"المساء" تنشر مشروع قانون السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد

أخلقة الحياة العامة وتحقيق أعلى مؤشرات النزاهة والشفافية

أخلقة الحياة العامة وتحقيق أعلى مؤشرات النزاهة والشفافية
  • 644
شريفة عابد شريفة عابد

تدعيم آليات الوقاية من الفساد لبناء الجزائر الجديدة

وسعت السلطات العمومية في إطار مشروع القانون الخاص بالسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، الذي تحوز "المساء" على نسخة منه، من المهام الرقابية  للهيئة الجديدة واستقلاليتها، حتى تضطلع بمهام أخلقة الحياة العامة وحماية الأموال العمومية، مع إرساء الشفافية والنزاهة  من خلال إعداد الاستراتيجية الوطنية لتجسيد  الميداني للإصلاحات بالجزائر الجديدة. 

وإعتمد المشرع في إعداد النص الجديد المتعلق بتنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، على ترجمة فحوى المادة 204 من الدستور الجديد، المتعلقة بالهيئة التي تعتبر مؤسسة رقابة تساهم في أخلفة الحياة العامة وتجسيد المسعى الإصلاحي لرئيس الجمهورية في إطار تجسيد مسار بناء الجزائر الجديدة. وعلى هذا الأساس، يقترح المشروع إصلاحا مؤسساتيا نوعيا حقيقيا في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، من خلال جعل الهيئات المكلفة بذلك أكثر فاعلية لتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة كقواعد محورية لأخلقه الحياة العمومية. ولتحقيق هذه الفعالية وسع المشروع، الذي أعدته وزارة العدل من مهام الهيئة الجديدة، عبر تزويدها بآليات ووسائل تدخل، تمكنها من المساهمة بصفة فعّالة في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة وتدعيم الوقاية من الفساد.

إجبارية التصريح بالممتلكات والتحقق من مراقبتها

في إطار الاستراتيجية الجديدة للسلطات العمومية في أخلقة الحياة العامة، تتلقى السلطة التصريحات بالممتلكات وتتولى التحقق منها ومراقبتها. كما تتلقى التبليغات والشكاوى والمعلومات المتعلقة بأفعال الفساد، فضلا عن قيامها بمهمة التأكد من صحتها وإحالتها عند الاقتضاء على السلطات المختصة. وتقوم ذات الهيئة بجمع ومركزة واستغلال ونشر أي معلومات وتوصيات من شأنها أن تساعد الإدارات العمومية وأي شخص طبيعي أو معنوي في الوقاية من الفساد وكشفها. كما تقوم بالتقييم الدوري للأدوات القانونية المتعلقة بالشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والتدابير الإدارية وفعاليتها في مجال الشفافية والوقاية من الفساد مع اقتراح الآليات المناسبة لتحسينها.

وتقوم الهيئة أيضا، بمتابعة الأنشطة والأعمال المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته، التي تم القيام بها على أساس التقارير الدورية، المدعمة بالإحصائيات والتحاليل والموجهة إليها من قبل القطاعات والمتدخلين المعنيين. وتسهر على تطوير التعاون مع الهيئات والمنظمات المختصة بالوقاية من الفساد ومكافحته على المستويين الجهوي والدولي، وكذا تبادل المعلومات مع الأجهزة والمصالح المختصة بمكافحة الفساد. وتسهر على تعزيز قواعد الشفافية والنزاهة في تنظيم الأنشطة الخيرية والدينية والثقافية والرياضية وفي المؤسسات العمومية والخاصة، من خلال إعداد ووضع حيز العمل الأنظمة المناسبة للوقاية من الفساد ومكافحته. وعند نهاية السنة، تعد الهيئة تقريرا سنويا حول نشاطها ترفعه إلى رئيس الجمهورية مع إعلام الرأي العام بمحتواه، حيث يشمل تقارير حول مدى تنفيذ تدابير وإجراءات الشفافية والوقاية.

توسيع إمكانية الإخطار في إطار الحيازة على الأدلة الخاصة بالفساد

يفسح القانون الجديد المجال أمام أي شخص طبيعي أو معنوي للإخطار بحالات الفساد، شريطة حيازته على معلومات ومعطيات، حيث يمكن له ذلك عن طريق شكوى كتابية موقعة تتضمن معلومات كافية على هوية المبلغ مثلما حددته المادة 5 من القانون. وتلزم المادة 24 أعضاء السلطة ومستخدميها بحفظ السر المهني، ويطبق هذا الالتزام حتى بعد انتهاء علاقتهم المهنية بالسلطة، تحت طائلة العقوبات المقررة في التشريع الساري المفعول.

