مصابون بكورونا ويجهلون ذلك
استهتار.. والوقاية “في خبر كان!”

- 824

يسجل العام والخاص تهاونا كبيرا في احترام تدابير الوقاية من فيروس كورونا، بعدم استعمال الكمامات في الأماكن العامة، على غرار الأسواق، والمحلات والمطاعم. والأخطر من هذا وجود أشخاص يجهلون إصابتهم بالفيروس عند بداياته الأولى، وآخرون يخفونه، وهو ما يؤدي إلى انتشار العدوى إلى الآخرين بدون أن يشعر أحد بذلك.
حالات كثيرة يجهل أصحابها إصابتهم بفيروس “كوفيد19”، خاصة بتلك المتحورات التي ظهرت تباعا، فأعراضها، حسبما يصرح بذلك المختصون، تكاد تشبه إلى حد كبير، أعراض فيروس الإنفلونزا الموسمية، وهو ما يجعل الكثيرين يتهاونون في الأخذ بالاحتياطات اللازمة عند الشعور بأي عرض صحي غير مألوف. ويُفترض في ذلك، إجراء التحاليل في حينها لتدارك الأمر، والالتزام بإجراءات الوقاية لمنع انتشار الفيروس، ودرء خطره عن أفراد الأسرة والمحيط الخارجي.
ورغم ما حصد هذا الوباء القاتل من أرواح، فإن الكثيرين لا يعيرون خطورته اهتماما، ويتجلى ذلك في عدم احترام التباعد الجسدي، وعدم ارتداء الكمامة في الأماكن العامة باستثناء الإدارات، التي تفرض ارتداءها قبل دخول أي مقر منها.
تهاون واستهتار بتدابير الوقاية
وفيما تحوّل فيروس كورونا إلى هاجس عند الأشخاص الذين وقفوا على ما تسبب فيه من مآس وما ألحقه من أضرار جسمانية ونفسية، فهو “لا حدث” بالنسبة للبعض الآخر! وما يؤكد ذلك تصرفاتهم واستهتارهم، والأمثلة كثيرة توضح وتفسر أسباب ارتفاع حالات الإصابة.
وتفيد إحدى السيدات في تصريح لـ “المساء”، بأنها بادرت “عن حسن نية”، بتنبيه أحد الأشخاص، كان يضع الكمامة أسفل ذقنه ويهم بدخول إحدى الصيدليات بالعاصمة، فأشارت له بوضعها كما يجب، لكنه لم يكترث لها، وما إن لمحته صاحبة الصيدلية حتى نبّهته إلى اللافتة المعلقة على باب محلها، والتي تفرض إجبارية ارتداء الكمامة. “وبطبيعة الحال”، تضيف محدثتنا، “امتثل لأمرها”، لكنه بمجرد خروجه، تقول، “لوّح لي بيده، ونزع الكمامة؛ في تصرف صبياني لم أجد له تفسيرا”.
تصرف آخر نقف عليه على مستوى مختلف الإدارات عند محاولة أحدهم دخولها بدون كمامة، فبمجرد منعه من الدخول يتوجه إلى المارة أو الواقفين خارج مبنى الإدارة، بالسؤال عن إمكانية إعارته واحدة، بحجة أنه نسيها، ومستعجل، وهناك من يتجاوب مع هذا الطلب، وآخرون يستغربون تصرفه.
إخفاء الإصابة بالفيروس!
ومن الأمثلة الحية التي تبين لجوء البعض إلى إخفاء إصابتهم بالفيروس، تعمّد سيدة فعل ذلك. وحسبما صرحت به في إحدى العيادات الطبية، فإن تصرفها جاء خوفا على العائلة من الصدمة في حال إبلاغها إياهم بالأمر، متناسية، حسبما أسرّت به، أن المرض سيظهر عليها، وسينتقل إليهم، وهو ما حدث بالفعل بعد فوات الأوان، وكانت السبب في وقوع مأساة للأسرة.
تروي “س. ك« ممرضة، قصتها ومعاناتها مع ما وصفته بتبعات العمل في القطاع الصحي، حدث لها أن تحولت إلى فرد غير مرغوب فيه وسط الأسرة، فالجميع كان يتحاشى الاقتراب منها، ويجبرونها عند دخول المنزل، على عزل نفسها، والابتعاد عنهم قدر الإمكان، خوفا من أن تنقل إليهم أي عدوى. وتضيف المتحدثة أنها لسوء حظها، أصيبت فعلا بالوباء، ولم تخبر أحدا، لكنها، بالمقابل، استغلت ما كان يفرض عليها من وجوب العزل والتباعد، لدرء الخطر عنهم، فعزلت نفسها، واستعملت كل ما يلزم لحمايتهم بدون أن تخبرهم بما أصابها.
تذمر واضح
أكدت بائعة في محل لبيع الألبسة ببلدية باب الوادي، في دردشتها مع إحدى الزبونات، رفضها دخول إحدى الوافدات على المحل، لأنها تعرفها وتعلم أنها مصابة بكورونا. وأضافت البائعة أنها هي نفسها أصيبت، لكنها عزلت نفسها لمدة شهر كامل، حتى تعافت تماما. وحسب تعليقها، فإن على الجميع تحمّل مسؤوليته لحماية الآخرين، فليس من حق أحد الاستهتار ونشر المرض.
حالة أخرى صادفناها في محل آخر، وهي سيدة كانت ترتدي الكمامة، وكان يبدو عليها التعب، فطلبت من البائع مجموعة من المشتريات، وبمجرد انتهائها من دفع ثمن أغراضها، صرحت للبائع بأنه كان عليها البقاء في المنزل لأنها مريضة جدا، ولا يحق لها الخروج من البيت. ورغم عدم ذكرها طبيعة مرضها إلا أن جميع من كانوا بالقرب منها، تراجعوا إلى الخلف، وما إن غادرت المحل حتى احتجت إحدى السيدات على تصرف المرأة، قائلة: “يوجد الكثير من المصابين الذين يتجولون في الشارع بدون أخذهم الاحتياطات اللازمة، لضمان عدم نقل العدوى للآخرين. وهم أشخاص لا تظهر عليهم الأعراض”.
والمؤكد أن الحالات المذكورة والتصرفات الصادرة عن أصحابها هي التي تؤدي إلى ارتفاع حالات الإصابة، وتهدد الصحة العمومية. وبين هذا وذاك فإنه لا مبرر لعدم الالتزام بالوقاية، لأن الخطر داهم، والمسؤولية مشتركة يتقاسمها المصاب وغير المصاب، فلا أحد منا يعلم إلى أين سيقودنا هذا الوباء.