التبادل الترجميّ بين الجزائر وإيطاليا

تقاليد جديدة في النشر المشترك

تقاليد جديدة في النشر المشترك
  • القراءات: 478
نوال جاوت نوال جاوت

شكّل موضوع "ترجمة الروايات الجزائرية في إيطاليا، وترجمة الروايات الإيطالية في الجزائر"، موضوع الندوة التي احتضنها الجناح الإيطالي ضيف شرف الدورة الجارية من صالون الجزائر الدولي للكتاب، أول أمس السبت، حيث أجمع المشاركون على ضرورة إرساء تقاليد جديدة تدعم النشر المشترك، وتفتح آفاقا تشاركية في مجال النشر والترجمة. اللقاء الذي أدارته باولا كاريدي، تناول في جزئه الأول، تجارب الروائيين عدلان مدي وسمير تومي، والناشر سفيان حجاج (منشورات البرزخ) من الجانب الجزائري، فيما مثل الجانب الإيطالي مسؤولا داري النشر "أورما" و"روبيتينو"، اللتين خاضتا تجربة ترجمة ونشر الأعمال الجزائرية.

وفي هذا السياق، تحدّث مدي عن ترجمة عمله الروائي "1994" الصادرة عن دار "البرزخ"، إلى الإيطالية لدى دار هوبفول مونستر، حيث أشار إلى أن  هذا العمل استعادي، يتبع مسار 4 شباب من الحراش خلال العشرية السوداء، مؤكدا أن الترجمة إلى الإيطالية تعكس مختلف الروابط التي تجمع البلدين، ويمكن اعتبارها انعكاسات مهمة للغاية. وقال: "من المهم فهم الإيطالي، فوراء كل السياقات هناك تقارب ثقافي وحتى لساني. ويوجد بصمات متبادلة، وهو شيء مهم للغاية"ومن جانبه، استعرض مدير دار "البرزخ" سفيان حجاج، معوقات نشر الأعمال الجزائرية في إيطاليا، حيث أكد أن معظم الأعمال التي نُشرت بالإيطالية مرت عبر دور النشر الفرنسية باستثناء واحد أو اثنين. وقال: هناك اهتمام إيطالي كبير بالأدب الجزائري، خاصة أن سوق الكتاب في إيطاليا متنوع، ويسع مختلف التجارب، من خلال أقطاب نشر قوية"، مشيرا إلى أن هذا الاهتمام متعدد، ما يجعل الناشرين الإيطاليين يسعون للتعرف على الآخر وقرائه، مع البحث عن إمكانية طبع أعمال جزائرية بدون المرور بدور النشر الفرنسية، وهو ما يسمح بتقديم الأشياء بطريقة مغايرة عما هو موجود.

وأضاف حجاج أن النشر في إيطاليا أسهل منه في إسبانيا التي لديها تقاليد غير قابلة للتغيير، فعالم النشر في إيطاليا منفتح على الآخر رغم كونها بلدا صغيرا لسانيا. وقال: "وهو ما يجعلنا نعمل على ولوجها أكثر، وبقوة".  سمير تومي، من جهته، تناول في تدخّله، تجربة ترجمة رواية "الجزائر العاصمة، الصرخة"، إلى الإيطالية عن دار النشر "أستارت". وقال إنه نص مليء بالمشاعر، ويحمل انعكاسا للانتماء المتوسطي، مشيرا إلى أن العمل الترجمي يجمع بالدرجة، الأولى، كاتبا بناشر للوصول إلى القارئ. واعتبر تجربته مغامرة أدبية جميلة. وأضاف أن علاقته بدار النشر لم تنته بصور العمل، ولكن تدعمت بالمتابعة والتشجيع. لمتدخلون الإيطاليون استعرضوا واقع النشر والترجمة بين البلدين، وكذا الوتيرة التي يعرفها سوق صناعة الكتاب، منوهين بالجهود التي تقوم بها عدد من دور النشر، على غرار "البرزخ" و"القصبة"، التي تعمل على إيصال الأدب الجزائري إلى القارئ الإيطالي، وبالتالي فتح نوافذ على عوالم متوسطية جديرة بالاكتشاف.

وفي هذا الشأن، قالت ممثلة "أستارت" إن الدار انطلقت في العمل مع سمير تومي من فكرة "متوسطية"، مشيرة إلى الرغبة في المطالبة بهذه الهوية، وبالتالي خلق حوار يجمع ضفاف المتوسط، والالتفاف حول قاسم مشترك. الجزء الثاني من اللقاء نشطه مدير مؤسسة "فيلترينيلي" ماسيميليانو تارنتينو، إلى جانب ممثلي داري "أورما" و"روبيتينو"، بحضور عبد الرحمان علي باي عن دار القصبة، حيث أثير موضوع "شبه القطيعة" الموجودة بين إيطاليا والجزائر في مجال النشر، وسبل تصحيح الوضع القائم. وفي السياق، أكد ممثل "روبيتينو" أن من المهم مد الجسور وتبادل الآراء والتصورات، معتمدين في ذلك على الثراء المتوسطي، حيت لايزال هناك الكثير لإبرازه وتثمينه، قائلا: "الناشرون بمثابة صائدي العصافير النادرة"، يبحثون، دوما عن المتميز.

أما مدير مؤسسة "فيلترينيلي" ماسيميليانو تارنتينو، فأشار إلى أن النظرة الأوروبية للحوض المتوسطي، لم تكن، يوما، قائمة على المرتكزات الثقافية، ولكن مبنية على المصالح، عكس البلدان المطلة على المتوسط، التي تحمل رؤية مخالفة، إذ غالبا ما تثير مسألة الجسور والقواسم الثقافية المشتركة. واعتبر المتحدث أن التواجد في الصالون فرصة لتغيير هذه النظرة، وبعث سبل جديدة ومخالفة، تمهيدا لأرضية جديدة، تكون أكثر انفتاحا. وفي تدخّله، اعتبر عبد الرحمان علي باي أن دار "القصبة" كانت محظوظة بخوضها غمار النشر المشترك مع نظيراتها الإيطالية، متمنيا أن يترجم الناشرون الإيطاليون أعمال الأدباء الجزائريين. واعتبر أن مهنيّي الكتاب في الجزائر يرغبون في العمل مع الإيطاليين للتعريف بكل مقومات التاريخ، وشتى أشكال الإبداع الجزائري