" المساء" تقف على مؤسسات أشبه بالثلاجات، والشركاء الاجتماعيون يطالبون:

سحب تسيير المدارس من البلديات، ومعاقبةُ المديرين المتقاعسين

سحب تسيير المدارس من البلديات، ومعاقبةُ المديرين المتقاعسين
  • 4531
زهية. ش زهية. ش

يعود الحديث، مع حلول موسم البرد، مثلما هي الحال هذه الأيام، عن مشكل نقص التدفئة بالعديد من المؤسسات التربوية الواقعة بالعاصمة، وباقي ولايات الوطن؛ ما يؤثر سلبا على ظروف تمدرس التلاميذ، الذين يضطرون للبقاء بمعاطفهم وقفازاتهم داخل الاقسام، لمواجهة قساوة البرد، خاصة في المناطق الداخلية والنائية والقرى، وحتى بالمناطق الحضرية، وبالأحياء السكنية الجديدة الواقعة بقلب العاصمة، وهو ما يؤرق التلاميذ وأولياءهم، الذين يطالبون بتحمّل الجهات الوصية مسؤوليتها، والتكفل التام بمختلف النقائص، خاصة أن الوصاية توفر مبالغ مالية هامة لملف التدفئة، مثلما أكدت ذلك بعض نقابات القطاع التربوي، التي تلح على ضرورة سحب تسيير المدارس من البلديات التي أثبتت فشلها في الميدان، واتخاذ الإجراءات العقابية ضد المسؤولين والمديرين المتقاعسين بالمؤسسات التربوية، التي لايزال الكثير منها يفتقد للتدفئة، مثل ما اكتشفته "المساء" في هذا الملف.

بالرغم من الإمكانيات المالية التي تخصصها وزارتا الداخلية والتربية خلال كل موسم دراسي لتوفير الظروف المناسبة لتمدرس التلاميذ، والطلبات المتكررة للأولياء والشريك الاجتماعي من أجل الاهتمام أكثر بوضعية المؤسسات التربوية لا سيما المدارس الابتدائية، فإن نسبة كبيرة من هذه الأخيرة، لاتزال تفتقد للتدفئة داخل الأقسام، خاصة في بعض الحالات؛ حيث تحولت حجرات التدريس إلى شبه غرف تبريد نتيجة عدم فعالية نظام التدفئة المعتمَد؛ سواء بالمؤسسات القديمة، أو تلك التي شُيّدت حديثا، والتي تشهد، هي الأخرى، انعدام التدفئة، أو ضعفها في أحسن الأحوال.

تلاميذ يدرسون في ظروف قاسية.. مَن المسؤول؟

تُعد الثانوية الجديدة "عمر سواس" بحي كارطالة ببلدية بابا احسن، واحدة من المؤسسات التي يعاني تلاميذها المتمدرسون بها الأمرّين في فصل الشتاء؛ نتيجة غياب التدفئة، والظروف القاسية التي يدرسون فيها؛ ليس بمنطقة نائية، بل ببلدية في ولاية الجزائر، مثلما أكد بعض الأولياء، معبرين عن معاناة أبنائهم نتيجة عدم توفير أجهزة التدفئة رغم تدشينها حديثا، واصفين هذه الوضعية بالكارثية؛ لعدم تركيب زجاج النوافذ، وتسرب مياه الأمطار إلى داخل الأقسام؛ ما أدى بالأساتذة إلى الدخول، مؤخرا، في إضراب لمدة يومين، لدفع مديرية التربية لغرب العاصمة، إلى التكفل بالانشغال، وتدخّلها العاجل لتصليح زجاج نوافذ الأقسام التي تتسرب إليها مياه الأمطار، التي زادت الوضع سوءا. كما طالب أولياء التلاميذ الوالي المنتدب لمقاطعة الدرارية، بزيارة الثانوية؛ للاطلاع على معاناة أبنائهم، واصفين هذه المؤسسة التربوية بـ "الكارثية"، ومصدر معاناة للمتمدرسين فيها من كل النواحي. 

