عرض مشروع قانون سلطة الشفافية ومكافحة الفساد.. طبي:

استحداث هيئة للتحري في الثراء الفاحش لدى الموظفين

استحداث هيئة للتحري في الثراء الفاحش لدى الموظفين
وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي
  • القراءات: 759
شريفة عابد شريفة عابد

إنهاء العمل بالرسائل المجهولة

أعلن وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، عن استحداث هيئة جديدة تقوم بالتحري الإداري والمالي في مظاهر الثراء لدى الموظفين العموميين، وذلك لتدارك النقائص التي أفرزتها التجربة الميدانية والممارسة القضائية، فيما يتعلق بتطبيق مكافحة جريمتي الثراء غير المشروع وتعارض المصالح المعاقب عليها في القانون 01/06 لسنة 2006، المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، تطبيقا لتوصيات السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مشيرا في سياق متصل إلى أن النصّ ينهي العمل بصفة قطعية بالرسائل المجهولة في التبليغات المتعلقة بمكافحة الفساد.

واقترح السيد طبي خلال عرضه لمشروع القانون الخاص بتنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، أمس، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، إنشاء هيئة جديدة تضبطها أحكام إضافية تلحق بالنص، تشدّد الرقابة على الثراء الفاحش لدى الموظفين العموميين الذين يلجؤون إلى استغلال مناصبهم، "كاستدراك جاء في إطار تطبيق التوصيات التي أسداها السيد رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء الذي انعقد بتاريخ 2 جانفي الفارط". وذكر الوزير، أن الهيئة الجديدة تتولى مهمة التحري في مظاهر الثراء الفاحش لدى الموظفين العمومين، مضيفا أن النص خال من أي آلية تقوم بمهمة التأكد من التصريح بالممتلكات. ولهذا تهدف الأحكام المقترحة، حسب ممثل الحكومة، إلى إنشاء آلية توضع لدى السلطة  تقوم بمهام التحري الإداري والمالي في الثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي، كما تراعي الأحكام إثراء القانون الساري  المفعول في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، بما يتماشى والمعايير الدولية وما يحقق الموازنة بين الفعالية واحترام الحقوق الأساسية وتفادي أي تداخل في الصلاحيات بين الهيئات الموجودة حاليا كالسلطة القضائية أو مجلس المحاسبة.

ولفت الوزير، إلى أن استحداث الهيئة الجديدة، جاء في  إطار تدارك النقائص التي أفرزتها التجربة الميدانية والممارسة القضائية، فيما يتعلق بتطبيق قانون مكافحة جريمتي الثراء غير المشروع وتعارض المصالح الذي عرف تطبيقات محدودة على أرض الواقع. من هذا المنطلق تقترح الأحكام الجديدة إعطاء السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، صلاحيات التحري الإداري والمالي في حال الثراء غير المشروع أو غير المبرر، الذي يكون فيه الموظف العمومي غير قادر على تبرير مصادر ثرائه المفرط. كما يمكن أن تشمل التحريات التي تجريها هذه الهيئة أي شخص يحتمل أن تكون له علاقة بالتستر على الثروة غير المبررة للموظف العمومي، في حال تبين أن هذا الأخير هو المستفيد الحقيقي منها وتكريسا للطابع الوجاهي الذي يطبع عمل هذه السلطة في هذا المجال. ويمكن لهذه الهيئة أن تطلب توضيحات مكتوبة أو شفوية من الموظف العمومي أو الشخص المعنوي.

وقصد حماية الأملاك المعنية وتجنب التصرف فيها،  يقترح الاستدراك المدرج، أن تطلب السلطة العليا من وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد استصدار تدابير تحفظية لتجميد عمليات مصرفية أو حجز ممتلكات عن طريق أمر يصدره رئيس المحكمة ويمكن الاعتراض عليه والاستئناف فيه، تكريسا لحق الدفاع ومبدأ التقاضي على درجتين. وفي حال انقضاء الدعوة العمومية بالتقادم أو في حالة وفاة المتهم يمكن لوكيل الجمهورية، بالنظر إلى ما هو متوفر لديه من عناصر، أن يبلغ الوكيل القضائي للخزينة، قصد طلب مصادرة الأملاك والممتلكات المجمّدة أو المحجوزة تحفظيا عن طريق دعوة مدنية مع مراعاة حسن النية. وتأتي هذه التدابير الجديدة في إطار التصدي لعملية بيع المحجوزات من قبل المقربين من الضالعين في قضايا الفساد التي كشفت عنها العدالة، حيث تبين تدخل البعض لبيعها بطرق ملتوية، ومن أبرز الأمثلة عمليات بيع محجوزات تابعة لرجل الأعمال المتابع قضائيا محي الدين طحكوت.

