المختص في السياسات الاجتماعية نور الدين بودربة لـ"المساء":

جاهزية نقابية للجزائر في الدورة القادمة للمنظمة الدولية للشغل

جاهزية نقابية للجزائر في الدورة القادمة للمنظمة الدولية للشغل
نور الدين بودربة، المختص في السياسات الاجتماعية
  • 318
شريفة عابد شريفة عابد

❊ ضرورة تحسيس العمال بتدابير النشاط النقابي الجديدة للاستفادة منها

أكد نور الدين بودربة، المختص في السياسات الاجتماعية، أن مشروع القانون الخاص بممارسة الحق النقابي الذي سيصدر قريبا بعد تمريره على مجلس الأمة هذا الأسبوع، سيضع الجزائر في أريحية أمام المنظمة الدولية للشغل، في دورتها القادمة المقرر عقدها شهر جوان القادم. وقال بودربة، في تصريح لـ"المساء" إن مشروع القانون سيمكّن عمال قطاعات مختلفة من تأسيس نقابات مشتركة ليست بالضرورة قطاعية، وكذا السماح للأجانب بالتواجد في قيادة هذه النقابات، مقترحا تحسيس العمال للاستفادة من هذه المزايا وكذا دعم الدولة للعمل النقابي في القطاع الخاص الذي يكاد يكون منعدما.

وستكون الجزائر بفضل هذا القانون بمجرد المصادقة، قد حققت خطوة إيجابية في مجال التزامها بممارسة الحق النقابي على الصعيد الدولي، بمناسبة انعقاد الدورة القادمة للمنظمة الدولية للشغل، وخاصة في مجال إنشاء نقابات مشتركة متعددة القطاعات، وكذا تمكين العمال الأجانب بالجزائر من التواجد في الهياكل القيادية للنقابات على غرار ما يستفيد منه العمال الجزائريون بالخارج. وقال بخصوص آجال تمكين الأجانب من الاستفادة من هذا الحق، وهل يستدعي ذلك عقد مؤتمرات مسبقة للنقابات لتمكينهم من حق العضوية الجديدة التي منحت لهم في إطار التشريع الجديد، ذكر بودربة، أن ذلك مرتبط بانتهاء العهدات النقابية الحالية، كما أن الفدراليات والتنظيمات النقابية ليست مضطرة لحل هياكلها للتكييف مع تدابير النص الجديد، بل ستنتظر نهاية عهدتها الانتخابية لعقد مؤتمراتها أو جمعياتها  العامة قصد التكيف مع أحكام التشريع الجديد.

ولفت بودربة، إلى أن العمال غير المنخرطين في نقابات عمالية ويكونون في قطاعات  ليس لها تمثيل نقابي الحق في تأسيس نقابات وفق تدابير القانون الجديد بمجرد صدوره في الجريدة الرسمية. كما نبّه الخبير، إلى أن العمال الأجانب لهم الحرية الكاملة في الانضمام إلى قيادة النقابات أو البقاء في صفوف العمال، وذلك حسب قوة تمثيلهم في القطاع، مؤكدا في السياق أن عدد العمال الأجانب في الجزائر محدود، وتواجدهم منحصر في قطاع البناء والأشغال العمومية والري وبعض الصناعات الخفيفة، كما أن أغلبيتهم ينشطون في القطاع الخاص وليس العام. وسيكون في مقابل ذلك من حق عمال عدة قطاعات تشكيل نقابات مشتركة، حيث يمكن تشكيل نقابة تضم صحفيين وعمال المطابع ضمن مكسب سيسهل العمل النقابي ويحفزه أكثر. وسجل بودربة، من جهة أخرى نقصا كبيرا في تشكيل النقابات في مؤسسات القطاع الخاص بشكل جعل حقوق العمال منتهكة، حيث أكد في ذلك على أهمية مراجعة سياسة الدولة لتصحيح هذا الاختلال، بربطها منح الدعم والمشاريع لمؤسسات القطاع الخاص بضمان الحماية الاجتماعية لعمالها، وبمدى التزامها بتأمينهم اجتماعيا، وأيضا السماح لهم بتكوين فروع نقابية تكفل حقوقهم من كل أشكال الانتهاكات والمساومة.

وذكر أن الكثير من الدول تعتمد على مثل هذه المقاربة لترقية ظروف العمل والحقوق النقابية في القطاع الخاص، حيث يوجد الكثير من العاملين فيه غير مؤمّنين اجتماعيا الأمر الذي يحول دون تمكنهم من ممارسة أي نشاط نقابي. وهو ما جعله ينصح بضرورة تدخل مفتشي العمل، لتصحيح هذا الوضع سيما وأن عدم التأمين الاجتماعي يثقل كاهل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يعتمد في تغطية عجزه على خزينة الدولة، بدل رفع تمويله بالاشتراكات العمالية بشكل قانوني. وتأسف بودربة، على الجزاء الذي جاء به القانون الجديد في حق التعسف النقابي، حيث حذف عقوبة السجن في حالة العودة المحددة في التشريع الحالي ما بين شهر إلى ستة أشهر، حتى وإن رفع قيمة الغرامات المالية في حالة العودة ضمن المادة 59 من القانون 10-90 التي نصت على أن كل تعد على الحق النقابي يكلف غرامة بمليون سنتيم الى 5 ملايين سنتيم وارتفاعها من 5 إلى 10 ملايين سنتيم.

كما انتقد المتحدث، عدم توازن العقوبات المسلطة على من يسير نقابة تم حلّها أو يشارك في أنشطتها، أو يقدم تسهيلا لها كمنح مقر ومن يقوم بعرقلة النشاط النقابي التي جاءت أشد من الأولى التي تشمل عقوبة سجن من شهرين إلى سنتين سجنا نافذا، وارتفاع الغرامة في القانون الحالي بعد مضاعفتها إلى 10 ملايين سنتيم. وأكد في الأخير على أهمية التحسيس بتدابير القانون النقابي الجديد حتى يستفيد العمال من تدابيره الجديدة في مجال تشكيل النقابات متعددة القطاعات، وانخراط الأجانب في عضوية الهياكل القيادية للنقابات، وأيضا التمكن من الفصل بين العمل النقابي والسياسي خاصة وأن بعض المنظمات وكنفدريات أرباب العمل مثلا تضطر لممارسة السياسة عند مناقشتها لسياسات العمومية للاستثمار أو الشغل، وغيرها من الملفات الأخرى ذات الصلة بالسياسة والنشاط النقابي في نفس الوقت، وهو ما يجب تداركه عبر تدابير قانونية تمكن المهنيين من ممارسة حقهم النقابي، دون الوقوع في مطبّة العقوبات التي جاء بها المشروع الجديد المحدد للنشاط النقابي في الجزائر.