تعاون اقتصادي وإنساني مميّز

الجزائر-موريتانيا.. رهانات وتحديات مشتركة

الجزائر-موريتانيا.. رهانات وتحديات مشتركة
  • 801
س. س س. س

توافق في الرؤى وتطابق الإرادة السياسية بين البلدين

تشهد العلاقات الجزائرية-الموريتانية ديناميكية جديدة لدفع التعاون الثنائي إلى آفاق أوسع، انطلاقا من توافق كبير في المواقف والرؤى وإرادة سياسية مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم التقارب بين الشعبين. وبرز الاهتمام الكبير بتطوير وتعميق العلاقات الثنائية، منذ اعتلاء رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ونظيره الموريتاني، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، سدة الحكم في البلدين، وترجم ذلك من خلال الزيارات المتبادلة لمسؤولي الدولتين، توجت بانعقاد أول دورة للجنة الثنائية الحدودية الجزائرية-الموريتانية شهر نوفمبر الماضي بالجزائر العاصمة، وذلك على إثر التوقيع في شهر أبريل بنواكشوط، على مذكرة تفاهم تتعلق بإنشائها. وتساهم هذه اللجنة الحدودية في تعزيز فرص الاستثمار وإقامة مشاريع شراكة في القطاعات ذات الأولوية على مستوى المناطق الحدودية وترقية التبادلات الاقتصادية والتجارية والثقافية والرياضية، إلى جانب فكّ العزلة عن ساكنة المناطق الحدودية.

تنظيم وتسهيل تنقل الأشخاص والممتلكات

كما تعمل أيضا على تنظيم وتسهيل تنقل الأشخاص والممتلكات وترقية التعاون الجمركي وتطوير وتشجيع التعاون اللامركزي، بالإضافة إلى تأمين الحدود المشتركة ومحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة غير الشرعية. ومن بين المشاريع الواعدة التي اتفق عليها الطرفان خلال هذه الدورة، إنجاز الطريق الرابط بين تندوف والزويرات، وإنشاء منطقة للتبادل الحر بين البلدين على مستوى المنطقة الحدودية وتنظيم معارض اقتصادية وتجارية في نواكشوط بصفة دائمة وتحفيز المتعاملين الاقتصاديين من البلدين إلى السوق الجزائرية والموريتانية لبيع منتجاتهم، فضلا عن تسهيل دخول المتعاملين الاقتصاديين من البلدين إلى سوق البلدين لبيع منتجاتهم.

تكثيف التنسيق الأمني عبر الحدود

ومن بين أهم التوصيات التي خرجت بها اللجنة المشتركة في دورتها الأولى "تكثيف التنسيق الأمني على مستوى الشريط الحدودي المشترك من خلال استحداث لجنة أمنية مشتركة تضم المصالح الأمنية للبلدين"، وكذا "تحقيق الاندماج الاقتصادي في ظل رؤية تنموية شاملة تخدم أمن واستقرار البلدين". وقد جدّد السيد بلجود بهذه المناسبة، عزم الجزائر على العمل مع موريتانيا من أجل "تجسيد هذه التوصيات على أرض الواقع، تطبيقا لتوجيهات قائدي البلدين اللذين يوليان الأهمية القصوى لتنمية وتأمين المنطقة الحدودية المشتركة وتلبية متطلبات ساكنتها". اقتصاديا، تم تسجيل 111 عملية تصدير باتجاه الجمهورية الإسلامية الموريتانية عبر المركز الحدودي البري "الشهيد مصطفى بن بولعيد" بولاية تندوف، خلال الفترة ما بين يناير إلى مارس من العام الجاري، ويمثل ذلك زيادة في عدد عمليات التصدير عن طريق هذا المعبر بنسبة تتجاوز 113% مقارنة بالثلاثي الأول من 2020.

وتتنوع المنتجات الوطنية المصدرة إلى موريتانيا بين المنتجات الغذائية الزراعية والمنتجات الصناعية (وهي المنتجات الرئيسية) على غرار المواد البلاستيكية والإسمنت وكذلك مواد التغليف والنظافة. وقد تدعمت العلاقات الثنائية، بمناسبة زيارة وزير الداخلية كمال بلجود إلى نواكشوط في وقت سابق، بإنشاء لجنة ثنائية حدودية، لتعزيز فرص الاستثمار وإقامة مشاريع شراكة في القطاعات ذات الأولوية على مستوى المناطق الحدودية وترقية التبادلات الاقتصادية والتجارية والثقافية والرياضية، إلى جانب فك العزلة عن ساكنة المناطق الحدودية. وتعمل اللجنة أيضا على تنظيم وتسهيل تنقل الأشخاص والممتلكات وترقية التعاون الجمركي وتطوير وتشجيع التعاون اللامركزي، بالإضافة إلى تأمين الحدود المشتركة ومحاربة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة غير الشرعية.

الجزائر أحد المموّنين الرئيسيين

وتعتبر الجزائر أحد المموّنين الرئيسيين لموريتانيا، حيث بلغت حصة المنتجات الجزائرية من إجمالي الواردات الموريتانية من البلدان الإفريقية 20%، حسب معطيات كشف عنها المدير العام للتجارة الخارجية بوزارة التجارة. وتراهن الجزائر على زيادة صادراتها نحو موريتانيا في سنة 2021 لتصل إلى 50 مليون دولار أو حتى تتجاوز 53 مليون دولار التي حققت في 2017. وقد سجلت الصادرات الجزائرية إلى موريتانيا زيادة بنسبة 100% خلال الثلاثي الثالث من 2020 (من يوليو إلى سبتمبر) مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، حيث بلغت قرابة 9 ملايين دولار، ويرتقب أن تستمر أرقام سنة 2021 في اتجاهها التصاعدي بعد دخول منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (زليكاف) حيز التنفيذ وإدخال التحرير التدريجي للتعريفات الجمركية وتقليل الحواجز غير التعريفية.

كما أن القاعدة اللوجيستية لتندوف التي افتتحت في سنة 2019 ستساهم بشكل أكبر في تنمية التجارة بين البلدين، وبالتالي دعم برنامج الحكومة الرامي لتعزيز العلاقات التجارية مع موريتانيا وكذلك مع دول إفريقيا الغربية. وحسب أرقام الديوان الوطني الموريتاني للإحصاء، فإن الصادرات الجزائرية سجلت تقدّما ملحوظا بعدما كانت لا تتجاوز مليوني (2) دولار خلال فترة طويلة، مما يجعل الجزائر الممون الافريقي الثاني لموريتانيا. وتطمح مجمّعات جزائرية كبرى على غرار اتصالات الجزائر وصيدال ومغرب بايب اندستري إلى تعزيز حضورها في موريتانيا. ومن شأن بناء الطريق الرابط بين تندوف والزويرات دفع المبادلات بين البلدين المجاورين بشكل معتبر، حيث يشكل المركز الحدودي الشهيد مصطفى بن بولعيد معبرا حدوديا جد هام للمنتجات الجزائرية نحو موريتانيا.

وعرف اللجوء إلى النقل عبر طائرات شحن تابعة للجوية الجزائرية، ارتفاعا ملحوظا خلال السنة 2020، حيث نقلت ما لا يزيد عن 12 رحلة جوية منتجات فلاحية لفائدة المستوردين الموريتانيين. كما أرسلت الجزائر في سبيل تعزيز العلاقات الإنسانية مع الشعب الموريتاني، بعثتين طبيتين إلى نواكشوط في يناير الماضي، لتقديم الدعم لهذا البلد الشقيق، جراء انتشار جائحة كورونا.