وبعد أن أبرز الوزير، السياق العام الذي جاء في إطاره المشروع، كالتكيف مع أحكام المادة 204 من الدستور، والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر في هذا المجال سنة 2014، ومنها الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، تناول أهم محاور هذا النص، حيث تتشكل الهيئة من رئيس يعينه رئيس الجمهورية لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، و12 عضوا يعينون بمرسوم رئاسي لخمس سنوات غير قابلة للتجديد، 3 منهم يختارهم رئيس الجمهورية، وقاضيان من المحكمة العليا ومجلس الدولة، يختارهما المجلس الأعلى للقضاء وقاض من مجلس المحاسبة يختاره هذا الأخير، بالإضافة إلى 3 شخصيات مستقلة يختارون من قبل رئيسي غرفتي البرلمان والوزير الأول على أساس الكفاءة، على أن يكونوا مختصين في المالية والقانون، وأخيرا 3 شخصيات من المجتمع المدني يتم اختيارهم من قبل المرصد الوطني للمجتمع المدني.

كما أشار الوزير إلى أن المشروع يقترح إصلاحا مؤسساتيا لتكريس مبادئ النزاهة والشفافية كقواعد لأخلقه الحياة العامة، وخلق مناخ نزيه لتسيير الشؤون العمومية وتوجيه الموظفين في مختلف المؤسسات إلى تكريس النزاهة في عملهم، فضلا عن الحد من الحلول الجزائية التي أثبت عدم نجاعتها في كل المجالات وتأثيرها السلبي على مناخ الأعمال وروح المبادرة لدى المسيرين، وهذا في إطار عدم  تداخل بين الصلاحيات الخاصة بالهيئة والجهات القضائية ومجلس المحاسبة، حيث تخطر السلطة النائب العام المختص اقليما عندما يكون لديها ملفات فساد وتخطر مجلس المحاسبة، إذ توصلت إلى أفعال تندرج ضمن مهامه وتوافيه بجميع الوثائق والمعلومات ذات الصلة.

مراجعة قانون الوقاية من الفساد ومكافحته خلال السنة الجارية

من جانب آخر، أشار طبي، إلى أن القانون 01/06  المؤرخ في فيفري 2006، المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، عرف تطبيقات محدودة، وقد برمت عملية تعديل النص قبل نهاية السنة الجارية، في الاتجاه الذي يسمح بتعزيز الأحكام المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته، وتلك المتعلقة باسترداد الأموال المنهوبة،  كما سيتم حذف من النص الأحكام المتعلقة بالهيئة الوطنية الحالية للوقاية من الفساد ومكافحته.

تلقي التصريحات بالممتلكات أهم مهمة للسلطة

وتعد مهمة تلقي التصريحات بالممتلكات وضمان معالجتها ومتابعة ومراقبة مدى امتثال والتزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية اقتصادية والجمعيات لمعايير الشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، أهم صلاحية منوطة بسلطة الشفافية. كما تتأكد من الأنظمة التي تضعها ومدى جودتها وفعاليتها، وتصدر توصيات تهدف إلى مساعدة الهيئات السالفة الذكر في وضع تدابير مناسبة لكل هيئة ومؤسسة معنية بمجال مكافحة الآفة وتطبيق معايير الشفافية.

كما تتدخل السلطة تلقائيا في حال تم إخطارها أو لاحظت وجود خروقات، من خلال توجيه اعذارات للمعني وإخطار النائب العام المختص في حال عدم التصريح بالممتلكات والأملاك. وتقوم بإصدار الأوامر في حال معاينة التأخير في إيداع التصريحات ومعاينة نقائص في المعلومات التي تتضمنها في أو عدم الرد عند طلب استفسارات ومعلومات أو تسجيل القصور في التدابير المتخذة على مستوى الإدارات والمؤسسات.

نهاية العمل بالرسائل المجهولة

وأكد الوزير، أن النصّ ينهي بصفة قطعية للعمل بالرسائل المجهولة، في عمليات التبليغ عن الفساد، وهذا من خلال الشروط التي أوردها في مجال الإخطار، أهمها أن يكون التبليغ مكتوبا وموقعا ويتضمن معلومات كافية عن هوية المبلغين. كما يشمل البلاغ عناصر كافية لتحديد هوية المبلغ مثلما حددته المادة 5 من النص.

