراءات ملموسة وسريعة تساهم في خفض درجة حرارة الارض الى 1.5+ مئوية لحماية المعمورة من الكوارث المدمرة الناجمة عن الاحتباس الحراري. وذهبت الناشطة السويدية، غريتا ثانبورغ، إلى وصف البيان الختامي لقمة غلاسغو بأنه مجرد "كلام فارغ" مشيرة إلى أن "العمل الحقيقي يستمر خارج هذه القاعات ونحن لن نتخلى أبدا" في إشارة إلى مواصلة النضال من أجل حمل الدول الكبرى على الايفاء بالتزاماتها في حماية الكرة الأرضية من التغييرات المناخية التي سبق وقطعتها في اتفاق باريس قبل ست سنوات من دون أن تلقى طريقها للتجسيد.

وهي اليوم تجدد نفس الالتزامات فيما سمي بـ"عقد غلاسغو للمناخ" والذي يهدف إلى تسريع مكافحة الاحتباس الحراري لكن دون ضمان احتوائه عند 1.5 درجة مئوية أو الاستجابة لطلبات المساعدة من الدول الفقيرة. وبينما يلح مختلف نشطاء البيئة على ضرورة، خفض الانبعاثات العالمية، على الفور، ضم الأمين العام الأممي، انطونيو غوتيريس صوته إلى صوت هؤلاء عندما حذر من أن "الكارثة المناخية لا تزال على الأبواب"، معتبرا أن نتائج "كوب 26" غير كافية. وقال غوتيريس، إن "النصوص التي تمت الموافقة عليها هي حل وسط وتعكس المصالح والظروف والتناقضات وحالة الإرادة السياسية في العالم اليوم، وهي تتخذ خطوات مهمة، ولكن مع الأسف لم تكن الإرادة السياسية الجماعية كافية لتجاوز بعض التناقضات العميقة".

وأضاف أن العلم أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون تخفيضات سريعة وعميقة ومستدامة للانبعاثات في هذا العقد، وتحديدا خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010"، مشيرا إلى أن "المجموعة الحالية من المساهمات المحددة وطنيا، حتى لو تم تنفيذها بالكامل، ستظل تزيد الانبعاثات هذا العقد على مسار سيقودنا بوضوح إلى أعلى بكثير من درجتين بنهاية القرن مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية". من جانبه اعتبر رئيس القمة البريطاني ألوك شارما بأن "حافظنا على + 1.5 درجة مئوية في متناول اليد .. لكن النبض ضعيف" والإشارة واضحة إلى عدم وجود إرادة لدى قادة ومسؤولي الدول العظمى المتسببة الاحتباس الحراري بصناعاتها المتطورة في الالتزام الفعال باتخاذ الاجراءات الضرورية لمواجهة الظاهرة.

والمفارقة أن مواقف القوى الكبرى بداية من الولايات المتحدة مرورا بروسيا وألمانيا وبريطانيا ووصولا إلى القوى الصاعدة وفي مقدمتها الصين والمتسببة أصلا في الاحتباس الحراري وما خلفه ويخلفه من كوارث طبيعية مدمرة تهدد حتى التواجد البشري على المعمورة، جاءت مرحبة بعقد غلاسغو للمناخ. وأعلن رسلان إديلجيرييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون المناخ امس الأحد ترحيب بلاده بتبني مؤتمر غلاسكو للمناخ لقواعد تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ المبرمة عام 2015. وقال إديلجيرييف إن "الإنجاز الرئيسي لكوب-26 هو استكمال تطوير قواعد تنفيذ اتفاقية باريس،  بما في ذلك القواعد الخاصة بالجداول الزمنية للمساهمات المحددة على المستويات الوطنية، مضيفا ان روسيا "ترحب بهذه النتيجة التي ستتيح تفعيل اتفاقية باريس بعد 6 سنوات من اعتمادها".