إعداد استراتيجية وطنية للوقاية من الفساد

تعنى الهيئة الجديدة حسب المادة 26 بإعداد الاستراتيجية الوطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والمصادقة عليها من قبل مجلس الهيئة، مع إصدار الأوامر إلى المؤسسات والأجهزة المعنية في حال الإخلال بالنزاهة، فضلا عن دراسة الملفات التي يحتمل أن تتضمن أفعال فساد، التي يعرضها رئيس السلطة على المجلس، مع إبداء الرأي بشان المسائل التي تعرضها الحكومة أو البرلمان أو أي هيئة أو مؤسسة أخرى على السلطة ذات العلاقة باختصاصها، علاوة على إبداء الرأي حول مشاريع التعاون في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته مع الهيئات والمنظمات الدولية. ويعطى المشرع الصلاحيات للسلطة لإنشاء أي لجنة خاصة من أجل مساعدة رئيس السلطة في أداء مهامه، وفقا لشروط يضبطها القانون الداخلي.

حرمان الأعضاء من المداولة في قضية فساد تتعلق بأقاربه

من ضمن التدابير الجديدة التي جاء بها المشروع، حرمان أعضاء المجلس من المداولة في قضية تتعلق بأقاربه، حيث تنص المادة 30 على أنه، "لا يمكن لأي عضو من أعضاء مجلس السلطة، التداول في قضية له صلة قرابة أو مصاهرة أو مصلحة مباشرة أو غير مباشرة آنية أو سابقة خلال السنوات الخمس التي سبقت المداولات". ويتخذ المجلس قراراته بأغلبية الأعضاء الحاضرين وفي حال تساوي الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا مع سرية المداولات، وفقا للمادة 31. كما يمكن للمجلس استشارة خبراء في المسائل المطروحة.

تركيبة متنوعة للسلطة لضمان فعالية ومهنية في الأداء

وتتشكل السلطة العليا من جهازين، هما الرئيس والمجلس، حسب المادة 14، حيث يعين رئيسها من قبل رئيس الجمهورية لعهدة مدتها 5 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة. وتتنافى عهدة الرئيس مع أي عهدة انتخابية أو وظيفة أو نشاط مهني آخر حسب المادة 18. أما المجلس فيتكون من 13 عضوا بمن فيهم الرئيس، ثلاثة منهم يختارهم رئيس الجمهورية من بين الشخصيات الوطنية المستقلة، 3 قضاة، واحد عن المحكمة العليا وواحد من مجلس الدولة وواحد من مجلس المحاسبة، يتم اختيارهم من قبل المجلس الأعلى للقضاء ومجلس قضاة مجلس المحاسبة. كما يضم 3 شخصيات أخرى مستقلة، يختارون على أساس كفاءتهم في المسائل المالية والقانونية ومشهود لهم بالنزاهة والخبرة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، من قبل رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول أو رئيس الحكومة.

أما الأعضاء الثلاثة الأخرين، فيتم اختيارهم من بين فعاليات المجتمع المدني، على أن يكون لهم متابعة واهتمام بمكافحة الفساد. وتمتد عهدة الأعضاء لخمس سنوات غير قابلة لتجديد، ويستفيدون من مختلف التسهيلات لممارسة مهامهم مع استفادتهم خلال ممارسة مهامهم من حماية الدولة من القذف والتهديدات والاعتداءات أي كانت طبيعتها.ويؤدي أعضاء ورئيس سلطة الشفافية، اليمين الدستورية أمام مجلس قضاء الجزائر قبل ممارسة مهامهم. وتنهى مهام الأعضاء في حالات، انتهاء العهدة، الاستقالة، فقدان الصفة، الإدانة من أجل جناية أو جنحة عمدية، الوفاة، والإقصاء بسبب الغياب دون سبب مشروع عن 3 اجتماعات متتالية للمجلس، وكذا في حال قيام العضو بأعمال أو تصرفات خطيرة تتنافى والتزاماته كعضو في السلطة العليا. ويصدر قرار فقدان الصفة عن المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضائه، حسب المادة 23.ومن المقرر، أن يساهم المشروع الجديد بعد دخوله حيز التنفيذ ، في إرساء الشفافية والنزاهة وتعميقها بشكل أفضل وأوسع، في إطار الإصلاحات السياسية لبناء الجزائر الجديدة.