"ظلال ورد ظلال" لسليمان توفيق
الشعر الألماني من غوته إلى اليوم
- 743
في التفاتة منه لمنح القارئ العربي فرصة الوقوف على جمالية الأدب الألماني، أصدر الشاعر والروائي سليمان توفيق، مؤخرا، أول أنطولوجيا عربية عن الشعر الألماني بعنوان "ظلال ورد ظلال.. الشعر الألماني من غوته إلى اليوم"، ترجم فيها أبرز النصوص الشعرية لأعلام هذا الأدب من ألمانيا، النمسا وسويسرا، بهدف فتح ذهن القارئ وإثراء الساحة الأدبية العربية لنوع أدبي كان منسيا. هذا العمل الذي نشر ضمن مشروع سلسلة "زهرة للآداب" عن منشورات "جمعية البيت للثقافة والفنون"، بدعم من الصندوق العربي للثقافة، يضم نصوصا شعرية لـ 42 شاعرا ناطقا باللغة الألمانية، احتوتها 387 صفحة، حاول من خلالها توفيق تقديم صورة شاملة للشعر الألماني بمختلف أشكاله ومدارسه، متبوعا بمدخل نقدي وتعريف لكل شاعر ودوره في الحركة الشعرية، وصولا لمختارات من أجمل ما ألفه هؤلاء الشعراء.
استهل الكاتب مؤلفه بمقدمة، أبرز فيها تاريخ وبدايات الأدب الألماني، ذاكرا أبرز أعلامه، بداية من الثورة الأدبية في ألمانيا، وظهور مدارس اهتمت بالشعر، مرورا بفترة حكم هتلر وتأثير الحربين العالميتين على تقهقر الأدب الألماني، وصولا إلى الشعر الحديث الذي ولد من حطام النزاعات، حيث رصد الشعراء يوميات جيل ثائر عانى الويلات وتذوق مرارة الفقر والحرمان، هذا ما خلق تيارا جديدا حاول إيقاظ ضمير الأمة، عن طريق اللعب بالكلمات، فظمأ القلب لا ترويه إلا الكلمة الطيبة. احتوى الكتاب مختارات أدبية لشعراء وشاعرات من أجيال متعددة، اختلفت مشاريعهم الثقافية وبنياتهم الاجتماعية، حيث تناول الكاتب نصوص شعراء المدرسة الكلاسيكية كشيلر، نوفاليس، هولدريس، وكذا غوته الذي تأثر بالشعراء العرب، أمثال امرئ القيس، المتنبي وعنترة بن شداد، مما أعطى مؤلفاته نوعا من الدفء والروحانية، فكان مطلعا على القرآن الكريم وكتاب "ألف ليلة وليلة"، كما ألف ديوانا شعريا أسماه “الديوان الشرقي الغربي”، استهله بقصيدة تحت عنوان "هيجيري"، تيمنا بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما اعتبر الوطن العربي أرض الشعراء، ووجد غوته في الطبيعة ملاذا له، فاعتبرها مصدر إلهام، كما حاول خلق تناسق بين عناصر الطبيعة وتحويلها لكلمات.
من جهة أخرى، وعند ترجمته لنصوص بدايات القرن العشرين، أبرز توفيق تأثير الحربين العالميتين على الشعراء الألمان، أمثال غوتفريد بن الذي حاول الهروب من واقع أوروبا المرير، باللجوء للتأليف، خاصة بعد تجربته كجراح في مستشفيات ألمانيا. إضافة إلى النماذج الشعرية الشابة لنهايات القرن العشرين، أمثال رولف هاوفز، غونتر كونرت وهاينر مولر. للإشارة، ولد الشاعر والروائي السوري سليمان توفيق في بيروت سنة 1953 وترعرع بدمشق، قرر الهجرة لألمانيا وهو في ربيعه الـ18، درس الأدب المقارن والفلسفة، ليبدأ بعدها مسيرته الأدبية، حيث يمتلك روايات ودواوين شعرية وكتب أطفال باللغة الألمانية، كما ساهم في ترجمة أعمال مختلفة من الأدب العربي إلى الألمانية.