مدينة العلم والفن تحيي شهر التراث

قسنطينة تتعبق وردا وتتوشح زهرا

قسنطينة تتعبق وردا وتتوشح زهرا
  • 677
ز. زبير ز. زبير

جابت القافلة الخاصة بمهرجان تقطير الزهر والورد، الإثنين الفارط، أهم شوارع مدينة قسنطينة انطلاقا من ملعب "الشهيد بن عبد المالك رمضان"، نحو ساحة "دنيا الطرائف" وسط المدينة، على أنغام العيساوة، ووسط حضور لافت للخيالة المزينين بالأعلام الوطنية على وقع طلقات البارود، مع مشاركة مميزة لفرق فلكلورية، عكست تراث المدينة من خلال عروض في الهواء الطلق لنساء يرتدين الزي التقليدي القسنطيني في شكل الملايا. كما ضمت القافلة سيارة تحمل عددا كبيرا من الأزهار والورد، إضافة إلى مشاركة الفرقة النحاسية لفوج "الرجاء" للكشافة الإسلامية.

افتتح والي قسنطينة السيد مسعود جاري، فعاليات شهر التراث بالمركز الثقافي "محمد العيد آل الخليفة" بوسط المدينة، حيث ثمّن استمرار حرفة تقطير الورد والزهر المتوارثة عن الأمهات والجدات، معتبرا أن العروض المقامة عبر مختلف المناطق ودور الثقافة، كانت في مستوى الحدث، خاصة أنها جاءت من طرف حرفيين مختصين في المجال وجمعيات نشطة، لم تفرط في هذه الحرفة. كما تحدّث الوالي عن رفع التجميد عن العديد من المشاريع التي تعنى بالمدينة القديمة. وقال إن قسنطينة معروفة بكونها مدينة حضارية وثقافية، مضيفا أن السلطات الولائية تعمل على استرجاع وجه قسنطينة الثقافي والسياحي. وستباشر، خلال الأيام المقبلة، أشغال العديد من المشاريع لترميم بعض المعالم عبر الأحياء القديمة، على غرار السويقة والقصبة، حتى تعود المدينة إلى مجدها بعد أن تقرر رفع التجميد عن 8 عمليات ترميم، بغلاف مالي في حدود 300 مليار سنتيم.

وتجوّل الوالي رفقة الوفد المرافق له، في أجنحة المعرض، التي ضمت ورشات حية لحرفيّي تقطير الورد والزهر ومختلف الأعشاب الطبية التي تُستخدم في العلاج والتجميل. كما ضم المعرض أجنحة لحرفيي الحلويات التقليدية، وصناعة الحلفة والنحاس، وغير ذلك من الصناعات التقليدية المعروفة بولاية قسنطينة. وأكد أن السلطات المحلية ستعمل على استرجاع هذه التقاليد الثقافية والحرفية التي ستثري الجانب السياحي والثقافي للمدينة. كما كرّم حرفيين ممن ساهموا في الحفاظ على حرفة تقطير الزهر والورد، والحفاظ على العادات والتقاليد العريقة بالولاية. الحرفيون المشاركون في المعارض الذين ربطوا المهرجان بفصل الربيع، أكدوا أن عادة تقطير ماء الزهر والورد، كانت تجعل من بيوت قسنطينة تعبق بالعطور والروائح الزكية.

وتتحدث العادة عن لباس خاص خلال عملية التقطير، حيث ترتدي السيدات قندورة بيضاء عند تقطير الزهر، ووردية عند تقطير ماء الورد، مشيرين إلى أن ماء التقطير يُستخدم في تحضير العديد من الأطباق التقليدية، كمكون في العديد من الحلويات، على غرار المقرود، وخبز الدار والشريك. أما الحلويات التقليدية التي يستخدم فيها ماء الورد المقطر، فتضم البقلاوة، والقطايف، وطمينة اللوز ومقرود اللوز. للإشارة، ترجع عادة تقطير الزهر بقسنطينة، حسب العارفين في هذا الميدان، إلى 1620 ميلادية، إبان حكم الدولة العثمانية، حيث أهدى صيني شجرة الزهر لإحدى عائلات المدينة من أصل تركي، فقام أفرادها بغرس تلك الشجرة بمنطقة الحامة، ومع مرور الزمن انتشرت، بشكل واسع، في بساتين لاتزال موجودة إلى اليوم. وهناك من الأشجار ما يزيد عمرها على 260 سنة.