وإذا حظي تلاميذ بعض البلديات بتوفر ظروف جيدة لتمدرسهم، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للعديد من الذين يحلمون بالدراسة في أقسام دافئة مريحة، ودون معاطف وقفازات، مثلما لاحظناه بمتوسطة عبد "القادر رمضاني" ببلدية الدويرة، التي بها أقسام عبارة عن "شاليهات"، تم تنصيبها والاستعانة بها لتخفيف حدة الاكتظاظ، غير أن الوضع بها، حدث ولا حرج ، حيث يدرس التلاميذ في ظروف قاسية جدا داخل هذه "الشاليهات"، التي تتحول الى شبه ثلاجات، عند تدني درجات الحرارة وتهاطل الأمطار، بسبب تجهيزها بمدفأة كهربائية لا تقي من البرد، مثلما ذكر بعض الأولياء ل"المساء"، مشيرين، الى أن البرد داخل الاقسام الجاهزة لا يحتمل، ويتطلب التدخل العاجل من قبل السلطات المعنية، من خلال استغلال العطلة الشتوية الحالية لحل المشكل نهائيا، وتوفير الجو المناسب للدراسة، التي تستأنف في شهر جانفي المعروف ببرودته الشديدة.

أقسام شبه مسابح بثانوية محمد خوجة بالدويرة

لا يقلّ الوضع سوءا بثانوية "محمد خوجة" ببلدية الدويرة؛ حيث تعرف هذه المؤسسة التربوية وضعا "كارثيا"، أرجعه الأولياء إلى تهاون المسؤولين، وعدم تصليح العديد من المدفآت قبل حلول فصل الشتاء، خاصة بهذه المؤسسة، التي تشهد وضعا كارثيا بمعنى الكلمة، مثلما أكد لنا بعض طلبتها، مشيرين إلى أن الأقسام تتحول إلى شبه مسابح كلما تساقطت الأمطار؛ مما يجعلهم غير قادرين على تحمّل برودة الطقس، وهو ما دفعهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية في الأيام القليلة الماضية؛ تنديدا بالوضع الكارثي الذي آلت إليه المؤسسة، التي لا تتوفر ـ حسبهم ـ على أدنى الظروف المناسبة للتمدرس، بسبب غياب الأمن، والإنارة، والتدفئة في الأقسام، في وجود أبواب ونوافذ محطمة ينفذ إليها البرد من كل النواحي، مهددين بالدخول في إضراب مفتوح إذا لم تتحرك الجهات الوصية، لتحسين أوضاع هذه الثانوية، التي تبدو كأنها مكان مهجور، مثلما وصفها بعض التلاميذ وأولياؤهم، وحتى الأساتذة الذين تتسرب مياه الأمطار إلى داخل القاعة الخاصة بهم.

وفي تعليقهم على ذلك قال البعض إن الأوضاع داخل الثانوية كارثية، متأسفين لوصول الأمور إلى هذا الحد، وإجبار الأساتذة على العمل في هذه الظروف المزرية، التي جعلت أحد التلاميذ ينفر من الدراسة بها، مثلما أكدت والدته، مشيرة إلى أن دخولها واكتشافها الثانوية من الداخل، جعلها تتفهم سلوك ابنها تجاه هذه المؤسسة، التي تبدو مخابرها وكأنها مهجورة منذ سنوات؛ فأغلب الأبواب والنوافذ محطمة، ولا تنغلق، ما يحوّلها إلى شبه ثلاجات في غياب التدفئة، التي تضطر التلاميذ للاحتفاظ بكل الألبسة الشتوية التي تقيهم من شدة البرد.

المنتخبون الجدد بالبلديات مدعوّون للتدخل

وحسب بعض الأولياء، فإنهم قدموا عدة شكاوى للمصالح المعنية، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل التكفل بمشكل التدفئة، الذي تحوّل إلى هاجس حقيقي، خاصة عندما يشتد البرد، إلا أن المسؤولين لم يكلفوا أنفسهم عناء إصلاح ما هو محطم، وتشغيل المدفئات لتجنيب الطلبة والأساتذة لسعات البرد، مرجعين ذلك إلى تهاون الجهات الوصية على المتوسطات والثانويات، وهي مديريات التربية، بينما تبقى العديد من المدارس الابتدائية تواجه المشكل في انتظار تدخّل السلطات المحلية، وعلى رأسهم المنتخبون الجدد على رأس البلديات، الذين انشغلوا، لفترة، بالحملة الانتخابية والمحليات، مثلما أشار إلى ذلك أولياء التلاميذ.