رقابة على الأنشطة الخيرية لحمايتها من الفساد

وفي إطار إشراك المجتمع المدني في عملية مكافحة الفساد، توضع شبكة تهدف إلى تغطية أنشطة المجتمع المدني في مجال الشفافية ومكافحة الفساد وتطبيق قواعد الشفافية في تنظيم الأنشطة الخيرية والثقافية والرياضية في المؤسسات العمومية والخاصة. وتقوم ذات الهيئة بجمع ومركزة واستغلال، ونشر أي معلومات وتوصيات من شأنها أن تساعد الإدارات العمومية أو أي شخص طبيعي أو معنوي في الوقاية من الفساد وكشفها، كما تقوم بالتقييم الدوري للأدوات القانونية المتعلقة بالشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والتدابير الإدارية وفعاليتها في مجال الشفافية والوقاية من الفساد مع اقتراح الآليات المناسبة لتحسينها، والعمل على تطوير التعاون مع الهيئات والمنظمات المختصة بالوقاية من الفساد ومكافحته على المستويين الجهوي والدولي، وتبادل المعلومات مع الأجهزة والمصالح المختصة بمكافحة الفساد. وترفع الهيئة تقريرا سنويا حول نشاطها إلى رئيس الجمهورية مع إعلام الرأي العام بمحتواه، حيث يشمل معطيات حول مدى تنفيذ تدابير وإجراءات الشفافية والوقاية.

 


 

دعوا لانتخاب أعضاء سلطة الشفافية بدلا من تعيينهم.. نواب: الرسائل المجهولة قد تفيد في ردع المفسدين !

انتقد نواب المجلس الشعبي الوطني، تخلي السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، عن العمل بالرسائل المجهولة في عملية مكافحة الفساد، مقدرين بأن لهذه الألية أثر بليغ في ردع  المفسدين. واستشهدوا في ذلك مستشهدين بنجاح عمليات وقف عمليات فساد "بالاعتماد على هذه الآلية الناجعة". كما اقترحوا من جانب آخر اعتماد آلية انتخاب أعضاء سلطة الشفافية بدلا من التعيين، "ضمانا لعدم تستر الأعضاء لاحقا على قضايا فساد بسبب الولاءات"

وشكل اعتراض النواب عن الإجراء المتعلق بتخلي السلطات العمومية عن العمل بالرسائل المجهولة، خلال جلسة مناقشتهم لمشروع نصّ القانون الخاص بالسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، قاسما مشتركا بين كافة المتدخلين خلال الجلسة، حيث أكد النائب عن الأفلان سعيد حمسي، أن "المادة 5 من النص ستجعل السلطة ميتة" على اعتبار، أن معظم ملفات الفساد التي تم فتحها كانت بناء على تبلغيات برسائل مجهولة، مضيفا بأن اشتراط النص لضرورة وجود عناصر كافية لتحديد هوية المبلغين، لا ينسجم وآلية حماية المبلغ، حيث استدل في هذا الإطار بما عرفته الساحة القضائية من انقلاب على عديد المبلغين، الذين تعرضوا للمتابعات الجزائية والتأديبية لمجرد تبليغهم عن قضايا الفساد. كما لفت النائب إلى أن "المادة 7 تتعارض والصلاحيات الممنوحة لوسيط الجمهورية وصلاحيات  المفتشية العامة للرئاسة الجمهورية"، مشيرا إلى أنها تمس باختصاصات القضاء الإداري. واقترح إنشاء فروع للسلطة بالولايات، موصيا بالتقيد بشروط الكفاءة المالية والقانونية في التعيينات الشخصيات بمجلس السلطة.

وانتقد زميله في الكتلة زكريا بدرون، التخلي عن العمل بالرسائل المجهولة وطالب بحماية إضافية للمبلغين، خارج التدابير الواردة في قانون العقوبات من أجل تشجيعهم. وانخرط في الاقتراح النائب عز الدين زحوف عن "حمس"، الذي انتقد هو الآخر الصلاحيات المحدودة للسلطة والتخلي عن الرسالة المجهولة،  معترضا عن خيار التعينات في مجلس السلطة بدل الانتخابات، نفس النقطة انطلق منها زميله في الكتلة هشام بن حداد، الذي أشار إلى أن الفساد منتشر في الكثير من المؤسسات، داعيا إلى أن تكون للسلطة فروع بالولايات، مع إشراك الإعلام في الكشف عن الفساد.

أما النائب عن الأفلان أحمد رابحي، فثمن من جهته، دسترة الهيئة. ونبّه إلى خلو النص من تحفيزات ومكافآت مالية ووظيفية للمبلغين عن الفساد، عكس ما تعتمده تجارب دول أخرى كالسعودية ولبنان، ولفت إلى أن الرسائل المجهولة في عديد البلدان لازالت تأخذ بعين الاعتبار ويعمل بها النواب العامون، ومصالح الشرطة. وطالب بأن تشمل عملية مكافحة الفساد بعض المجالات المهمة، في مقدمتها الانتخابات، الجمعيات، الصفقات العمومية، طرق منح الإشهار والترقية العقارية والدواوين الفلاحية. إلى ذلك دعا النائب عن كتلة الأحرار بحري البشير، إلى حماية المبلغين، منتقدا الثراء الفاحش لبعض المنتخبين بعد نهاية عهدتهم الانتخابية. كما سجل أهمية إشراك "المجتمع المدني النزيه وليس ذلك الذي يركب الامواج ويتسلق وينعدم لديه الضمير المجتمعي".