في ذكرى تحرير وهران من غزو الإسبان
جامعيون يستحضرون بطولات الأسلاف
- 625
يستحضر سكان وهران مع حلول شهر فيفري من كل عام، المعارك البطولية التي خاضها الأسلاف لتحرير مدينة وهران والمرسى الكبير من احتلال إسباني دام لأكثر من ثلاثة قرون. واستعادت مدينة وهران حريته من هذا الاستعمار يوم 27 فيفري سنة 1792 بعد حصار فرضه باي معسكر محمد بن عثمان الكبير على المحمية العسكرية الإسبانية في وهران والمرسى الكبير والمعارك البطولية التي خاضها المتطوّعون من كل مناطق غرب الوطن، الذين ألحقوا بالإسبان هزيمة نكراء وأجبروهم على الانسحاب. وتناولت هذا الحدث التاريخي عديد الكتاب والمؤرخين ومنهم العلامة أبي رأس الناصري الجزائري 1751-1823 الذي عاصر هذا النصر وتناوله في كتابه "عجائب الأسفار ولطائف الأخبار"، فضلا عن اهتمام أدب الترحال بمعارك تحرير وهران.
ويعود الاحتلال الإسباني لوهران إلى بداية القرن السادس عشر بعد احتلال المرسى الكبير سنة 1505 ومدينة وهران سنة 1509، قام الجيش الإسباني طيلة احتلاله لها بشن هجمات على الأهالي، امتدت إلى سكان القرى في مناطق مستغانم وتلمسان ومعسكر، حيث قام بإبادة قبائل بأكملها ونهب أموالها وسبا نساءها وأطفالها. وذكر محمد بن جبور أستاذ التاريخ بجامعة "أحمد بن بلة" بوهران أن الغزاة ارتكبوا أعمال وحشية في حق الأهالي إلى درجة أن مدينة وهران غدت خالية من الطيور والحيوانات ولم ينجو من السكان إلا من تمكن من الفرار إلى قمم الجبال.
حملات متكررة لتحرير المدينة
وأبرز الأستاذ الجامعي أنه منذ وطئت أقدام المحتل الإسباني أرض وهران توالت الحملات لتحريرها إلى أن تم النصر في شهر أفريل سنة 1708 بعد معارك طاحنة خاضها باي معسكر، مصطفى بن يوسف المدعو بوشلاغم الذي انضم إليه الأهالي. ونقل الباي بوشلاغم بعد هذا الانتصار عاصمة البايلك من معسكر إلى وهران وجعلها مقرا له، غير أن فرحة هذا الفتح لم تدم طويلا بسبب إعادة احتلال إسبانيا للمدينة سنة 1732 بعد أن قام فيليب الخامس طيلة ثلاث سنوات على إعداد حملة بحرية ثانية تمكن خلالها من بسط سيطرته على المدينة، دون أن يحول ذلك دون قيام السكان بحملات لتحرير مدينتهم كانت أهمها تلك التي قادها الباي محمد بن عثمان الكبير والتي جند لها العلماء وطلبة القرآن الكريم من مختلف مناطق الغرب الجزائري تم تدربهم بمعسكر قبل القدوم إلى وهران كما قال الجامعي بن جبور.
واعتمد الباي على أسلوب الكرّ والفرّ في تشديد الخناق على الإسبان وفي عام 1780 شنّ هجوما مفاجئا على وهران وتمكن من القضاء على عدد من الإسبان ثم في 14 سبتمبر 1784 أعاد شن هجوم أخر شمل حصون المدينة. وفي عام 1787 فرض حصارا طويلا امتد إلى غاية 1790 وأسس عدة رباطات کرباط ”جبل المائدة” ورباط ”افري” وكثف من الهجومات. وفي نفس السنة تعرضت مدينة وهران إلى زلزال خرب التحصينات العسكرية الاسبانية ما ساعد على هزيمتهم. وتوج الحصار والمعارك بتوقيع الاسبان على معاهدة استسلام في 12 سبتمبر 1791 وأمهلهم الباي مدة أربعة أشهر للمغادرة والانسحاب النهائي من وهران الذي تم في 27 فيفري 1792. وعمل الباي محمد بن عثمان الكبير على إعادة تعمير المدينة وتطويرها وتنشيط الحركة التجارية بها باستقطاب الأهالي من مختلف المدن الجزائرية بعد تحريرها.