وعلى العكس من ذلك، فإن الأمر يختلف ببلدية هراوة الواقعة شرق العاصمة، حيث زُودت كافة مدارسها 13 بالتدفئة، وأُصلحت كافة المدفآت قبل حلول فصل الشتاء، منها مدفآت مركزية وأخرى تشتغل بالغاز. وقرر معلم نور الدين خلال تسييره المجلس الشعبي البلدي بالنيابة، التكفل بمشكل التدفئة بمختلف المدارس، مثلما أكد عدد من الأولياء، عكس بعض البلديات، على غرار بلدية المحمدية التي يواجه فيها تلاميذ المدرسة الابتدائية "زرداني فاطمة" الواقعة بحي "تماريس"، البرد القارس؛ لعدم تشغيل المدفأة، مثلما هو الأمر، كذلك، بالنسبة للمتمدرسين بثانوية "محمد بوضياف" بالمدنية، الذين أكد بعضهم، أن الأساتذة والتلاميذ عانوا كثيرا من البرد في غياب التدفئة، التي يعاني منها، أيضا، متمدرسو ثانوية "زحوال اعمر" ببئر خادم، التي توجد في وضعية كارثية، حيث يستنجد هؤلاء بالجهات الوصية، من أجل التحرك، خاصة أن جدرانها مشققة، والتدفئة منعدمة بها، والبرد ينفذ من كل الجهات في هذه المؤسسة المهددة بالسقوط بالنظر إلى قدمها!

مدارس جديدة بدون تدفئة

ومن جهتهم، ذكر بعض أولياء التلاميذ والمعلمون ببلديات الدويرة، والرغاية، وتسالة المرجة، ذكروا لـ "المساء" أن أبناءهم يواجهون مشكل البرد داخل بعض الأقسام، بسبب الأعطاب التي تصيب المدفآت، مما يؤثر على تحصيلهم الدروس، خاصة أن المنتخبين المحليين ظلوا لفترة منشغلين بالانتخابات، مؤكدين أن تبعية التدفئة للبلديات أحدثت فوارق في توفير هذا الحق للتلاميذ، خاصة أن بعض البلديات تواجه صعوبات مالية، مثلما هو الأمر ببلدية تسالة المرجة، وأولاد شبل، التي تُلقى عليها وعلى غيرها من البلديات، كافة المسؤولية في تهيئة المدارس.

واللافت للانتباه أن مشكلة التدفئة في المدارس والمؤسسات التعليمية، تشمل، أيضا، العشرات من المؤسسات التربوية التي بُنيت حديثا في التجمعات السكانية الجديدة، والتي استفادت من التدفئة المركزية التي لم تجد نفعا، على غرار حرمان تلاميذ مدرسة "الكروش" الجديدة بالموقع السكني "عدل" بالرغاية، من هذه الخدمة، إلى جانب العديد من المؤسسات بنفس البلدية، منها مدرسة بوعلام العلوي، وعطاء الله، وأحمد تيجاني، ومدرسة تلاوراو، التي تواجه مشكل التدفئة المركزية التي لا تشتغل نتيجة انقطاع الماء، على غرار مدرستي أحمد حمداش، وبونعامة التي تَسبب خطأٌ تقني في التركيب الذي مس أنبوب الغاز، في حرمان التلاميذ من التدفئة، فضلا عن مدارس تماعوست، وإبراهيم رحمون، وإسماعيل زيان، وابن باديس، التي تحتاج إلى تجديد وسائل التدفئة بها، خاصة تلك التي تم إصلاحها وتعطلت من جديد قبل استئناف الدراسة.

طالع أيضا/

* فيما شرعت بعض البلديات في إحصاء التجهيزات المعطلة.. العطلة الشتوية فرصة لاستدراك مشكل التدفئة

* النقابة الوطنية للتعليم الابتدائي لـ"المساء": نقص التدفئة راجع إلى تقصير البلديات

* رئيس الفدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ علي بن زينة لـ"المساء":رفعنا تقريرا مفصلا للوصاية يشمل ملف التدفئة